عبارات مورد جستجو در ۱۴۸ گوهر پیدا شد:
نهج البلاغه : خطبه ها
تشویق به شتاب در کارهای نیک
و من خطبة له عليهالسلام في الوصية بأمور التقوى أُوصِيكُمْ أَيُّهَا اَلنَّاسُ بِتَقْوَى اَللَّهِ وَ كَثْرَةِ حَمْدِهِ عَلَى آلاَئِهِ إِلَيْكُمْ وَ نَعْمَائِهِ عَلَيْكُمْ وَ بَلاَئِهِ لَدَيْكُمْ
فَكَمْ خَصَّكُمْ بِنِعْمَةٍ وَ تَدَارَكَكُمْ بِرَحْمَةٍ أَعْوَرْتُمْ لَهُ فَسَتَرَكُمْ وَ تَعَرَّضْتُمْ لِأَخْذِهِ فَأَمْهَلَكُمْ
الموت وَ أُوصِيكُمْ بِذِكْرِ اَلْمَوْتِ وَ إِقْلاَلِ اَلْغَفْلَةِ عَنْهُ وَ كَيْفَ غَفْلَتُكُمْ عَمَّا لَيْسَ يُغْفِلُكُمْ وَ طَمَعُكُمْ فِيمَنْ لَيْسَ يُمْهِلُكُمْ
فَكَفَى وَاعِظاً بِمَوْتَى عَايَنْتُمُوهُمْ حُمِلُوا إِلَى قُبُورِهِمْ غَيْرَ رَاكِبينَ وَ أُنْزِلُوا فِيهَا غَيْرَ نَازِلِينَ فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا لِلدُّنْيَا عُمَّاراً وَ كَأَنَّ اَلْآخِرَةَ لَمْ تَزَلْ لَهُمْ دَاراً
أَوْحَشُوا مَا كَانُوا يُوطِنُونَ وَ أَوْطَنُوا مَا كَانُوا يُوحِشُونَ وَ اِشْتَغَلُوا بِمَا فَارَقُوا وَ أَضَاعُوا مَا إِلَيْهِ اِنْتَقَلُوا لاَ عَنْ قَبِيحٍ يَسْتَطِيعُونَ اِنْتِقَالاً وَ لاَ فِي حَسَنٍ يَسْتَطِيعُونَ اِزْدِيَاداً أَنِسُوا بِالدُّنْيَا فَغَرَّتْهُمْ وَ وَثِقُوا بِهَا فَصَرَعَتْهُمْ
سرعة النفاد فَسَابِقُوا رَحِمَكُمُ اَللَّهُ إِلَى مَنَازِلِكُمُ اَلَّتِي أُمِرْتُمْ أَنْ تَعْمُرُوهَا وَ اَلَّتِي رَغِبْتُمْ فِيهَا وَ دُعِيتُمْ إِلَيْهَا وَ اِسْتَتِمُّوا نِعَمَ اَللَّهِ عَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ عَلَى طَاعَتِهِ وَ اَلْمُجَانَبَةِ لِمَعْصِيَتِهِ فَإِنَّ غَداً مِنَ اَلْيَوْمِ قَرِيبٌ
مَا أَسْرَعَ اَلسَّاعَاتِ فِي اَلْيَوْمِ وَ أَسْرَعَ اَلْأَيَّامَ فِي اَلشَّهْرِ وَ أَسْرَعَ اَلشُّهُورَ فِي اَلسَّنَةِ وَ أَسْرَعَ اَلسِّنِينَ فِي اَلْعُمُرِ
فَكَمْ خَصَّكُمْ بِنِعْمَةٍ وَ تَدَارَكَكُمْ بِرَحْمَةٍ أَعْوَرْتُمْ لَهُ فَسَتَرَكُمْ وَ تَعَرَّضْتُمْ لِأَخْذِهِ فَأَمْهَلَكُمْ
الموت وَ أُوصِيكُمْ بِذِكْرِ اَلْمَوْتِ وَ إِقْلاَلِ اَلْغَفْلَةِ عَنْهُ وَ كَيْفَ غَفْلَتُكُمْ عَمَّا لَيْسَ يُغْفِلُكُمْ وَ طَمَعُكُمْ فِيمَنْ لَيْسَ يُمْهِلُكُمْ
فَكَفَى وَاعِظاً بِمَوْتَى عَايَنْتُمُوهُمْ حُمِلُوا إِلَى قُبُورِهِمْ غَيْرَ رَاكِبينَ وَ أُنْزِلُوا فِيهَا غَيْرَ نَازِلِينَ فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا لِلدُّنْيَا عُمَّاراً وَ كَأَنَّ اَلْآخِرَةَ لَمْ تَزَلْ لَهُمْ دَاراً
أَوْحَشُوا مَا كَانُوا يُوطِنُونَ وَ أَوْطَنُوا مَا كَانُوا يُوحِشُونَ وَ اِشْتَغَلُوا بِمَا فَارَقُوا وَ أَضَاعُوا مَا إِلَيْهِ اِنْتَقَلُوا لاَ عَنْ قَبِيحٍ يَسْتَطِيعُونَ اِنْتِقَالاً وَ لاَ فِي حَسَنٍ يَسْتَطِيعُونَ اِزْدِيَاداً أَنِسُوا بِالدُّنْيَا فَغَرَّتْهُمْ وَ وَثِقُوا بِهَا فَصَرَعَتْهُمْ
سرعة النفاد فَسَابِقُوا رَحِمَكُمُ اَللَّهُ إِلَى مَنَازِلِكُمُ اَلَّتِي أُمِرْتُمْ أَنْ تَعْمُرُوهَا وَ اَلَّتِي رَغِبْتُمْ فِيهَا وَ دُعِيتُمْ إِلَيْهَا وَ اِسْتَتِمُّوا نِعَمَ اَللَّهِ عَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ عَلَى طَاعَتِهِ وَ اَلْمُجَانَبَةِ لِمَعْصِيَتِهِ فَإِنَّ غَداً مِنَ اَلْيَوْمِ قَرِيبٌ
مَا أَسْرَعَ اَلسَّاعَاتِ فِي اَلْيَوْمِ وَ أَسْرَعَ اَلْأَيَّامَ فِي اَلشَّهْرِ وَ أَسْرَعَ اَلشُّهُورَ فِي اَلسَّنَةِ وَ أَسْرَعَ اَلسِّنِينَ فِي اَلْعُمُرِ
نهج البلاغه : خطبه ها
منع از دشنامدادن به شامیان در نبرد صفین
و من كلام له عليهالسلام و قد سمع قوما من أصحابه يسبون أهل الشام أيام حربهم بصفين
إِنِّي أَكْرَهُ لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا سَبَّابِينَ وَ لَكِنَّكُمْ لَوْ وَصَفْتُمْ أَعْمَالَهُمْ وَ ذَكَرْتُمْ حَالَهُمْ كَانَ أَصْوَبَ فِي اَلْقَوْلِ وَ أَبْلَغَ فِي اَلْعُذْرِ
وَ قُلْتُمْ مَكَانَ سَبِّكُمْ إِيَّاهُمْ اَللَّهُمَّ اِحْقِنْ دِمَاءَنَا وَ دِمَاءَهُمْ وَ أَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا وَ بَيْنِهِمْ وَ اِهْدِهِمْ مِنْ ضَلاَلَتِهِمْ حَتَّى يَعْرِفَ اَلْحَقَّ مَنْ جَهِلَهُ وَ يَرْعَوِيَ عَنِ اَلْغَيِّ وَ اَلْعُدْوَانِ مَنْ لَهِجَ بِهِ
إِنِّي أَكْرَهُ لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا سَبَّابِينَ وَ لَكِنَّكُمْ لَوْ وَصَفْتُمْ أَعْمَالَهُمْ وَ ذَكَرْتُمْ حَالَهُمْ كَانَ أَصْوَبَ فِي اَلْقَوْلِ وَ أَبْلَغَ فِي اَلْعُذْرِ
وَ قُلْتُمْ مَكَانَ سَبِّكُمْ إِيَّاهُمْ اَللَّهُمَّ اِحْقِنْ دِمَاءَنَا وَ دِمَاءَهُمْ وَ أَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا وَ بَيْنِهِمْ وَ اِهْدِهِمْ مِنْ ضَلاَلَتِهِمْ حَتَّى يَعْرِفَ اَلْحَقَّ مَنْ جَهِلَهُ وَ يَرْعَوِيَ عَنِ اَلْغَيِّ وَ اَلْعُدْوَانِ مَنْ لَهِجَ بِهِ
نهج البلاغه : نامه ها
نامه به معقل بن قیس فرمانده لشکر اعزامی به شام
و من وصية له عليهالسلام وصى بها معقل بن قيس الرياحي حين أنفذه إلى الشام في ثلاثة آلاف مقدمة له
اِتَّقِ اَللَّهَ اَلَّذِي لاَ بُدَّ لَكَ مِنْ لِقَائِهِ وَ لاَ مُنْتَهَى لَكَ دُونَهُ وَ لاَ تُقَاتِلَنَّ إِلاَّ مَنْ قَاتَلَكَ وَ سِرِ اَلْبَرْدَيْنِ وَ غَوِّرْ بِالنَّاسِ وَ رَفِّهْ فِي اَلسَّيْرِ وَ لاَ تَسِرْ أَوَّلَ اَللَّيْلِ فَإِنَّ اَللَّهَ جَعَلَهُ سَكَناً وَ قَدَّرَهُ مُقَاماً لاَ ظَعْناً فَأَرِحْ فِيهِ بَدَنَكَ وَ رَوِّحْ ظَهْرَكَ فَإِذَا وَقَفْتَ حِينَ يَنْبَطِحُ اَلسَّحَرُ أَوْ حِينَ يَنْفَجِرُ اَلْفَجْرُ فَسِرْ عَلَى بَرَكَةِ اَللَّهِ
فَإِذَا لَقِيتَ اَلْعَدُوَّ فَقِفْ مِنْ أَصْحَابِكَ وَسَطاً وَ لاَ تَدْنُ مِنَ اَلْقَوْمِ دُنُوَّ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُنْشِبَ اَلْحَرْبَ وَ لاَ تَبَاعَدْ عَنْهُمْ تَبَاعُدَ مَنْ يَهَابُ اَلْبَأْسَ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي
وَ لاَ يَحْمِلَنَّكُمُ شَنَآنُهُمْ عَلَى قِتَالِهِمْ قَبْلَ دُعَائِهِمْ وَ اَلْإِعْذَارِ إِلَيْهِمْ
اِتَّقِ اَللَّهَ اَلَّذِي لاَ بُدَّ لَكَ مِنْ لِقَائِهِ وَ لاَ مُنْتَهَى لَكَ دُونَهُ وَ لاَ تُقَاتِلَنَّ إِلاَّ مَنْ قَاتَلَكَ وَ سِرِ اَلْبَرْدَيْنِ وَ غَوِّرْ بِالنَّاسِ وَ رَفِّهْ فِي اَلسَّيْرِ وَ لاَ تَسِرْ أَوَّلَ اَللَّيْلِ فَإِنَّ اَللَّهَ جَعَلَهُ سَكَناً وَ قَدَّرَهُ مُقَاماً لاَ ظَعْناً فَأَرِحْ فِيهِ بَدَنَكَ وَ رَوِّحْ ظَهْرَكَ فَإِذَا وَقَفْتَ حِينَ يَنْبَطِحُ اَلسَّحَرُ أَوْ حِينَ يَنْفَجِرُ اَلْفَجْرُ فَسِرْ عَلَى بَرَكَةِ اَللَّهِ
فَإِذَا لَقِيتَ اَلْعَدُوَّ فَقِفْ مِنْ أَصْحَابِكَ وَسَطاً وَ لاَ تَدْنُ مِنَ اَلْقَوْمِ دُنُوَّ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُنْشِبَ اَلْحَرْبَ وَ لاَ تَبَاعَدْ عَنْهُمْ تَبَاعُدَ مَنْ يَهَابُ اَلْبَأْسَ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي
وَ لاَ يَحْمِلَنَّكُمُ شَنَآنُهُمْ عَلَى قِتَالِهِمْ قَبْلَ دُعَائِهِمْ وَ اَلْإِعْذَارِ إِلَيْهِمْ
نهج البلاغه : نامه ها
نامه به عمر بن ابى سلمه ارحبى در مورد شکایت مردم از او
و من كتاب له عليهالسلام إلى بعض عماله أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ دَهَاقِينَ أَهْلِ بَلَدِكَ شَكَوْا مِنْكَ غِلْظَةً وَ قَسْوَةً وَ اِحْتِقَاراً وَ جَفْوَةً وَ نَظَرْتُ فَلَمْ أَرَهُمْ أَهْلاً لِأَنْ يُدْنَوْا لِشِرْكِهِمْ وَ لاَ أَنْ يُقْصَوْا وَ يُجْفَوْا لِعَهْدِهِمْ
فَالْبَسْ لَهُمْ جِلْبَاباً مِنَ اَللِّينِ تَشُوبُهُ بِطَرَفٍ مِنَ اَلشِّدَّةِ وَ دَاوِلْ لَهُمْ بَيْنَ اَلْقَسْوَةِ وَ اَلرَّأْفَةِ وَ اُمْزُجْ لَهُمْ بَيْنَ اَلتَّقْرِيبِ وَ اَلْإِدْنَاءِ وَ اَلْإِبْعَادِ وَ اَلْإِقْصَاءِ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ
فَالْبَسْ لَهُمْ جِلْبَاباً مِنَ اَللِّينِ تَشُوبُهُ بِطَرَفٍ مِنَ اَلشِّدَّةِ وَ دَاوِلْ لَهُمْ بَيْنَ اَلْقَسْوَةِ وَ اَلرَّأْفَةِ وَ اُمْزُجْ لَهُمْ بَيْنَ اَلتَّقْرِيبِ وَ اَلْإِدْنَاءِ وَ اَلْإِبْعَادِ وَ اَلْإِقْصَاءِ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ
نهج البلاغه : نامه ها
وصيت امام علیه السلام درباره دارائی هایش
و من وصية له عليهالسلام بما يعمل في أمواله كتبها بعد منصرفه من صفين
هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اَللَّهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ فِي مَالِهِ اِبْتِغَاءَ وَجْهِ اَللَّهِ لِيُولِجَهُ بِهِ اَلْجَنَّةَ وَ يُعْطِيَهُ بِهِ اَلْأَمَنَةَ
مِنْهَا فَإِنَّهُ يَقُومُ بِذَلِكَ اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يَأْكُلُ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ وَ يُنْفِقُ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ حَدَثَ بِحَسَنٍ حَدَثٌ وَ حُسَيْنٌ حَيٌّ قَامَ بِالْأَمْرِ بَعْدَهُ وَ أَصْدَرَهُ مَصْدَرَهُ
وَ إِنَّ لاِبْنَيْ فَاطِمَةَ مِنْ صَدَقَةِ عَلِيٍّ مِثْلَ اَلَّذِي لِبَنِي عَلِيٍّ وَ إِنِّي إِنَّمَا جَعَلْتُ اَلْقِيَامَ بِذَلِكَ إِلَى اِبْنَيْ فَاطِمَةَ اِبْتِغَاءَ وَجْهِ اَللَّهِ وَ قُرْبَةً إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صلىاللهعليهوآله وَ تَكْرِيماً لِحُرْمَتِهِ وَ تَشْرِيفاً لِوُصْلَتِهِ
وَ يَشْتَرِطُ عَلَى اَلَّذِي يَجْعَلُهُ إِلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَ اَلْمَالَ عَلَى أُصُولِهِ وَ يُنْفِقَ مِنْ ثَمَرِهِ حَيْثُ أُمِرَ بِهِ وَ هُدِيَ لَهُ وَ أَلاَّ يَبِيعَ مِنْ أَوْلاَدِ نَخِيلِ هَذِهِ اَلْقُرَى وَدِيَّةً حَتَّى تُشْكِلَ أَرْضُهَا غِرَاساً
وَ مَنْ كَانَ مِنْ إِمَائِي اَللاَّتِي أَطُوفُ عَلَيْهِنَّ لَهَا وَلَدٌ أَوْ هِيَ حَامِلٌ فَتُمْسَكُ عَلَى وَلَدِهَا وَ هِيَ مِنْ حَظِّهِ فَإِنْ مَاتَ وَلَدُهَا وَ هِيَ حَيَّةٌ فَهِيَ عَتِيقَةٌ قَدْ أَفْرَجَ عَنْهَا اَلرِّقُّ وَ حَرَّرَهَا اَلْعِتْقُ
قال الشريف قوله عليهالسلام في هذه الوصية و ألا يبيع من نخلها ودية الودية الفسيلة و جمعها ودي
و قوله عليهالسلام حتى تشكل أرضها غراسا هو من أفصح الكلام و المراد به أن الأرض يكثر فيها غراس النخل حتى يراها الناظر على غير تلك الصفة التي عرفها بها فيشكل عليه أمرها و يحسبها غيرها
هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اَللَّهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ فِي مَالِهِ اِبْتِغَاءَ وَجْهِ اَللَّهِ لِيُولِجَهُ بِهِ اَلْجَنَّةَ وَ يُعْطِيَهُ بِهِ اَلْأَمَنَةَ
مِنْهَا فَإِنَّهُ يَقُومُ بِذَلِكَ اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يَأْكُلُ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ وَ يُنْفِقُ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ حَدَثَ بِحَسَنٍ حَدَثٌ وَ حُسَيْنٌ حَيٌّ قَامَ بِالْأَمْرِ بَعْدَهُ وَ أَصْدَرَهُ مَصْدَرَهُ
وَ إِنَّ لاِبْنَيْ فَاطِمَةَ مِنْ صَدَقَةِ عَلِيٍّ مِثْلَ اَلَّذِي لِبَنِي عَلِيٍّ وَ إِنِّي إِنَّمَا جَعَلْتُ اَلْقِيَامَ بِذَلِكَ إِلَى اِبْنَيْ فَاطِمَةَ اِبْتِغَاءَ وَجْهِ اَللَّهِ وَ قُرْبَةً إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صلىاللهعليهوآله وَ تَكْرِيماً لِحُرْمَتِهِ وَ تَشْرِيفاً لِوُصْلَتِهِ
وَ يَشْتَرِطُ عَلَى اَلَّذِي يَجْعَلُهُ إِلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَ اَلْمَالَ عَلَى أُصُولِهِ وَ يُنْفِقَ مِنْ ثَمَرِهِ حَيْثُ أُمِرَ بِهِ وَ هُدِيَ لَهُ وَ أَلاَّ يَبِيعَ مِنْ أَوْلاَدِ نَخِيلِ هَذِهِ اَلْقُرَى وَدِيَّةً حَتَّى تُشْكِلَ أَرْضُهَا غِرَاساً
وَ مَنْ كَانَ مِنْ إِمَائِي اَللاَّتِي أَطُوفُ عَلَيْهِنَّ لَهَا وَلَدٌ أَوْ هِيَ حَامِلٌ فَتُمْسَكُ عَلَى وَلَدِهَا وَ هِيَ مِنْ حَظِّهِ فَإِنْ مَاتَ وَلَدُهَا وَ هِيَ حَيَّةٌ فَهِيَ عَتِيقَةٌ قَدْ أَفْرَجَ عَنْهَا اَلرِّقُّ وَ حَرَّرَهَا اَلْعِتْقُ
قال الشريف قوله عليهالسلام في هذه الوصية و ألا يبيع من نخلها ودية الودية الفسيلة و جمعها ودي
و قوله عليهالسلام حتى تشكل أرضها غراسا هو من أفصح الكلام و المراد به أن الأرض يكثر فيها غراس النخل حتى يراها الناظر على غير تلك الصفة التي عرفها بها فيشكل عليه أمرها و يحسبها غيرها
نهج البلاغه : نامه ها
نامه به فرزندش امام حسن عليه السلام بعد از نبرد صفین
و من وصية له عليهالسلام للحسن بن علي عليهماالسلام كتبها إليه بحاضرين عند انصرافه من صفين
مِنَ اَلْوَالِدِ اَلْفَانِ اَلْمُقِرِّ لِلزَّمَانِ اَلْمُدْبِرِ اَلْعُمُرِ اَلْمُسْتَسْلِمِ لِلدُّنْيَا اَلسَّاكِنِ مَسَاكِنَ اَلْمَوْتَى وَ اَلظَّاعِنِ عَنْهَا غَداً إِلَى اَلْمَوْلُودِ اَلْمُؤَمِّلِ مَا لاَ يُدْرِكُ اَلسَّالِكِ سَبِيلَ مَنْ قَدْ هَلَكَ
غَرَضِ اَلْأَسْقَامِ وَ رَهِينَةِ اَلْأَيَّامِ وَ رَمِيَّةِ اَلْمَصَائِبِ وَ عَبْدِ اَلدُّنْيَا وَ تَاجِرِ اَلْغُرُورِ وَ غَرِيمِ اَلْمَنَايَا وَ أَسِيرِ اَلْمَوْتِ وَ حَلِيفِ اَلْهُمُومِ وَ قَرِينِ اَلْأَحْزَانِ وَ نُصُبِ اَلْآفَاتِ وَ صَرِيعِ اَلشَّهَوَاتِ وَ خَلِيفَةِ اَلْأَمْوَاتِ
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ فِيمَا تَبَيَّنْتُ مِنْ إِدْبَارِ اَلدُّنْيَا عَنِّي وَ جُمُوحِ اَلدَّهْرِ عَلَيَّ وَ إِقْبَالِ اَلْآخِرَةِ إِلَيَّ مَا يَزَعُنِي عَنْ ذِكْرِ مَنْ سِوَايَ وَ اَلاِهْتِمَامِ بِمَا وَرَائِي غَيْرَ أَنِّي حَيْثُ تَفَرَّدَ بِي دُونَ هُمُومِ اَلنَّاسِ هَمُّ نَفْسِي
فَصَدَفَنِي رَأْيِي وَ صَرَفَنِي عَنْ هَوَايَ وَ صَرَّحَ لِي مَحْضُ أَمْرِي فَأَفْضَى بِي إِلَى جِدٍّ لاَ يَكُونُ فِيهِ لَعِبٌ وَ صِدْقٍ لاَ يَشُوبُهُ كَذِبٌ
وَ وَجَدْتُكَ بَعْضِي بَلْ وَجَدْتُكَ كُلِّي حَتَّى كَأَنَّ شَيْئاً لَوْ أَصَابَكَ أَصَابَنِي وَ كَأَنَّ اَلْمَوْتَ لَوْ أَتَاكَ أَتَانِي فَعَنَانِي مِنْ أَمْرِكَ مَا يَعْنِينِي مِنْ أَمْرِ نَفْسِي فَكَتَبْتُ إِلَيْكَ كِتَابِي مُسْتَظْهِراً بِهِ إِنْ أَنَا بَقِيتُ لَكَ أَوْ فَنِيتُ
فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اَللَّهِ أَيْ بُنَيَّ وَ لُزُومِ أَمْرِهِ وَ عِمَارَةِ قَلْبِكَ بِذِكْرِهِ وَ اَلاِعْتِصَامِ بِحَبْلِهِ وَ أَيُّ سَبَبٍ أَوْثَقُ مِنْ سَبَبٍ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اَللَّهِ إِنْ أَنْتَ أَخَذْتَ بِهِ
أَحْيِ قَلْبَكَ بِالْمَوْعِظَةِ وَ أَمِتْهُ بِالزَّهَادَةِ وَ قَوِّهِ بِالْيَقِينِ وَ نَوِّرْهُ بِالْحِكْمَةِ وَ ذَلِّلْهُ بِذِكْرِ اَلْمَوْتِ وَ قَرِّرْهُ بِالْفَنَاءِ وَ بَصِّرْهُ فَجَائِعَ اَلدُّنْيَا
وَ حَذِّرْهُ صَوْلَةَ اَلدَّهْرِ وَ فُحْشَ تَقَلُّبِ اَللَّيَالِي وَ اَلْأَيَّامِ وَ اِعْرِضْ عَلَيْهِ أَخْبَارَ اَلْمَاضِينَ وَ ذَكِّرْهُ بِمَا أَصَابَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ اَلْأَوَّلِينَ
وَ سِرْ فِي دِيَارِهِمْ وَ آثَارِهِمْ فَانْظُرْ فِيمَا فَعَلُوا وَ عَمَّا اِنْتَقَلُوا وَ أَيْنَ حَلُّوا وَ نَزَلُوا فَإِنَّكَ تَجِدُهُمْ قَدِ اِنْتَقَلُوا عَنِ اَلْأَحِبَّةِ وَ حَلُّوا دِيَارَ اَلْغُرْبَةِ وَ كَأَنَّكَ عَنْ قَلِيلٍ قَدْ صِرْتَ كَأَحَدِهِمْ
فَأَصْلِحْ مَثْوَاكَ وَ لاَ تَبِعْ آخِرَتَكَ بِدُنْيَاكَ وَ دَعِ اَلْقَوْلَ فِيمَا لاَ تَعْرِفُ وَ اَلْخِطَابَ فِيمَا لَمْ تُكَلَّفْ وَ أَمْسِكْ عَنْ طَرِيقٍ إِذَا خِفْتَ ضَلاَلَتَهُ فَإِنَّ اَلْكَفَّ عِنْدَ حَيْرَةِ اَلضَّلاَلِ خَيْرٌ مِنْ رُكُوبِ اَلْأَهْوَالِ
وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ وَ أَنْكِرِ اَلْمُنْكَرَ بِيَدِكَ وَ لِسَانِكَ وَ بَايِنْ مَنْ فَعَلَهُ بِجُهْدِكَ وَ جَاهِدْ فِي اَللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ وَ لاَ تَأْخُذْكَ فِي اَللَّهِ لَوْمَةُ لاَئِمٍ وَ خُضِ اَلْغَمَرَاتِ لِلْحَقِّ حَيْثُ كَانَ
وَ تَفَقَّهْ فِي اَلدِّينِ وَ عَوِّدْ نَفْسَكَ اَلتَّصَبُّرَ عَلَى اَلْمَكْرُوهِ وَ نِعْمَ اَلْخُلُقُ اَلتَّصَبُرُ فِي اَلْحَقِّ
وَ أَلْجِئْ نَفْسَكَ فِي أُمُورِكَ كُلِّهَا إِلَى إِلَهِكَ فَإِنَّكَ تُلْجِئُهَا إِلَى كَهْفٍ حَرِيزٍ وَ مَانِعٍ عَزِيزٍ وَ أَخْلِصْ فِي اَلْمَسْأَلَةِ لِرَبِّكَ فَإِنَّ بِيَدِهِ اَلْعَطَاءَ وَ اَلْحِرْمَانَ وَ أَكْثِرِ اَلاِسْتِخَارَةَ وَ تَفَهَّمْ وَصِيَّتِي وَ لاَ تَذْهَبَنَّ عَنْكَ صَفْحاً فَإِنَّ خَيْرَ اَلْقَوْلِ مَا نَفَعَ
وَ اِعْلَمْ أَنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ وَ لاَ يُنْتَفَعُ بِعِلْمٍ لاَ يَحِقُّ تَعَلُّمُهُ
أَيْ بُنَيَّ إِنِّي لَمَّا رَأَيْتُنِي قَدْ بَلَغْتُ سِنّاً وَ رَأَيْتُنِي أَزْدَادُ وَهْناً بَادَرْتُ بِوَصِيَّتِي إِلَيْكَ وَ أَوْرَدْتُ خِصَالاً مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يَعْجَلَ بِي أَجَلِي دُونَ أَنْ أُفْضِيَ إِلَيْكَ بِمَا فِي نَفْسِي
أَوْ أَنْ أُنْقَصَ فِي رَأْيِي كَمَا نُقِصْتُ فِي جِسْمِي أَوْ يَسْبِقَنِي إِلَيْكَ بَعْضُ غَلَبَاتِ اَلْهَوَى وَ فِتَنِ اَلدُّنْيَا فَتَكُونَ كَالصَّعْبِ اَلنَّفُورِ وَ إِنَّمَا قَلْبُ اَلْحَدَثِ كَالْأَرْضِ اَلْخَالِيَةِ مَا أُلْقِيَ فِيهَا مِنْ شَيْءٍ قَبِلَتْهُ
فَبَادَرْتُكَ بِالْأَدَبِ قَبْلَ أَنْ يَقْسُوَ قَلْبُكَ وَ يَشْتَغِلَ لُبُّكَ لِتَسْتَقْبِلَ بِجِدِّ رَأْيِكَ مِنَ اَلْأَمْرِ مَا قَدْ كَفَاكَ أَهْلُ اَلتَّجَارِبِ بُغْيَتَهُ وَ تَجْرِبَتَهُ فَتَكُونَ قَدْ كُفِيتَ مَئُونَةَ اَلطَّلَبِ وَ عُوفِيتَ مِنْ عِلاَجِ اَلتَّجْرِبَةِ
فَأَتَاكَ مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ كُنَّا نَأْتِيهِ وَ اِسْتَبَانَ لَكَ مَا رُبَّمَا أَظْلَمَ عَلَيْنَا مِنْهُ
أَيْ بُنَيَّ إِنِّي وَ إِنْ لَمْ أَكُنْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْ كَانَ قَبْلِي فَقَدْ نَظَرْتُ فِي أَعْمَالِهِمْ وَ فَكَّرْتُ فِي أَخْبَارِهِمْ وَ سِرْتُ فِي آثَارِهِمْ حَتَّى عُدْتُ كَأَحَدِهِمْ بَلْ كَأَنِّي بِمَا اِنْتَهَى إِلَيَّ مِنْ أُمُورِهِمْ قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ
فَعَرَفْتُ صَفْوَ ذَلِكَ مِنْ كَدَرِهِ وَ نَفْعَهُ مِنْ ضَرَرِهِ فَاسْتَخْلَصْتُ لَكَ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ نَخِيلَهُ وَ تَوَخَّيْتُ لَكَ جَمِيلَهُ وَ صَرَفْتُ عَنْكَ مَجْهُولَهُ
وَ رَأَيْتُ حَيْثُ عَنَانِي مِنْ أَمْرِكَ مَا يَعْنِي اَلْوَالِدَ اَلشَّفِيقَ وَ أَجْمَعْتُ عَلَيْهِ مِنْ أَدَبِكَ
أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَ أَنْتَ مُقْبِلُ اَلْعُمُرِ وَ مُقْتَبَلُ اَلدَّهْرِ ذُو نِيَّةٍ سَلِيمَةٍ وَ نَفْسٍ صَافِيَةٍ وَ أَنْ أَبْتَدِئَكَ بِتَعْلِيمِ كِتَابِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ تَأْوِيلِهِ وَ شَرَائِعِ اَلْإِسْلاَمِ وَ أَحْكَامِهِ وَ حَلاَلِهِ وَ حَرَامِهِ لاَ أُجَاوِزُ ذَلِكَ بِكَ إِلَى غَيْرِهِ
ثُمَّ أَشْفَقْتُ أَنْ يَلْتَبِسَ عَلَيْكَ مَا اِخْتَلَفَ اَلنَّاسُ فِيهِ مِنْ أَهْوَائِهِمْ وَ آرَائِهِمْ مِثْلَ اَلَّذِي اِلْتَبَسَ عَلَيْهِمْ فَكَانَ إِحْكَامُ ذَلِكَ عَلَى مَا كَرِهْتُ مِنْ تَنْبِيهِكَ لَهُ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ إِسْلاَمِكَ إِلَى أَمْرٍ لاَ آمَنُ عَلَيْكَ بِهِ اَلْهَلَكَةَ
وَ رَجَوْتُ أَنْ يُوَفِّقَكَ اَللَّهُ فِيهِ لِرُشْدِكَ وَ أَنْ يَهْدِيَكَ لِقَصْدِكَ فَعَهِدْتُ إِلَيْكَ وَصِيَّتِي هَذِهِ
وَ اِعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ أَحَبَّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِهِ إِلَيَّ مِنْ وَصِيَّتِي تَقْوَى اَللَّهِ وَ اَلاِقْتِصَارُ عَلَى مَا فَرَضَهُ اَللَّهُ عَلَيْكَ وَ اَلْأَخْذُ بِمَا مَضَى عَلَيْهِ اَلْأَوَّلُونَ مِنْ آبَائِكَ وَ اَلصَّالِحُونَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ
فَإِنَّهُمْ لَمْ يَدَعُوا أَنْ نَظَرُوا لِأَنْفُسِهِمْ كَمَا أَنْتَ نَاظِرٌ وَ فَكَّرُوا كَمَا أَنْتَ مُفَكِّرٌ ثُمَّ رَدَّهُمْ آخِرُ ذَلِكَ إِلَى اَلْأَخْذِ بِمَا عَرَفُوا وَ اَلْإِمْسَاكِ عَمَّا لَمْ يُكَلَّفُوا
فَإِنْ أَبَتْ نَفْسُكَ أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ دُونَ أَنْ تَعْلَمَ كَمَا عَلِمُوا فَلْيَكُنْ طَلَبُكَ ذَلِكَ بِتَفَهُّمٍ وَ تَعَلُّمٍ لاَ بِتَوَرُّطِ اَلشُّبُهَاتِ وَ عُلَقِ اَلْخُصُومَاتِ
وَ اِبْدَأْ قَبْلَ نَظَرِكَ فِي ذَلِكَ بِالاِسْتِعَانَةِ بِإِلَهِكَ وَ اَلرَّغْبَةِ إِلَيْهِ فِي تَوْفِيقِكَ وَ تَرْكِ كُلِّ شَائِبَةٍ أَوْلَجَتْكَ فِي شُبْهَةٍ أَوْ أَسْلَمَتْكَ إِلَى ضَلاَلَةٍ
فَإِنْ أَيْقَنْتَ أَنْ قَدْ صَفَا قَلْبُكَ فَخَشَعَ وَ تَمَّ رَأْيُكَ فَاجْتَمَعَ وَ كَانَ هَمُّكَ فِي ذَلِكَ هَمّاً وَاحِداً فَانْظُرْ فِيمَا فَسَّرْتُ لَكَ
وَ إِنْ لَمْ يَجْتَمِعْ لَكَ مَا تُحِبُّ مِنْ نَفْسِكَ وَ فَرَاغِ نَظَرِكَ وَ فِكْرِكَ فَاعْلَمْ أَنَّكَ إِنَّمَا تَخْبِطُ اَلْعَشْوَاءَ وَ تَتَوَرَّطُ اَلظَّلْمَاءَ وَ لَيْسَ طَالِبُ اَلدِّينِ مَنْ خَبَطَ أَوْ خَلَطَ وَ اَلْإِمْسَاكُ عَنْ ذَلِكَ أَمْثَلُ
فَتَفَهَّمْ يَا بُنَيَّ وَصِيَّتِي وَ اِعْلَمْ أَنَّ مَالِكَ اَلْمَوْتِ هُوَ مَالِكُ اَلْحَيَاةِ وَ أَنَّ اَلْخَالِقَ هُوَ اَلْمُمِيتُ وَ أَنَّ اَلْمُفْنِيَ هُوَ اَلْمُعِيدُ وَ أَنَّ اَلْمُبْتَلِيَ هُوَ اَلْمُعَافِي
وَ أَنَّ اَلدُّنْيَا لَمْ تَكُنْ لِتَسْتَقِرَّ إِلاَّ عَلَى مَا جَعَلَهَا اَللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ اَلنَّعْمَاءِ وَ اَلاِبْتِلاَءِ وَ اَلْجَزَاءِ فِي اَلْمَعَادِ أَوْ مَا شَاءَ مِمَّا لاَ تَعْلَمُ
فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَاحْمِلْهُ عَلَى جَهَالَتِكَ فَإِنَّكَ أَوَّلُ مَا خُلِقْتَ بِهِ جَاهِلاً ثُمَّ عُلِّمْتَ وَ مَا أَكْثَرَ مَا تَجْهَلُ مِنَ اَلْأَمْرِ وَ يَتَحَيَّرُ فِيهِ رَأْيُكَ وَ يَضِلُّ فِيهِ بَصَرُكَ ثُمَّ تُبْصِرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ
فَاعْتَصِمْ بِالَّذِي خَلَقَكَ وَ رَزَقَكَ وَ سَوَّاكَ وَ لْيَكُنْ لَهُ تَعَبُّدُكَ وَ إِلَيْهِ رَغْبَتُكَ وَ مِنْهُ شَفَقَتُكَ
وَ اِعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ أَحَداً لَمْ يُنْبِئْ عَنِ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ كَمَا أَنْبَأَ عَنْهُ اَلرَّسُولُ صلىاللهعليهوآله فَارْضَ بِهِ رَائِداً وَ إِلَى اَلنَّجَاةِ قَائِداً فَإِنِّي لَمْ آلُكَ نَصِيحَةً وَ إِنَّكَ لَنْ تَبْلُغَ فِي اَلنَّظَرِ لِنَفْسِكَ وَ إِنِ اِجْتَهَدْتَ مَبْلَغَ نَظَرِي لَكَ
وَ اِعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِرَبِّكَ شَرِيكٌ لَأَتَتْكَ رُسُلُهُ وَ لَرَأَيْتَ آثَارَ مُلْكِهِ وَ سُلْطَانِهِ وَ لَعَرَفْتَ أَفْعَالَهُ وَ صِفَاتِهِ وَ لَكِنَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ لاَ يُضَادُّهُ فِي مُلْكِهِ أَحَدٌ وَ لاَ يَزُولُ أَبَداً وَ لَمْ يَزَلْ
أَوَّلٌ قَبْلَ اَلْأَشْيَاءِ بِلاَ أَوَّلِيَّةٍ وَ آخِرٌ بَعْدَ اَلْأَشْيَاءِ بِلاَ نِهَايَةٍ عَظُمَ عَنْ أَنْ تَثْبُتَ رُبُوبِيَّتُهُ بِإِحَاطَةِ قَلْبٍ أَوْ بَصَرٍ
فَإِذَا عَرَفْتَ ذَلِكَ فَافْعَلْ كَمَا يَنْبَغِي لِمِثْلِكَ أَنْ يَفْعَلَهُ فِي صِغَرِ خَطَرِهِ وَ قِلَّةِ مَقْدِرَتِهِ وَ كَثْرَةِ عَجْزِهِ و عَظِيمِ حَاجَتِهِ إِلَى رَبِّهِ فِي طَلَبِ طَاعَتِهِ وَ اَلْخَشْيَةِ مِنْ عُقُوبَتِهِ وَ اَلشَّفَقَةِ مِنْ سُخْطِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْمُرْكَ إِلاَّ بِحَسَنٍ وَ لَمْ يَنْهَكَ إِلاَّ عَنْ قَبِيحٍ
يَا بُنَيَّ إِنِّي قَدْ أَنْبَأْتُكَ عَنِ اَلدُّنْيَا وَ حَالِهَا وَ زَوَالِهَا وَ اِنْتِقَالِهَا وَ أَنْبَأْتُكَ عَنِ اَلْآخِرَةِ وَ مَا أُعِدَّ لِأَهْلِهَا فِيهَا وَ ضَرَبْتُ لَكَ فِيهِمَا اَلْأَمْثَالَ لِتَعْتَبِرَ بِهَا وَ تَحْذُوَ عَلَيْهَا
إِنَّمَا مَثَلُ مَنْ خَبَرَ اَلدُّنْيَا كَمَثَلِ قَوْمٍ سَفْرٍ نَبَا بِهِمْ مَنْزِلٌ جَدِيبٌ فَأَمُّوا مَنْزِلاً خَصِيباً وَ جَنَاباً مَرِيعاً فَاحْتَمَلُوا وَعْثَاءَ اَلطَّرِيقِ وَ فِرَاقَ اَلصَّدِيقِ وَ خُشُونَةَ اَلسَّفَرِ وَ جُشُوبَةَ اَلمَطْعَمِ لِيَأْتُوا سَعَةَ دَارِهِمْ وَ مَنْزِلَ قَرَارِهِمْ
فَلَيْسَ يَجِدُونَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَلَماً وَ لاَ يَرَوْنَ نَفَقَةً فِيهِ مَغْرَماً وَ لاَ شَيْءَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِمَّا قَرَّبَهُمْ مِنْ مَنْزِلِهِمْ وَ أَدْنَاهُمْ مِنْ مَحَلَّتِهِمْ
وَ مَثَلُ مَنِ اِغْتَرَّ بِهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ كَانُوا بِمَنْزِلٍ خَصِيبٍ فَنَبَا بِهِمْ إِلَى مَنْزِلٍ جَدِيبٍ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِمْ وَ لاَ أَفْظَعَ عِنْدَهُمْ مِنْ مُفَارَقَةِ مَا كَانُوا فِيهِ إِلَى مَا يَهْجُمُونَ عَلَيْهِ وَ يَصِيرُونَ إِلَيْهِ
يَا بُنَيَّ اِجْعَلْ نَفْسَكَ مِيزَاناً فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ غَيْرِكَ فَأَحْبِبْ لِغَيْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَ اِكْرَهْ لَهُ مَا تَكْرَهُ لَهَا وَ لاَ تَظْلِمْ كَمَا لاَ تُحِبُّ أَنْ تُظْلَمَ وَ أَحْسِنْ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ وَ اِسْتَقْبِحْ مِنْ نَفْسِكَ مَا تَسْتَقْبِحُهُ مِنْ غَيْرِكَ
وَ اِرْضَ مِنَ اَلنَّاسِ بِمَا تَرْضَاهُ لَهُمْ مِنْ نَفْسِكَ وَ لاَ تَقُلْ مَا لاَ تَعْلَمُ وَ إِنْ قَلَّ مَا تَعْلَمُ وَ لاَ تَقُلْ مَا لاَ تُحِبُّ أَنْ يُقَالَ لَكَ
وَ اِعْلَمْ أَنَّ اَلْإِعْجَابَ ضِدُّ اَلصَّوَابِ وَ آفَةُ اَلْأَلْبَابِ فَاسْعَ فِي كَدْحِكَ وَ لاَ تَكُنْ خَازِناً لِغَيْرِكَ وَ إِذَا أَنْتَ هُدِيتَ لِقَصْدِكَ فَكُنْ أَخْشَعَ مَا تَكُونُ لِرَبِّكَ
وَ اِعْلَمْ أَنَّ أَمَامَكَ طَرِيقاً ذَا مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ وَ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ وَ أَنَّهُ لاَ غِنَى بِكَ فِيهِ عَنْ حُسْنِ اَلاِرْتِيَادِ وَ قَدْرِ بَلاَغِكَ مِنَ اَلزَّادِ مَعَ خِفَّةِ اَلظَّهْرِ فَلاَ تَحْمِلَنَّ عَلَى ظَهْرِكَ فَوْقَ طَاقَتِكَ فَيَكُونَ ثِقْلُ ذَلِكَ وَبَالاً عَلَيْكَ
وَ إِذَا وَجَدْتَ مِنْ أَهْلِ اَلْفَاقَةِ مَنْ يَحْمِلُ لَكَ زَادَكَ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ فَيُوَافِيكَ بِهِ غَداً حَيْثُ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَاغْتَنِمْهُ وَ حَمِّلْهُ إِيَّاهُ وَ أَكْثِرْ مِنْ تَزْوِيدِهِ وَ أَنْتَ قَادِرٌ عَلَيْهِ فَلَعَلَّكَ تَطْلُبُهُ فَلاَ تَجِدُهُ
وَ اِغْتَنِمْ مَنِ اِسْتَقْرَضَكَ فِي حَالِ غِنَاكَ لِيَجْعَلَ قَضَاءَهُ لَكَ فِي يَوْمِ عُسْرَتِكَ
وَ اِعْلَمْ أَنَّ أَمَامَكَ عَقَبَةً كَؤُوداً اَلْمُخِفُّ فِيهَا أَحْسَنُ حَالاً مِنَ اَلْمُثْقِلِ وَ اَلْمُبْطِئُ عَلَيْهَا أَقْبَحُ حَالاً مِنَ اَلْمُسْرِعِ وَ أَنَّ مَهْبِطَكَ بِهَا لاَ مَحَالَةَ إِمَّا عَلَى جَنَّةٍ أَوْ عَلَى نَارٍ
فَارْتَدْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ نُزُولِكَ وَ وَطِّئِ اَلْمَنْزِلَ قَبْلَ حُلُولِكَ فَلَيْسَ بَعْدَ اَلْمَوْتِ مُسْتَعْتَبٌ وَ لاَ إِلَى اَلدُّنْيَا مُنْصَرَفٌ
وَ اِعْلَمْ أَنَّ اَلَّذِي بِيَدِهِ خَزَائِنُ اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرْضِ قَدْ أَذِنَ لَكَ فِي اَلدُّعَاءِ وَ تَكَفَّلَ لَكَ بِالْإِجَابَةِ وَ أَمَرَكَ أَنْ تَسْأَلَهُ لِيُعْطِيَكَ وَ تَسْتَرْحِمَهُ لِيَرْحَمَكَ وَ لَمْ يَجْعَلْ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ مَنْ يَحْجُبُكَ عَنْهُ وَ لَمْ يُلْجِئْكَ إِلَى مَنْ يَشْفَعُ لَكَ إِلَيْهِ
وَ لَمْ يَمْنَعْكَ إِنْ أَسَأْتَ مِنَ اَلتَّوْبَةِ وَ لَمْ يُعَاجِلْكَ بِالنِّقْمَةِ وَ لَمْ يُعَيِّرْكَ بِالْإِنَابَةِ وَ لَمْ يَفْضَحْكَ حَيْثُ اَلْفَضِيحَةُ بِكَ أَوْلَى وَ لَمْ يُشَدِّدْ عَلَيْكَ فِي قَبُولِ اَلْإِنَابَةِ وَ لَمْ يُنَاقِشْكَ بِالْجَرِيمَةِ وَ لَمْ يُؤْيِسْكَ مِنَ اَلرَّحْمَةِ
بَلْ جَعَلَ نُزُوعَكَ عَنِ اَلذَّنْبِ حَسَنَةً وَ حَسَبَ سَيِّئَتَكَ وَاحِدَةً وَ حَسَبَ حَسَنَتَكَ عَشْراً وَ فَتَحَ لَكَ بَابَ اَلْمَتَابِ وَ بَابَ اَلاِسْتِعْتَابِ
فَإِذَا نَادَيْتَهُ سَمِعَ نِدَاكَ وَ إِذَا نَاجَيْتَهُ عَلِمَ نَجْوَاكَ فَأَفْضَيْتَ إِلَيْهِ بِحَاجَتِكَ وَ أَبْثَثْتَهُ ذَاتَ نَفْسِكَ وَ شَكَوْتَ إِلَيْهِ هُمُومَكَ وَ اِسْتَكْشَفْتَهُ كُرُوبَكَ
وَ اِسْتَعَنْتَهُ عَلَى أُمُورِكَ وَ سَأَلْتَهُ مِنْ خَزَائِنِ رَحْمَتِهِ مَا لاَ يَقْدِرُ عَلَى إِعْطَائِهِ غَيْرُهُ مِنْ زِيَادَةِ اَلْأَعْمَارِ وَ صِحَّةِ اَلْأَبْدَانِ وَ سَعَةِ اَلْأَرْزَاقِ
ثُمَّ جَعَلَ فِي يَدَيْكَ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِهِ بِمَا أَذِنَ لَكَ فِيهِ مِنْ مَسْأَلَتِهِ فَمَتَى شِئْتَ اِسْتَفْتَحْتَ بِالدُّعَاءِ أَبْوَابَ نِعْمَتِهِ وَ اِسْتَمْطَرْتَ شَآبِيبَ رَحْمَتِهِ فَلاَ يُقَنِّطَنَّكَ إِبْطَاءُ إِجَابَتِهِ فَإِنَّ اَلْعَطِيَّةَ عَلَى قَدْرِ اَلنِّيَّةِ
وَ رُبَّمَا أُخِّرَتْ عَنْكَ اَلْإِجَابَةُ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَعْظَمَ لِأَجْرِ اَلسَّائِلِ وَ أَجْزَلَ لِعَطَاءِ اَلْآمِلِ وَ رُبَّمَا سَأَلْتَ اَلشَّيْءَ فَلاَ تُؤْتَاهُ وَ أُوتِيتَ خَيْراً مِنْهُ عَاجِلاً أَوْ آجِلاً أَوْ صُرِفَ عَنْكَ لِمَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ
فَلَرُبَّ أَمْرٍ قَدْ طَلَبْتَهُ فِيهِ هَلاَكُ دِينِكَ لَوْ أُوتِيتَهُ فَلْتَكُنْ مَسْأَلَتُكَ فِيمَا يَبْقَى لَكَ جَمَالُهُ وَ يُنْفَى عَنْكَ وَبَالُهُ فَالْمَالُ لاَ يَبْقَى لَكَ وَ لاَ تَبْقَى لَهُ
وَ اِعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّكَ إِنَّمَا خُلِقْتَ لِلْآخِرَةِ لاَ لِلدُّنْيَا وَ لِلْفَنَاءِ لاَ لِلْبَقَاءِ وَ لِلْمَوْتِ لاَ لِلْحَيَاةِ وَ أَنَّكَ فِي قُلْعَةٍ وَ دَارِ بُلْغَةٍ وَ طَرِيقٍ إِلَى اَلْآخِرَةِ وَ أَنَّكَ طَرِيدُ اَلْمَوْتِ اَلَّذِي لاَ يَنْجُو مِنْهُ هَارِبُهُ وَ لاَ يَفُوتُهُ طَالِبُهُ وَ لاَ بُدَّ أَنَّهُ مُدْرِكُهُ
فَكُنْ مِنْهُ عَلَى حَذَرِ أَنْ يُدْرِكَكَ وَ أَنْتَ عَلَى حَالٍ سَيِّئَةٍ قَدْ كُنْتَ تُحَدِّثُ نَفْسَكَ مِنْهَا بِالتَّوْبَةِ فَيَحُولَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ ذَلِكَ فَإِذَا أَنْتَ قَدْ أَهْلَكْتَ نَفْسَكَ
ذكر الموت يَا بُنَيَّ أَكْثِرْ مِنْ ذِكْرِ اَلْمَوْتِ وَ ذِكْرِ مَا تَهْجُمُ عَلَيْهِ وَ تُفْضِي بَعْدَ اَلْمَوْتِ إِلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَكَ وَ قَدْ أَخَذْتَ مِنْهُ حِذْرَكَ وَ شَدَدْتَ لَهُ أَزْرَكَ وَ لاَ يَأْتِيَكَ بَغْتَةً فَيَبْهَرَكَ
وَ إِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِمَا تَرَى مِنْ إِخْلاَدِ أَهْلِ اَلدُّنْيَا إِلَيْهَا وَ تَكَالُبِهِمْ عَلَيْهَا فَقَدْ نَبَّأَكَ اَللَّهُ عَنْهَا وَ نَعَتْ هِيَ لَكَ عَنْ نَفْسِهَا وَ تَكَشَّفَتْ لَكَ عَنْ مَسَاوِيهَا
فَإِنَّمَا أَهْلُهَا كِلاَبٌ عَاوِيَةٌ وَ سِبَاعٌ ضَارِيَةٌ يَهِرُّ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَ يَأْكُلُ عَزِيزُهَا ذَلِيلَهَا وَ يَقْهَرُ كَبِيرُهَا صَغِيرَهَا
نَعَمٌ مُعَقَّلَةٌ وَ أُخْرَى مُهْمَلَةٌ قَدْ أَضَلَّتْ عُقُولَهَا وَ رَكِبَتْ مَجْهُولَهَا سُرُوحُ عَاهَةٍ بِوَادٍ وَعْثٍ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ يُقِيمُهَا وَ لاَ مُسِيمٌ يُسِيمُهَا
سَلَكَتْ بِهِمُ اَلدُّنْيَا طَرِيقَ اَلْعَمَى وَ أَخَذَتْ بِأَبْصَارِهِمْ عَنْ مَنَارِ اَلْهُدَى فَتَاهُوا فِي حَيْرَتِهَا وَ غَرِقُوا فِي نِعْمَتِهَا وَ اِتَّخَذُوهَا رَبّاً فَلَعِبَتْ بِهِمْ وَ لَعِبُوا بِهَا وَ نَسُوا مَا وَرَاءَهَا
الترفق في الطلب رُوَيْداً يُسْفِرُ اَلظَّلاَمُ كَأَنْ قَدْ وَرَدَتِ اَلْأَظْعَانُ يُوشِكُ مَنْ أَسْرَعَ أَنْ يَلْحَقَ
وَ اِعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ مَنْ كَانَتْ مَطِيَّتُهُ اَللَّيْلَ وَ اَلنَّهَارَ فَإِنَّهُ يُسَارُ بِهِ وَ إِنْ كَانَ وَاقِفاً وَ يَقْطَعُ اَلْمَسَافَةَ وَ إِنْ كَانَ مُقِيماً وَادِعاً
وَ اِعْلَمْ يَقِيناً أَنَّكَ لَنْ تَبْلُغَ أَمَلَكَ وَ لَنْ تَعْدُوَ أَجَلَكَ وَ أَنَّكَ فِي سَبِيلِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ فَخَفِّضْ فِي اَلطَّلَبِ وَ أَجْمِلْ فِي اَلْمُكْتَسَبِ فَإِنَّهُ رُبَّ طَلَبٍ قَدْ جَرَّ إِلَى حَرَبٍ وَ لَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ بِمَرْزُوقٍ وَ لاَ كُلُّ مُجْمِلٍ بِمَحْرُومٍ
وَ أَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْ كُلِّ دَنِيَّةٍ وَ إِنْ سَاقَتْكَ إِلَى اَلرَّغَائِبِ فَإِنَّكَ لَنْ تَعْتَاضَ بِمَا تَبْذُلُ مِنْ نَفْسِكَ عِوَضاً وَ لاَ تَكُنْ عَبْدَ غَيْرِكَ وَ قَدْ جَعَلَكَ اَللَّهُ حُرّاً وَ مَا خَيْرُ خَيْرٍ لاَ يُنَالُ إِلاَّ بِشَرٍّ وَ يُسْرٍ لاَ يُنَالُ إِلاَّ بِعُسْرٍ
وَ إِيَّاكَ أَنْ تُوجِفَ بِكَ مَطَايَا اَلطَّمَعِ فَتُورِدَكَ مَنَاهِلَ اَلْهَلَكَةِ وَ إِنِ اِسْتَطَعْتَ أَلاَّ يَكُونَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اَللَّهِ ذُو نِعْمَةٍ فَافْعَلْ فَإِنَّكَ مُدْرِكٌ قَسْمَكَ وَ آخِذٌ سَهْمَكَ
وَ إِنَّ اَلْيَسِيرَ مِنَ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ أَعْظَمُ وَ أَكْرَمُ مِنَ اَلْكَثِيرِ مِنْ خَلْقِهِ وَ إِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُ
وصايا شتى وَ تَلاَفِيكَ مَا فَرَطَ مِنْ صَمْتِكَ أَيْسَرُ مِنْ إِدْرَاكِكَ مَا فَاتَ مِنْ مَنْطِقِكَ وَ حِفْظُ مَا فِي اَلْوِعَاءِ بِشَدِّ اَلْوِكَاءِ وَ حِفْظُ مَا فِي يَدَيْكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ طَلَبِ مَا فِي يَدَيْ غَيْرِكَ
وَ مَرَارَةُ اَلْيَأْسِ خَيْرٌ مِنَ اَلطَّلَبِ إِلَى اَلنَّاسِ وَ اَلْحِرْفَةُ مَعَ اَلْعِفَّةِ خَيْرٌ مِنَ اَلْغِنَى مَعَ اَلْفُجُورِ وَ اَلْمَرْءُ أَحْفَظُ لِسِرِّهِ وَ رُبَّ سَاعٍ فِيمَا يَضُرُّهُ مَنْ أَكْثَرَ أَهْجَرَ وَ مَنْ تَفَكَّرَ أَبْصَرَ
قَارِنْ أَهْلَ اَلْخَيْرِ تَكُنْ مِنْهُمْ وَ بَايِنْ أَهْلَ اَلشَّرِّ تَبِنْ عَنْهُمْ بِئْسَ اَلطَّعَامُ اَلْحَرَامُ وَ ظُلْمُ اَلضَّعِيفِ أَفْحَشُ اَلظُّلْمِ
إِذَا كَانَ اَلرِّفْقُ خُرْقاً كَانَ اَلْخُرْقُ رِفْقاً رُبَّمَا كَانَ اَلدَّوَاءُ دَاءً وَ اَلدَّاءُ دَوَاءً وَ رُبَّمَا نَصَحَ غَيْرُ اَلنَّاصِحِ وَ غَشَّ اَلْمُسْتَنْصَحُ
وَ إِيَّاكَ وَ اَلاِتِّكَالَ عَلَى اَلْمُنَى فَإِنَّهَا بَضَائِعُ اَلنَّوْكَى وَ اَلْعَقْلُ حِفْظُ اَلتَّجَارِبِ وَ خَيْرُ مَا جَرَّبْتَ مَا وَعَظَكَ بَادِرِ اَلْفُرْصَةَ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ غُصَّةً لَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ يُصِيبُ وَ لاَ كُلُّ غَائِبٍ يَئُوبُ
وَ مِنَ اَلْفَسَادِ إِضَاعَةُ اَلزَّادِ وَ مَفْسَدَةُ اَلْمَعَادِ وَ لِكُلِّ أَمْرٍ عَاقِبَةٌ سَوْفَ يَأْتِيكَ مَا قُدِّرَ لَكَ اَلتَّاجِرُ مُخَاطِرٌ وَ رُبَّ يَسِيرٍ أَنْمَى مِنْ كَثِيرٍ
لاَ خَيْرَ فِي مُعِينٍ مَهِينٍ وَ لاَ فِي صَدِيقٍ ظَنِينٍ سَاهِلِ اَلدَّهْرَ مَا ذَلَّ لَكَ قَعُودُهُ وَ لاَ تُخَاطِرْ بِشَيْءٍ رَجَاءَ أَكْثَرَ مِنْهُ وَ إِيَّاكَ أَنْ تَجْمَحَ بِكَ مَطِيَّةُ اَللَّجَاجِ
اِحْمِلْ نَفْسَكَ مِنْ أَخِيكَ عِنْدَ صَرْمِهِ عَلَى اَلصِّلَةِ وَ عِنْدَ صُدُودِهِ عَلَى اَللَّطَفِ وَ اَلْمُقَارَبَةِ وَ عِنْدَ جُمُودِهِ عَلَى اَلْبَذْلِ وَ عِنْدَ تَبَاعُدِهِ عَلَى اَلدُّنُوِّ وَ عِنْدَ شِدَّتِهِ عَلَى اَللِّينِ وَ عِنْدَ جُرْمِهِ عَلَى اَلْعُذْرِ حَتَّى كَأَنَّكَ لَهُ عَبْدٌ
وَ كَأَنَّهُ ذُو نِعْمَةٍ عَلَيْكَ وَ إِيَّاكَ أَنْ تَضَعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ أَوْ أَنْ تَفْعَلَهُ بِغَيْرِ أَهْلِهِ
لاَ تَتَّخِذَنَّ عَدُوَّ صَدِيقِكَ صَدِيقاً فَتُعَادِيَ صَدِيقَكَ وَ اِمْحَضْ أَخَاكَ اَلنَّصِيحَةَ حَسَنَةً كَانَتْ أَوْ قَبِيحَةً وَ تَجَرَّعِ اَلْغَيْظَ فَإِنِّي لَمْ أَرَ جُرْعَةً أَحْلَى مِنْهَا عَاقِبَةً وَ لاَ أَلَذَّ مَغَبَّةً
وَ لِنْ لِمَنْ غَالَظَكَ فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَلِينَ لَكَ وَ خُذْ عَلَى عَدُوِّكَ بِالْفَضْلِ فَإِنَّهُ أَحْلَى اَلظَّفَرَيْنِ
وَ إِنْ أَرَدْتَ قَطِيعَةَ أَخِيكَ فَاسْتَبْقِ لَهُ مِنْ نَفْسِكَ بَقِيَّةً يَرْجِعُ إِلَيْهَا إِنْ بَدَا لَهُ ذَلِكَ يَوْماً مَا
وَ مَنْ ظَنَّ بِكَ خَيْراً فَصَدِّقْ ظَنَّهُ وَ لاَ تُضِيعَنَّ حَقَّ أَخِيكَ اِتِّكَالاً عَلَى مَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكَ بِأَخٍ مَنْ أَضَعْتَ حَقَّهُ وَ لاَ يَكُنْ أَهْلُكَ أَشْقَى اَلْخَلْقِ بِكَ
وَ لاَ تَرْغَبَنَّ فِيمَنْ زَهِدَ عَنْكَ وَ لاَ يَكُونَنَّ أَخُوكَ أَقْوَى عَلَى قَطِيعَتِكَ مِنْكَ عَلَى صِلَتِهِ وَ لاَ تَكُونَنَّ عَلَى اَلْإِسَاءَةِ أَقْوَى مِنْكَ عَلَى اَلْإِحْسَانِ
وَ لاَ يَكْبُرَنَّ عَلَيْكَ ظُلْمُ مَنْ ظَلَمَكَ فَإِنَّهُ يَسْعَى فِي مَضَرَّتِهِ وَ نَفْعِكَ وَ لَيْسَ جَزَاءُ مَنْ سَرَّكَ أَنْ تَسُوءَهُ
وَ اِعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ اَلرِّزْقَ رِزْقَانِ رِزْقٌ تَطْلُبُهُ وَ رِزْقٌ يَطْلُبُكَ فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَأْتِهِ أَتَاكَ
مَا أَقْبَحَ اَلْخُضُوعَ عِنْدَ اَلْحَاجَةِ وَ اَلْجَفَاءَ عِنْدَ اَلْغِنَى إِنَّمَا لَكَ مِنْ دُنْيَاكَ مَا أَصْلَحْتَ بِهِ مَثْوَاكَ وَ إِنْ كُنْتَ جَازِعاً عَلَى مَا تَفَلَّتَ مِنْ يَدَيْكَ فَاجْزَعْ عَلَى كُلِّ مَا لَمْ يَصِلْ إِلَيْكَ اِسْتَدِلَّ عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ بِمَا قَدْ كَانَ فَإِنَّ اَلْأُمُورَ أَشْبَاهٌ
وَ لاَ تَكُونَنَّ مِمَّنْ لاَ تَنْفَعُهُ اَلْعِظَةُ إِلاَّ إِذَا بَالَغْتَ فِي إِيلاَمِهِ فَإِنَّ اَلْعَاقِلَ يَتَّعِظُ بِالْآدَابِ وَ اَلْبَهَائِمَ لاَ تَتَّعِظُ إِلاَّ بِالضَّرْبِ
اِطْرَحْ عَنْكَ وَارِدَاتِ اَلْهُمُومِ بِعَزَائِمِ اَلصَّبْرِ وَ حُسْنِ اَلْيَقِينِ مَنْ تَرَكَ اَلْقَصْدَ جَارَ وَ اَلصَّاحِبُ مُنَاسِبٌ وَ اَلصَّدِيقُ مَنْ صَدَقَ غَيْبُهُ وَ اَلْهَوَى شَرِيكُ اَلْعَمَى
وَ رُبَّ بَعِيدٍ أَقْرَبُ مِنْ قَرِيبٍ وَ قَرِيبٍ أَبْعَدُ مِنْ بَعِيدٍ وَ اَلْغَرِيبُ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَبِيبٌ مَنْ تَعَدَّى اَلْحَقَّ ضَاقَ مَذْهَبُهُ وَ مَنِ اِقْتَصَرَ عَلَى قَدْرِهِ كَانَ أَبْقَى لَهُ وَ أَوْثَقُ سَبَبٍ أَخَذْتَ بِهِ سَبَبٌ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ مَنْ لَمْ يُبَالِكَ فَهُوَ عَدُوُّكَ
قَدْ يَكُونُ اَلْيَأْسُ إِدْرَاكاً إِذَا كَانَ اَلطَّمَعُ هَلاَكاً لَيْسَ كُلُّ عَوْرَةٍ تَظْهَرُ وَ لاَ كُلُّ فُرْصَةٍ تُصَابُ وَ رُبَّمَا أَخْطَأَ اَلْبَصِيرُ قَصْدَهُ وَ أَصَابَ اَلْأَعْمَى رُشْدَهُ
أَخِّرِ اَلشَّرَّ فَإِنَّكَ إِذَا شِئْتَ تَعَجَّلْتَهُ وَ قَطِيعَةُ اَلْجَاهِلِ تَعْدِلُ صِلَةَ اَلْعَاقِلِ مَنْ أَمِنَ اَلزَّمَانَ خَانَهُ وَ مَنْ أَعْظَمَهُ أَهَانَهُ لَيْسَ كُلُّ مَنْ رَمَى أَصَابَ إِذَا تَغَيَّرَ اَلسُّلْطَانُ تَغَيَّرَ اَلزَّمَانُ
سَلْ عَنِ اَلرَّفِيقِ قَبْلَ اَلطَّرِيقِ وَ عَنِ اَلْجَارِ قَبْلَ اَلدَّارِ
إِيَّاكَ أَنْ تَذْكُرَ مِنَ اَلْكَلاَمِ مَا يَكُونُ مُضْحِكاً وَ إِنْ حَكَيْتَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِكَ الرأي في المرأة وَ إِيَّاكَ وَ مُشَاوَرَةَ اَلنِّسَاءِ فَإِنَّ رَأْيَهُنَّ إِلَى أَفْنٍ وَ عَزْمَهُنَّ إِلَى وَهْنٍ
وَ اُكْفُفْ عَلَيْهِنَّ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ بِحِجَابِكَ إِيَّاهُنَّ فَإِنَّ شِدَّةَ اَلْحِجَابِ أَبْقَى عَلَيْهِنَّ وَ لَيْسَ خُرُوجُهُنَّ بِأَشَدَّ مِنْ إِدْخَالِكَ مَنْ لاَ يُوثَقُ بِهِ عَلَيْهِنَّ وَ إِنِ اِسْتَطَعْتَ أَلاَّ يَعْرِفْنَ غَيْرَكَ فَافْعَلْ
وَ لاَ تُمَلِّكِ اَلْمَرْأَةَ مِنْ أَمْرِهَا مَا جَاوَزَ نَفْسَهَا فَإِنَّ اَلْمَرْأَةَ رَيْحَانَةٌ وَ لَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ
وَ لاَ تَعْدُ بِكَرَامَتِهَا نَفْسَهَا وَ لاَ تُطْمِعْهَا فِي أَنْ تَشْفَعَ لِغَيْرِهَا وَ إِيَّاكَ وَ اَلتَّغَايُرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ غَيْرَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يَدْعُو اَلصَّحِيحَةَ إِلَى اَلسَّقَمِ وَ اَلْبَرِيئَةَ إِلَى اَلرِّيَبِ
وَ اِجْعَلْ لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنْ خَدَمِكَ عَمَلاً تَأْخُذُهُ بِهِ فَإِنَّهُ أَحْرَى أَلاَّ يَتَوَاكَلُوا فِي خِدْمَتِكَ وَ أَكْرِمْ عَشِيرَتَكَ فَإِنَّهُمْ جَنَاحُكَ اَلَّذِي بِهِ تَطِيرُ وَ أَصْلُكَ اَلَّذِي إِلَيْهِ تَصِيرُ وَ يَدُكَ اَلَّتِي بِهَا تَصُولُ
دعاء اِسْتَوْدِعِ اَللَّهَ دِينَكَ وَ دُنْيَاكَ وَ اِسْأَلْهُ خَيْرَ اَلْقَضَاءِ لَكَ فِي اَلْعَاجِلَةِ وَ اَلْآجِلَةِ وَ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ وَ اَلسَّلاَمُ
مِنَ اَلْوَالِدِ اَلْفَانِ اَلْمُقِرِّ لِلزَّمَانِ اَلْمُدْبِرِ اَلْعُمُرِ اَلْمُسْتَسْلِمِ لِلدُّنْيَا اَلسَّاكِنِ مَسَاكِنَ اَلْمَوْتَى وَ اَلظَّاعِنِ عَنْهَا غَداً إِلَى اَلْمَوْلُودِ اَلْمُؤَمِّلِ مَا لاَ يُدْرِكُ اَلسَّالِكِ سَبِيلَ مَنْ قَدْ هَلَكَ
غَرَضِ اَلْأَسْقَامِ وَ رَهِينَةِ اَلْأَيَّامِ وَ رَمِيَّةِ اَلْمَصَائِبِ وَ عَبْدِ اَلدُّنْيَا وَ تَاجِرِ اَلْغُرُورِ وَ غَرِيمِ اَلْمَنَايَا وَ أَسِيرِ اَلْمَوْتِ وَ حَلِيفِ اَلْهُمُومِ وَ قَرِينِ اَلْأَحْزَانِ وَ نُصُبِ اَلْآفَاتِ وَ صَرِيعِ اَلشَّهَوَاتِ وَ خَلِيفَةِ اَلْأَمْوَاتِ
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ فِيمَا تَبَيَّنْتُ مِنْ إِدْبَارِ اَلدُّنْيَا عَنِّي وَ جُمُوحِ اَلدَّهْرِ عَلَيَّ وَ إِقْبَالِ اَلْآخِرَةِ إِلَيَّ مَا يَزَعُنِي عَنْ ذِكْرِ مَنْ سِوَايَ وَ اَلاِهْتِمَامِ بِمَا وَرَائِي غَيْرَ أَنِّي حَيْثُ تَفَرَّدَ بِي دُونَ هُمُومِ اَلنَّاسِ هَمُّ نَفْسِي
فَصَدَفَنِي رَأْيِي وَ صَرَفَنِي عَنْ هَوَايَ وَ صَرَّحَ لِي مَحْضُ أَمْرِي فَأَفْضَى بِي إِلَى جِدٍّ لاَ يَكُونُ فِيهِ لَعِبٌ وَ صِدْقٍ لاَ يَشُوبُهُ كَذِبٌ
وَ وَجَدْتُكَ بَعْضِي بَلْ وَجَدْتُكَ كُلِّي حَتَّى كَأَنَّ شَيْئاً لَوْ أَصَابَكَ أَصَابَنِي وَ كَأَنَّ اَلْمَوْتَ لَوْ أَتَاكَ أَتَانِي فَعَنَانِي مِنْ أَمْرِكَ مَا يَعْنِينِي مِنْ أَمْرِ نَفْسِي فَكَتَبْتُ إِلَيْكَ كِتَابِي مُسْتَظْهِراً بِهِ إِنْ أَنَا بَقِيتُ لَكَ أَوْ فَنِيتُ
فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اَللَّهِ أَيْ بُنَيَّ وَ لُزُومِ أَمْرِهِ وَ عِمَارَةِ قَلْبِكَ بِذِكْرِهِ وَ اَلاِعْتِصَامِ بِحَبْلِهِ وَ أَيُّ سَبَبٍ أَوْثَقُ مِنْ سَبَبٍ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اَللَّهِ إِنْ أَنْتَ أَخَذْتَ بِهِ
أَحْيِ قَلْبَكَ بِالْمَوْعِظَةِ وَ أَمِتْهُ بِالزَّهَادَةِ وَ قَوِّهِ بِالْيَقِينِ وَ نَوِّرْهُ بِالْحِكْمَةِ وَ ذَلِّلْهُ بِذِكْرِ اَلْمَوْتِ وَ قَرِّرْهُ بِالْفَنَاءِ وَ بَصِّرْهُ فَجَائِعَ اَلدُّنْيَا
وَ حَذِّرْهُ صَوْلَةَ اَلدَّهْرِ وَ فُحْشَ تَقَلُّبِ اَللَّيَالِي وَ اَلْأَيَّامِ وَ اِعْرِضْ عَلَيْهِ أَخْبَارَ اَلْمَاضِينَ وَ ذَكِّرْهُ بِمَا أَصَابَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ اَلْأَوَّلِينَ
وَ سِرْ فِي دِيَارِهِمْ وَ آثَارِهِمْ فَانْظُرْ فِيمَا فَعَلُوا وَ عَمَّا اِنْتَقَلُوا وَ أَيْنَ حَلُّوا وَ نَزَلُوا فَإِنَّكَ تَجِدُهُمْ قَدِ اِنْتَقَلُوا عَنِ اَلْأَحِبَّةِ وَ حَلُّوا دِيَارَ اَلْغُرْبَةِ وَ كَأَنَّكَ عَنْ قَلِيلٍ قَدْ صِرْتَ كَأَحَدِهِمْ
فَأَصْلِحْ مَثْوَاكَ وَ لاَ تَبِعْ آخِرَتَكَ بِدُنْيَاكَ وَ دَعِ اَلْقَوْلَ فِيمَا لاَ تَعْرِفُ وَ اَلْخِطَابَ فِيمَا لَمْ تُكَلَّفْ وَ أَمْسِكْ عَنْ طَرِيقٍ إِذَا خِفْتَ ضَلاَلَتَهُ فَإِنَّ اَلْكَفَّ عِنْدَ حَيْرَةِ اَلضَّلاَلِ خَيْرٌ مِنْ رُكُوبِ اَلْأَهْوَالِ
وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ وَ أَنْكِرِ اَلْمُنْكَرَ بِيَدِكَ وَ لِسَانِكَ وَ بَايِنْ مَنْ فَعَلَهُ بِجُهْدِكَ وَ جَاهِدْ فِي اَللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ وَ لاَ تَأْخُذْكَ فِي اَللَّهِ لَوْمَةُ لاَئِمٍ وَ خُضِ اَلْغَمَرَاتِ لِلْحَقِّ حَيْثُ كَانَ
وَ تَفَقَّهْ فِي اَلدِّينِ وَ عَوِّدْ نَفْسَكَ اَلتَّصَبُّرَ عَلَى اَلْمَكْرُوهِ وَ نِعْمَ اَلْخُلُقُ اَلتَّصَبُرُ فِي اَلْحَقِّ
وَ أَلْجِئْ نَفْسَكَ فِي أُمُورِكَ كُلِّهَا إِلَى إِلَهِكَ فَإِنَّكَ تُلْجِئُهَا إِلَى كَهْفٍ حَرِيزٍ وَ مَانِعٍ عَزِيزٍ وَ أَخْلِصْ فِي اَلْمَسْأَلَةِ لِرَبِّكَ فَإِنَّ بِيَدِهِ اَلْعَطَاءَ وَ اَلْحِرْمَانَ وَ أَكْثِرِ اَلاِسْتِخَارَةَ وَ تَفَهَّمْ وَصِيَّتِي وَ لاَ تَذْهَبَنَّ عَنْكَ صَفْحاً فَإِنَّ خَيْرَ اَلْقَوْلِ مَا نَفَعَ
وَ اِعْلَمْ أَنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ وَ لاَ يُنْتَفَعُ بِعِلْمٍ لاَ يَحِقُّ تَعَلُّمُهُ
أَيْ بُنَيَّ إِنِّي لَمَّا رَأَيْتُنِي قَدْ بَلَغْتُ سِنّاً وَ رَأَيْتُنِي أَزْدَادُ وَهْناً بَادَرْتُ بِوَصِيَّتِي إِلَيْكَ وَ أَوْرَدْتُ خِصَالاً مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يَعْجَلَ بِي أَجَلِي دُونَ أَنْ أُفْضِيَ إِلَيْكَ بِمَا فِي نَفْسِي
أَوْ أَنْ أُنْقَصَ فِي رَأْيِي كَمَا نُقِصْتُ فِي جِسْمِي أَوْ يَسْبِقَنِي إِلَيْكَ بَعْضُ غَلَبَاتِ اَلْهَوَى وَ فِتَنِ اَلدُّنْيَا فَتَكُونَ كَالصَّعْبِ اَلنَّفُورِ وَ إِنَّمَا قَلْبُ اَلْحَدَثِ كَالْأَرْضِ اَلْخَالِيَةِ مَا أُلْقِيَ فِيهَا مِنْ شَيْءٍ قَبِلَتْهُ
فَبَادَرْتُكَ بِالْأَدَبِ قَبْلَ أَنْ يَقْسُوَ قَلْبُكَ وَ يَشْتَغِلَ لُبُّكَ لِتَسْتَقْبِلَ بِجِدِّ رَأْيِكَ مِنَ اَلْأَمْرِ مَا قَدْ كَفَاكَ أَهْلُ اَلتَّجَارِبِ بُغْيَتَهُ وَ تَجْرِبَتَهُ فَتَكُونَ قَدْ كُفِيتَ مَئُونَةَ اَلطَّلَبِ وَ عُوفِيتَ مِنْ عِلاَجِ اَلتَّجْرِبَةِ
فَأَتَاكَ مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ كُنَّا نَأْتِيهِ وَ اِسْتَبَانَ لَكَ مَا رُبَّمَا أَظْلَمَ عَلَيْنَا مِنْهُ
أَيْ بُنَيَّ إِنِّي وَ إِنْ لَمْ أَكُنْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْ كَانَ قَبْلِي فَقَدْ نَظَرْتُ فِي أَعْمَالِهِمْ وَ فَكَّرْتُ فِي أَخْبَارِهِمْ وَ سِرْتُ فِي آثَارِهِمْ حَتَّى عُدْتُ كَأَحَدِهِمْ بَلْ كَأَنِّي بِمَا اِنْتَهَى إِلَيَّ مِنْ أُمُورِهِمْ قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ
فَعَرَفْتُ صَفْوَ ذَلِكَ مِنْ كَدَرِهِ وَ نَفْعَهُ مِنْ ضَرَرِهِ فَاسْتَخْلَصْتُ لَكَ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ نَخِيلَهُ وَ تَوَخَّيْتُ لَكَ جَمِيلَهُ وَ صَرَفْتُ عَنْكَ مَجْهُولَهُ
وَ رَأَيْتُ حَيْثُ عَنَانِي مِنْ أَمْرِكَ مَا يَعْنِي اَلْوَالِدَ اَلشَّفِيقَ وَ أَجْمَعْتُ عَلَيْهِ مِنْ أَدَبِكَ
أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَ أَنْتَ مُقْبِلُ اَلْعُمُرِ وَ مُقْتَبَلُ اَلدَّهْرِ ذُو نِيَّةٍ سَلِيمَةٍ وَ نَفْسٍ صَافِيَةٍ وَ أَنْ أَبْتَدِئَكَ بِتَعْلِيمِ كِتَابِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ تَأْوِيلِهِ وَ شَرَائِعِ اَلْإِسْلاَمِ وَ أَحْكَامِهِ وَ حَلاَلِهِ وَ حَرَامِهِ لاَ أُجَاوِزُ ذَلِكَ بِكَ إِلَى غَيْرِهِ
ثُمَّ أَشْفَقْتُ أَنْ يَلْتَبِسَ عَلَيْكَ مَا اِخْتَلَفَ اَلنَّاسُ فِيهِ مِنْ أَهْوَائِهِمْ وَ آرَائِهِمْ مِثْلَ اَلَّذِي اِلْتَبَسَ عَلَيْهِمْ فَكَانَ إِحْكَامُ ذَلِكَ عَلَى مَا كَرِهْتُ مِنْ تَنْبِيهِكَ لَهُ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ إِسْلاَمِكَ إِلَى أَمْرٍ لاَ آمَنُ عَلَيْكَ بِهِ اَلْهَلَكَةَ
وَ رَجَوْتُ أَنْ يُوَفِّقَكَ اَللَّهُ فِيهِ لِرُشْدِكَ وَ أَنْ يَهْدِيَكَ لِقَصْدِكَ فَعَهِدْتُ إِلَيْكَ وَصِيَّتِي هَذِهِ
وَ اِعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ أَحَبَّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِهِ إِلَيَّ مِنْ وَصِيَّتِي تَقْوَى اَللَّهِ وَ اَلاِقْتِصَارُ عَلَى مَا فَرَضَهُ اَللَّهُ عَلَيْكَ وَ اَلْأَخْذُ بِمَا مَضَى عَلَيْهِ اَلْأَوَّلُونَ مِنْ آبَائِكَ وَ اَلصَّالِحُونَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ
فَإِنَّهُمْ لَمْ يَدَعُوا أَنْ نَظَرُوا لِأَنْفُسِهِمْ كَمَا أَنْتَ نَاظِرٌ وَ فَكَّرُوا كَمَا أَنْتَ مُفَكِّرٌ ثُمَّ رَدَّهُمْ آخِرُ ذَلِكَ إِلَى اَلْأَخْذِ بِمَا عَرَفُوا وَ اَلْإِمْسَاكِ عَمَّا لَمْ يُكَلَّفُوا
فَإِنْ أَبَتْ نَفْسُكَ أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ دُونَ أَنْ تَعْلَمَ كَمَا عَلِمُوا فَلْيَكُنْ طَلَبُكَ ذَلِكَ بِتَفَهُّمٍ وَ تَعَلُّمٍ لاَ بِتَوَرُّطِ اَلشُّبُهَاتِ وَ عُلَقِ اَلْخُصُومَاتِ
وَ اِبْدَأْ قَبْلَ نَظَرِكَ فِي ذَلِكَ بِالاِسْتِعَانَةِ بِإِلَهِكَ وَ اَلرَّغْبَةِ إِلَيْهِ فِي تَوْفِيقِكَ وَ تَرْكِ كُلِّ شَائِبَةٍ أَوْلَجَتْكَ فِي شُبْهَةٍ أَوْ أَسْلَمَتْكَ إِلَى ضَلاَلَةٍ
فَإِنْ أَيْقَنْتَ أَنْ قَدْ صَفَا قَلْبُكَ فَخَشَعَ وَ تَمَّ رَأْيُكَ فَاجْتَمَعَ وَ كَانَ هَمُّكَ فِي ذَلِكَ هَمّاً وَاحِداً فَانْظُرْ فِيمَا فَسَّرْتُ لَكَ
وَ إِنْ لَمْ يَجْتَمِعْ لَكَ مَا تُحِبُّ مِنْ نَفْسِكَ وَ فَرَاغِ نَظَرِكَ وَ فِكْرِكَ فَاعْلَمْ أَنَّكَ إِنَّمَا تَخْبِطُ اَلْعَشْوَاءَ وَ تَتَوَرَّطُ اَلظَّلْمَاءَ وَ لَيْسَ طَالِبُ اَلدِّينِ مَنْ خَبَطَ أَوْ خَلَطَ وَ اَلْإِمْسَاكُ عَنْ ذَلِكَ أَمْثَلُ
فَتَفَهَّمْ يَا بُنَيَّ وَصِيَّتِي وَ اِعْلَمْ أَنَّ مَالِكَ اَلْمَوْتِ هُوَ مَالِكُ اَلْحَيَاةِ وَ أَنَّ اَلْخَالِقَ هُوَ اَلْمُمِيتُ وَ أَنَّ اَلْمُفْنِيَ هُوَ اَلْمُعِيدُ وَ أَنَّ اَلْمُبْتَلِيَ هُوَ اَلْمُعَافِي
وَ أَنَّ اَلدُّنْيَا لَمْ تَكُنْ لِتَسْتَقِرَّ إِلاَّ عَلَى مَا جَعَلَهَا اَللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ اَلنَّعْمَاءِ وَ اَلاِبْتِلاَءِ وَ اَلْجَزَاءِ فِي اَلْمَعَادِ أَوْ مَا شَاءَ مِمَّا لاَ تَعْلَمُ
فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَاحْمِلْهُ عَلَى جَهَالَتِكَ فَإِنَّكَ أَوَّلُ مَا خُلِقْتَ بِهِ جَاهِلاً ثُمَّ عُلِّمْتَ وَ مَا أَكْثَرَ مَا تَجْهَلُ مِنَ اَلْأَمْرِ وَ يَتَحَيَّرُ فِيهِ رَأْيُكَ وَ يَضِلُّ فِيهِ بَصَرُكَ ثُمَّ تُبْصِرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ
فَاعْتَصِمْ بِالَّذِي خَلَقَكَ وَ رَزَقَكَ وَ سَوَّاكَ وَ لْيَكُنْ لَهُ تَعَبُّدُكَ وَ إِلَيْهِ رَغْبَتُكَ وَ مِنْهُ شَفَقَتُكَ
وَ اِعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ أَحَداً لَمْ يُنْبِئْ عَنِ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ كَمَا أَنْبَأَ عَنْهُ اَلرَّسُولُ صلىاللهعليهوآله فَارْضَ بِهِ رَائِداً وَ إِلَى اَلنَّجَاةِ قَائِداً فَإِنِّي لَمْ آلُكَ نَصِيحَةً وَ إِنَّكَ لَنْ تَبْلُغَ فِي اَلنَّظَرِ لِنَفْسِكَ وَ إِنِ اِجْتَهَدْتَ مَبْلَغَ نَظَرِي لَكَ
وَ اِعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِرَبِّكَ شَرِيكٌ لَأَتَتْكَ رُسُلُهُ وَ لَرَأَيْتَ آثَارَ مُلْكِهِ وَ سُلْطَانِهِ وَ لَعَرَفْتَ أَفْعَالَهُ وَ صِفَاتِهِ وَ لَكِنَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ لاَ يُضَادُّهُ فِي مُلْكِهِ أَحَدٌ وَ لاَ يَزُولُ أَبَداً وَ لَمْ يَزَلْ
أَوَّلٌ قَبْلَ اَلْأَشْيَاءِ بِلاَ أَوَّلِيَّةٍ وَ آخِرٌ بَعْدَ اَلْأَشْيَاءِ بِلاَ نِهَايَةٍ عَظُمَ عَنْ أَنْ تَثْبُتَ رُبُوبِيَّتُهُ بِإِحَاطَةِ قَلْبٍ أَوْ بَصَرٍ
فَإِذَا عَرَفْتَ ذَلِكَ فَافْعَلْ كَمَا يَنْبَغِي لِمِثْلِكَ أَنْ يَفْعَلَهُ فِي صِغَرِ خَطَرِهِ وَ قِلَّةِ مَقْدِرَتِهِ وَ كَثْرَةِ عَجْزِهِ و عَظِيمِ حَاجَتِهِ إِلَى رَبِّهِ فِي طَلَبِ طَاعَتِهِ وَ اَلْخَشْيَةِ مِنْ عُقُوبَتِهِ وَ اَلشَّفَقَةِ مِنْ سُخْطِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْمُرْكَ إِلاَّ بِحَسَنٍ وَ لَمْ يَنْهَكَ إِلاَّ عَنْ قَبِيحٍ
يَا بُنَيَّ إِنِّي قَدْ أَنْبَأْتُكَ عَنِ اَلدُّنْيَا وَ حَالِهَا وَ زَوَالِهَا وَ اِنْتِقَالِهَا وَ أَنْبَأْتُكَ عَنِ اَلْآخِرَةِ وَ مَا أُعِدَّ لِأَهْلِهَا فِيهَا وَ ضَرَبْتُ لَكَ فِيهِمَا اَلْأَمْثَالَ لِتَعْتَبِرَ بِهَا وَ تَحْذُوَ عَلَيْهَا
إِنَّمَا مَثَلُ مَنْ خَبَرَ اَلدُّنْيَا كَمَثَلِ قَوْمٍ سَفْرٍ نَبَا بِهِمْ مَنْزِلٌ جَدِيبٌ فَأَمُّوا مَنْزِلاً خَصِيباً وَ جَنَاباً مَرِيعاً فَاحْتَمَلُوا وَعْثَاءَ اَلطَّرِيقِ وَ فِرَاقَ اَلصَّدِيقِ وَ خُشُونَةَ اَلسَّفَرِ وَ جُشُوبَةَ اَلمَطْعَمِ لِيَأْتُوا سَعَةَ دَارِهِمْ وَ مَنْزِلَ قَرَارِهِمْ
فَلَيْسَ يَجِدُونَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَلَماً وَ لاَ يَرَوْنَ نَفَقَةً فِيهِ مَغْرَماً وَ لاَ شَيْءَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِمَّا قَرَّبَهُمْ مِنْ مَنْزِلِهِمْ وَ أَدْنَاهُمْ مِنْ مَحَلَّتِهِمْ
وَ مَثَلُ مَنِ اِغْتَرَّ بِهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ كَانُوا بِمَنْزِلٍ خَصِيبٍ فَنَبَا بِهِمْ إِلَى مَنْزِلٍ جَدِيبٍ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِمْ وَ لاَ أَفْظَعَ عِنْدَهُمْ مِنْ مُفَارَقَةِ مَا كَانُوا فِيهِ إِلَى مَا يَهْجُمُونَ عَلَيْهِ وَ يَصِيرُونَ إِلَيْهِ
يَا بُنَيَّ اِجْعَلْ نَفْسَكَ مِيزَاناً فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ غَيْرِكَ فَأَحْبِبْ لِغَيْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَ اِكْرَهْ لَهُ مَا تَكْرَهُ لَهَا وَ لاَ تَظْلِمْ كَمَا لاَ تُحِبُّ أَنْ تُظْلَمَ وَ أَحْسِنْ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ وَ اِسْتَقْبِحْ مِنْ نَفْسِكَ مَا تَسْتَقْبِحُهُ مِنْ غَيْرِكَ
وَ اِرْضَ مِنَ اَلنَّاسِ بِمَا تَرْضَاهُ لَهُمْ مِنْ نَفْسِكَ وَ لاَ تَقُلْ مَا لاَ تَعْلَمُ وَ إِنْ قَلَّ مَا تَعْلَمُ وَ لاَ تَقُلْ مَا لاَ تُحِبُّ أَنْ يُقَالَ لَكَ
وَ اِعْلَمْ أَنَّ اَلْإِعْجَابَ ضِدُّ اَلصَّوَابِ وَ آفَةُ اَلْأَلْبَابِ فَاسْعَ فِي كَدْحِكَ وَ لاَ تَكُنْ خَازِناً لِغَيْرِكَ وَ إِذَا أَنْتَ هُدِيتَ لِقَصْدِكَ فَكُنْ أَخْشَعَ مَا تَكُونُ لِرَبِّكَ
وَ اِعْلَمْ أَنَّ أَمَامَكَ طَرِيقاً ذَا مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ وَ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ وَ أَنَّهُ لاَ غِنَى بِكَ فِيهِ عَنْ حُسْنِ اَلاِرْتِيَادِ وَ قَدْرِ بَلاَغِكَ مِنَ اَلزَّادِ مَعَ خِفَّةِ اَلظَّهْرِ فَلاَ تَحْمِلَنَّ عَلَى ظَهْرِكَ فَوْقَ طَاقَتِكَ فَيَكُونَ ثِقْلُ ذَلِكَ وَبَالاً عَلَيْكَ
وَ إِذَا وَجَدْتَ مِنْ أَهْلِ اَلْفَاقَةِ مَنْ يَحْمِلُ لَكَ زَادَكَ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ فَيُوَافِيكَ بِهِ غَداً حَيْثُ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَاغْتَنِمْهُ وَ حَمِّلْهُ إِيَّاهُ وَ أَكْثِرْ مِنْ تَزْوِيدِهِ وَ أَنْتَ قَادِرٌ عَلَيْهِ فَلَعَلَّكَ تَطْلُبُهُ فَلاَ تَجِدُهُ
وَ اِغْتَنِمْ مَنِ اِسْتَقْرَضَكَ فِي حَالِ غِنَاكَ لِيَجْعَلَ قَضَاءَهُ لَكَ فِي يَوْمِ عُسْرَتِكَ
وَ اِعْلَمْ أَنَّ أَمَامَكَ عَقَبَةً كَؤُوداً اَلْمُخِفُّ فِيهَا أَحْسَنُ حَالاً مِنَ اَلْمُثْقِلِ وَ اَلْمُبْطِئُ عَلَيْهَا أَقْبَحُ حَالاً مِنَ اَلْمُسْرِعِ وَ أَنَّ مَهْبِطَكَ بِهَا لاَ مَحَالَةَ إِمَّا عَلَى جَنَّةٍ أَوْ عَلَى نَارٍ
فَارْتَدْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ نُزُولِكَ وَ وَطِّئِ اَلْمَنْزِلَ قَبْلَ حُلُولِكَ فَلَيْسَ بَعْدَ اَلْمَوْتِ مُسْتَعْتَبٌ وَ لاَ إِلَى اَلدُّنْيَا مُنْصَرَفٌ
وَ اِعْلَمْ أَنَّ اَلَّذِي بِيَدِهِ خَزَائِنُ اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرْضِ قَدْ أَذِنَ لَكَ فِي اَلدُّعَاءِ وَ تَكَفَّلَ لَكَ بِالْإِجَابَةِ وَ أَمَرَكَ أَنْ تَسْأَلَهُ لِيُعْطِيَكَ وَ تَسْتَرْحِمَهُ لِيَرْحَمَكَ وَ لَمْ يَجْعَلْ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ مَنْ يَحْجُبُكَ عَنْهُ وَ لَمْ يُلْجِئْكَ إِلَى مَنْ يَشْفَعُ لَكَ إِلَيْهِ
وَ لَمْ يَمْنَعْكَ إِنْ أَسَأْتَ مِنَ اَلتَّوْبَةِ وَ لَمْ يُعَاجِلْكَ بِالنِّقْمَةِ وَ لَمْ يُعَيِّرْكَ بِالْإِنَابَةِ وَ لَمْ يَفْضَحْكَ حَيْثُ اَلْفَضِيحَةُ بِكَ أَوْلَى وَ لَمْ يُشَدِّدْ عَلَيْكَ فِي قَبُولِ اَلْإِنَابَةِ وَ لَمْ يُنَاقِشْكَ بِالْجَرِيمَةِ وَ لَمْ يُؤْيِسْكَ مِنَ اَلرَّحْمَةِ
بَلْ جَعَلَ نُزُوعَكَ عَنِ اَلذَّنْبِ حَسَنَةً وَ حَسَبَ سَيِّئَتَكَ وَاحِدَةً وَ حَسَبَ حَسَنَتَكَ عَشْراً وَ فَتَحَ لَكَ بَابَ اَلْمَتَابِ وَ بَابَ اَلاِسْتِعْتَابِ
فَإِذَا نَادَيْتَهُ سَمِعَ نِدَاكَ وَ إِذَا نَاجَيْتَهُ عَلِمَ نَجْوَاكَ فَأَفْضَيْتَ إِلَيْهِ بِحَاجَتِكَ وَ أَبْثَثْتَهُ ذَاتَ نَفْسِكَ وَ شَكَوْتَ إِلَيْهِ هُمُومَكَ وَ اِسْتَكْشَفْتَهُ كُرُوبَكَ
وَ اِسْتَعَنْتَهُ عَلَى أُمُورِكَ وَ سَأَلْتَهُ مِنْ خَزَائِنِ رَحْمَتِهِ مَا لاَ يَقْدِرُ عَلَى إِعْطَائِهِ غَيْرُهُ مِنْ زِيَادَةِ اَلْأَعْمَارِ وَ صِحَّةِ اَلْأَبْدَانِ وَ سَعَةِ اَلْأَرْزَاقِ
ثُمَّ جَعَلَ فِي يَدَيْكَ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِهِ بِمَا أَذِنَ لَكَ فِيهِ مِنْ مَسْأَلَتِهِ فَمَتَى شِئْتَ اِسْتَفْتَحْتَ بِالدُّعَاءِ أَبْوَابَ نِعْمَتِهِ وَ اِسْتَمْطَرْتَ شَآبِيبَ رَحْمَتِهِ فَلاَ يُقَنِّطَنَّكَ إِبْطَاءُ إِجَابَتِهِ فَإِنَّ اَلْعَطِيَّةَ عَلَى قَدْرِ اَلنِّيَّةِ
وَ رُبَّمَا أُخِّرَتْ عَنْكَ اَلْإِجَابَةُ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَعْظَمَ لِأَجْرِ اَلسَّائِلِ وَ أَجْزَلَ لِعَطَاءِ اَلْآمِلِ وَ رُبَّمَا سَأَلْتَ اَلشَّيْءَ فَلاَ تُؤْتَاهُ وَ أُوتِيتَ خَيْراً مِنْهُ عَاجِلاً أَوْ آجِلاً أَوْ صُرِفَ عَنْكَ لِمَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ
فَلَرُبَّ أَمْرٍ قَدْ طَلَبْتَهُ فِيهِ هَلاَكُ دِينِكَ لَوْ أُوتِيتَهُ فَلْتَكُنْ مَسْأَلَتُكَ فِيمَا يَبْقَى لَكَ جَمَالُهُ وَ يُنْفَى عَنْكَ وَبَالُهُ فَالْمَالُ لاَ يَبْقَى لَكَ وَ لاَ تَبْقَى لَهُ
وَ اِعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّكَ إِنَّمَا خُلِقْتَ لِلْآخِرَةِ لاَ لِلدُّنْيَا وَ لِلْفَنَاءِ لاَ لِلْبَقَاءِ وَ لِلْمَوْتِ لاَ لِلْحَيَاةِ وَ أَنَّكَ فِي قُلْعَةٍ وَ دَارِ بُلْغَةٍ وَ طَرِيقٍ إِلَى اَلْآخِرَةِ وَ أَنَّكَ طَرِيدُ اَلْمَوْتِ اَلَّذِي لاَ يَنْجُو مِنْهُ هَارِبُهُ وَ لاَ يَفُوتُهُ طَالِبُهُ وَ لاَ بُدَّ أَنَّهُ مُدْرِكُهُ
فَكُنْ مِنْهُ عَلَى حَذَرِ أَنْ يُدْرِكَكَ وَ أَنْتَ عَلَى حَالٍ سَيِّئَةٍ قَدْ كُنْتَ تُحَدِّثُ نَفْسَكَ مِنْهَا بِالتَّوْبَةِ فَيَحُولَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ ذَلِكَ فَإِذَا أَنْتَ قَدْ أَهْلَكْتَ نَفْسَكَ
ذكر الموت يَا بُنَيَّ أَكْثِرْ مِنْ ذِكْرِ اَلْمَوْتِ وَ ذِكْرِ مَا تَهْجُمُ عَلَيْهِ وَ تُفْضِي بَعْدَ اَلْمَوْتِ إِلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَكَ وَ قَدْ أَخَذْتَ مِنْهُ حِذْرَكَ وَ شَدَدْتَ لَهُ أَزْرَكَ وَ لاَ يَأْتِيَكَ بَغْتَةً فَيَبْهَرَكَ
وَ إِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِمَا تَرَى مِنْ إِخْلاَدِ أَهْلِ اَلدُّنْيَا إِلَيْهَا وَ تَكَالُبِهِمْ عَلَيْهَا فَقَدْ نَبَّأَكَ اَللَّهُ عَنْهَا وَ نَعَتْ هِيَ لَكَ عَنْ نَفْسِهَا وَ تَكَشَّفَتْ لَكَ عَنْ مَسَاوِيهَا
فَإِنَّمَا أَهْلُهَا كِلاَبٌ عَاوِيَةٌ وَ سِبَاعٌ ضَارِيَةٌ يَهِرُّ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَ يَأْكُلُ عَزِيزُهَا ذَلِيلَهَا وَ يَقْهَرُ كَبِيرُهَا صَغِيرَهَا
نَعَمٌ مُعَقَّلَةٌ وَ أُخْرَى مُهْمَلَةٌ قَدْ أَضَلَّتْ عُقُولَهَا وَ رَكِبَتْ مَجْهُولَهَا سُرُوحُ عَاهَةٍ بِوَادٍ وَعْثٍ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ يُقِيمُهَا وَ لاَ مُسِيمٌ يُسِيمُهَا
سَلَكَتْ بِهِمُ اَلدُّنْيَا طَرِيقَ اَلْعَمَى وَ أَخَذَتْ بِأَبْصَارِهِمْ عَنْ مَنَارِ اَلْهُدَى فَتَاهُوا فِي حَيْرَتِهَا وَ غَرِقُوا فِي نِعْمَتِهَا وَ اِتَّخَذُوهَا رَبّاً فَلَعِبَتْ بِهِمْ وَ لَعِبُوا بِهَا وَ نَسُوا مَا وَرَاءَهَا
الترفق في الطلب رُوَيْداً يُسْفِرُ اَلظَّلاَمُ كَأَنْ قَدْ وَرَدَتِ اَلْأَظْعَانُ يُوشِكُ مَنْ أَسْرَعَ أَنْ يَلْحَقَ
وَ اِعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ مَنْ كَانَتْ مَطِيَّتُهُ اَللَّيْلَ وَ اَلنَّهَارَ فَإِنَّهُ يُسَارُ بِهِ وَ إِنْ كَانَ وَاقِفاً وَ يَقْطَعُ اَلْمَسَافَةَ وَ إِنْ كَانَ مُقِيماً وَادِعاً
وَ اِعْلَمْ يَقِيناً أَنَّكَ لَنْ تَبْلُغَ أَمَلَكَ وَ لَنْ تَعْدُوَ أَجَلَكَ وَ أَنَّكَ فِي سَبِيلِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ فَخَفِّضْ فِي اَلطَّلَبِ وَ أَجْمِلْ فِي اَلْمُكْتَسَبِ فَإِنَّهُ رُبَّ طَلَبٍ قَدْ جَرَّ إِلَى حَرَبٍ وَ لَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ بِمَرْزُوقٍ وَ لاَ كُلُّ مُجْمِلٍ بِمَحْرُومٍ
وَ أَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْ كُلِّ دَنِيَّةٍ وَ إِنْ سَاقَتْكَ إِلَى اَلرَّغَائِبِ فَإِنَّكَ لَنْ تَعْتَاضَ بِمَا تَبْذُلُ مِنْ نَفْسِكَ عِوَضاً وَ لاَ تَكُنْ عَبْدَ غَيْرِكَ وَ قَدْ جَعَلَكَ اَللَّهُ حُرّاً وَ مَا خَيْرُ خَيْرٍ لاَ يُنَالُ إِلاَّ بِشَرٍّ وَ يُسْرٍ لاَ يُنَالُ إِلاَّ بِعُسْرٍ
وَ إِيَّاكَ أَنْ تُوجِفَ بِكَ مَطَايَا اَلطَّمَعِ فَتُورِدَكَ مَنَاهِلَ اَلْهَلَكَةِ وَ إِنِ اِسْتَطَعْتَ أَلاَّ يَكُونَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اَللَّهِ ذُو نِعْمَةٍ فَافْعَلْ فَإِنَّكَ مُدْرِكٌ قَسْمَكَ وَ آخِذٌ سَهْمَكَ
وَ إِنَّ اَلْيَسِيرَ مِنَ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ أَعْظَمُ وَ أَكْرَمُ مِنَ اَلْكَثِيرِ مِنْ خَلْقِهِ وَ إِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُ
وصايا شتى وَ تَلاَفِيكَ مَا فَرَطَ مِنْ صَمْتِكَ أَيْسَرُ مِنْ إِدْرَاكِكَ مَا فَاتَ مِنْ مَنْطِقِكَ وَ حِفْظُ مَا فِي اَلْوِعَاءِ بِشَدِّ اَلْوِكَاءِ وَ حِفْظُ مَا فِي يَدَيْكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ طَلَبِ مَا فِي يَدَيْ غَيْرِكَ
وَ مَرَارَةُ اَلْيَأْسِ خَيْرٌ مِنَ اَلطَّلَبِ إِلَى اَلنَّاسِ وَ اَلْحِرْفَةُ مَعَ اَلْعِفَّةِ خَيْرٌ مِنَ اَلْغِنَى مَعَ اَلْفُجُورِ وَ اَلْمَرْءُ أَحْفَظُ لِسِرِّهِ وَ رُبَّ سَاعٍ فِيمَا يَضُرُّهُ مَنْ أَكْثَرَ أَهْجَرَ وَ مَنْ تَفَكَّرَ أَبْصَرَ
قَارِنْ أَهْلَ اَلْخَيْرِ تَكُنْ مِنْهُمْ وَ بَايِنْ أَهْلَ اَلشَّرِّ تَبِنْ عَنْهُمْ بِئْسَ اَلطَّعَامُ اَلْحَرَامُ وَ ظُلْمُ اَلضَّعِيفِ أَفْحَشُ اَلظُّلْمِ
إِذَا كَانَ اَلرِّفْقُ خُرْقاً كَانَ اَلْخُرْقُ رِفْقاً رُبَّمَا كَانَ اَلدَّوَاءُ دَاءً وَ اَلدَّاءُ دَوَاءً وَ رُبَّمَا نَصَحَ غَيْرُ اَلنَّاصِحِ وَ غَشَّ اَلْمُسْتَنْصَحُ
وَ إِيَّاكَ وَ اَلاِتِّكَالَ عَلَى اَلْمُنَى فَإِنَّهَا بَضَائِعُ اَلنَّوْكَى وَ اَلْعَقْلُ حِفْظُ اَلتَّجَارِبِ وَ خَيْرُ مَا جَرَّبْتَ مَا وَعَظَكَ بَادِرِ اَلْفُرْصَةَ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ غُصَّةً لَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ يُصِيبُ وَ لاَ كُلُّ غَائِبٍ يَئُوبُ
وَ مِنَ اَلْفَسَادِ إِضَاعَةُ اَلزَّادِ وَ مَفْسَدَةُ اَلْمَعَادِ وَ لِكُلِّ أَمْرٍ عَاقِبَةٌ سَوْفَ يَأْتِيكَ مَا قُدِّرَ لَكَ اَلتَّاجِرُ مُخَاطِرٌ وَ رُبَّ يَسِيرٍ أَنْمَى مِنْ كَثِيرٍ
لاَ خَيْرَ فِي مُعِينٍ مَهِينٍ وَ لاَ فِي صَدِيقٍ ظَنِينٍ سَاهِلِ اَلدَّهْرَ مَا ذَلَّ لَكَ قَعُودُهُ وَ لاَ تُخَاطِرْ بِشَيْءٍ رَجَاءَ أَكْثَرَ مِنْهُ وَ إِيَّاكَ أَنْ تَجْمَحَ بِكَ مَطِيَّةُ اَللَّجَاجِ
اِحْمِلْ نَفْسَكَ مِنْ أَخِيكَ عِنْدَ صَرْمِهِ عَلَى اَلصِّلَةِ وَ عِنْدَ صُدُودِهِ عَلَى اَللَّطَفِ وَ اَلْمُقَارَبَةِ وَ عِنْدَ جُمُودِهِ عَلَى اَلْبَذْلِ وَ عِنْدَ تَبَاعُدِهِ عَلَى اَلدُّنُوِّ وَ عِنْدَ شِدَّتِهِ عَلَى اَللِّينِ وَ عِنْدَ جُرْمِهِ عَلَى اَلْعُذْرِ حَتَّى كَأَنَّكَ لَهُ عَبْدٌ
وَ كَأَنَّهُ ذُو نِعْمَةٍ عَلَيْكَ وَ إِيَّاكَ أَنْ تَضَعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ أَوْ أَنْ تَفْعَلَهُ بِغَيْرِ أَهْلِهِ
لاَ تَتَّخِذَنَّ عَدُوَّ صَدِيقِكَ صَدِيقاً فَتُعَادِيَ صَدِيقَكَ وَ اِمْحَضْ أَخَاكَ اَلنَّصِيحَةَ حَسَنَةً كَانَتْ أَوْ قَبِيحَةً وَ تَجَرَّعِ اَلْغَيْظَ فَإِنِّي لَمْ أَرَ جُرْعَةً أَحْلَى مِنْهَا عَاقِبَةً وَ لاَ أَلَذَّ مَغَبَّةً
وَ لِنْ لِمَنْ غَالَظَكَ فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَلِينَ لَكَ وَ خُذْ عَلَى عَدُوِّكَ بِالْفَضْلِ فَإِنَّهُ أَحْلَى اَلظَّفَرَيْنِ
وَ إِنْ أَرَدْتَ قَطِيعَةَ أَخِيكَ فَاسْتَبْقِ لَهُ مِنْ نَفْسِكَ بَقِيَّةً يَرْجِعُ إِلَيْهَا إِنْ بَدَا لَهُ ذَلِكَ يَوْماً مَا
وَ مَنْ ظَنَّ بِكَ خَيْراً فَصَدِّقْ ظَنَّهُ وَ لاَ تُضِيعَنَّ حَقَّ أَخِيكَ اِتِّكَالاً عَلَى مَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكَ بِأَخٍ مَنْ أَضَعْتَ حَقَّهُ وَ لاَ يَكُنْ أَهْلُكَ أَشْقَى اَلْخَلْقِ بِكَ
وَ لاَ تَرْغَبَنَّ فِيمَنْ زَهِدَ عَنْكَ وَ لاَ يَكُونَنَّ أَخُوكَ أَقْوَى عَلَى قَطِيعَتِكَ مِنْكَ عَلَى صِلَتِهِ وَ لاَ تَكُونَنَّ عَلَى اَلْإِسَاءَةِ أَقْوَى مِنْكَ عَلَى اَلْإِحْسَانِ
وَ لاَ يَكْبُرَنَّ عَلَيْكَ ظُلْمُ مَنْ ظَلَمَكَ فَإِنَّهُ يَسْعَى فِي مَضَرَّتِهِ وَ نَفْعِكَ وَ لَيْسَ جَزَاءُ مَنْ سَرَّكَ أَنْ تَسُوءَهُ
وَ اِعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ اَلرِّزْقَ رِزْقَانِ رِزْقٌ تَطْلُبُهُ وَ رِزْقٌ يَطْلُبُكَ فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَأْتِهِ أَتَاكَ
مَا أَقْبَحَ اَلْخُضُوعَ عِنْدَ اَلْحَاجَةِ وَ اَلْجَفَاءَ عِنْدَ اَلْغِنَى إِنَّمَا لَكَ مِنْ دُنْيَاكَ مَا أَصْلَحْتَ بِهِ مَثْوَاكَ وَ إِنْ كُنْتَ جَازِعاً عَلَى مَا تَفَلَّتَ مِنْ يَدَيْكَ فَاجْزَعْ عَلَى كُلِّ مَا لَمْ يَصِلْ إِلَيْكَ اِسْتَدِلَّ عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ بِمَا قَدْ كَانَ فَإِنَّ اَلْأُمُورَ أَشْبَاهٌ
وَ لاَ تَكُونَنَّ مِمَّنْ لاَ تَنْفَعُهُ اَلْعِظَةُ إِلاَّ إِذَا بَالَغْتَ فِي إِيلاَمِهِ فَإِنَّ اَلْعَاقِلَ يَتَّعِظُ بِالْآدَابِ وَ اَلْبَهَائِمَ لاَ تَتَّعِظُ إِلاَّ بِالضَّرْبِ
اِطْرَحْ عَنْكَ وَارِدَاتِ اَلْهُمُومِ بِعَزَائِمِ اَلصَّبْرِ وَ حُسْنِ اَلْيَقِينِ مَنْ تَرَكَ اَلْقَصْدَ جَارَ وَ اَلصَّاحِبُ مُنَاسِبٌ وَ اَلصَّدِيقُ مَنْ صَدَقَ غَيْبُهُ وَ اَلْهَوَى شَرِيكُ اَلْعَمَى
وَ رُبَّ بَعِيدٍ أَقْرَبُ مِنْ قَرِيبٍ وَ قَرِيبٍ أَبْعَدُ مِنْ بَعِيدٍ وَ اَلْغَرِيبُ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَبِيبٌ مَنْ تَعَدَّى اَلْحَقَّ ضَاقَ مَذْهَبُهُ وَ مَنِ اِقْتَصَرَ عَلَى قَدْرِهِ كَانَ أَبْقَى لَهُ وَ أَوْثَقُ سَبَبٍ أَخَذْتَ بِهِ سَبَبٌ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ مَنْ لَمْ يُبَالِكَ فَهُوَ عَدُوُّكَ
قَدْ يَكُونُ اَلْيَأْسُ إِدْرَاكاً إِذَا كَانَ اَلطَّمَعُ هَلاَكاً لَيْسَ كُلُّ عَوْرَةٍ تَظْهَرُ وَ لاَ كُلُّ فُرْصَةٍ تُصَابُ وَ رُبَّمَا أَخْطَأَ اَلْبَصِيرُ قَصْدَهُ وَ أَصَابَ اَلْأَعْمَى رُشْدَهُ
أَخِّرِ اَلشَّرَّ فَإِنَّكَ إِذَا شِئْتَ تَعَجَّلْتَهُ وَ قَطِيعَةُ اَلْجَاهِلِ تَعْدِلُ صِلَةَ اَلْعَاقِلِ مَنْ أَمِنَ اَلزَّمَانَ خَانَهُ وَ مَنْ أَعْظَمَهُ أَهَانَهُ لَيْسَ كُلُّ مَنْ رَمَى أَصَابَ إِذَا تَغَيَّرَ اَلسُّلْطَانُ تَغَيَّرَ اَلزَّمَانُ
سَلْ عَنِ اَلرَّفِيقِ قَبْلَ اَلطَّرِيقِ وَ عَنِ اَلْجَارِ قَبْلَ اَلدَّارِ
إِيَّاكَ أَنْ تَذْكُرَ مِنَ اَلْكَلاَمِ مَا يَكُونُ مُضْحِكاً وَ إِنْ حَكَيْتَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِكَ الرأي في المرأة وَ إِيَّاكَ وَ مُشَاوَرَةَ اَلنِّسَاءِ فَإِنَّ رَأْيَهُنَّ إِلَى أَفْنٍ وَ عَزْمَهُنَّ إِلَى وَهْنٍ
وَ اُكْفُفْ عَلَيْهِنَّ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ بِحِجَابِكَ إِيَّاهُنَّ فَإِنَّ شِدَّةَ اَلْحِجَابِ أَبْقَى عَلَيْهِنَّ وَ لَيْسَ خُرُوجُهُنَّ بِأَشَدَّ مِنْ إِدْخَالِكَ مَنْ لاَ يُوثَقُ بِهِ عَلَيْهِنَّ وَ إِنِ اِسْتَطَعْتَ أَلاَّ يَعْرِفْنَ غَيْرَكَ فَافْعَلْ
وَ لاَ تُمَلِّكِ اَلْمَرْأَةَ مِنْ أَمْرِهَا مَا جَاوَزَ نَفْسَهَا فَإِنَّ اَلْمَرْأَةَ رَيْحَانَةٌ وَ لَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ
وَ لاَ تَعْدُ بِكَرَامَتِهَا نَفْسَهَا وَ لاَ تُطْمِعْهَا فِي أَنْ تَشْفَعَ لِغَيْرِهَا وَ إِيَّاكَ وَ اَلتَّغَايُرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ غَيْرَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يَدْعُو اَلصَّحِيحَةَ إِلَى اَلسَّقَمِ وَ اَلْبَرِيئَةَ إِلَى اَلرِّيَبِ
وَ اِجْعَلْ لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنْ خَدَمِكَ عَمَلاً تَأْخُذُهُ بِهِ فَإِنَّهُ أَحْرَى أَلاَّ يَتَوَاكَلُوا فِي خِدْمَتِكَ وَ أَكْرِمْ عَشِيرَتَكَ فَإِنَّهُمْ جَنَاحُكَ اَلَّذِي بِهِ تَطِيرُ وَ أَصْلُكَ اَلَّذِي إِلَيْهِ تَصِيرُ وَ يَدُكَ اَلَّتِي بِهَا تَصُولُ
دعاء اِسْتَوْدِعِ اَللَّهَ دِينَكَ وَ دُنْيَاكَ وَ اِسْأَلْهُ خَيْرَ اَلْقَضَاءِ لَكَ فِي اَلْعَاجِلَةِ وَ اَلْآجِلَةِ وَ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ وَ اَلسَّلاَمُ
نهج البلاغه : نامه ها
نامه به يكی از كارگزارانش در مورد خیانت در بیت المال
و من كتاب له عليهالسلام إلى بعض عماله أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِي عَنْكَ أَمْرٌ إِنْ كُنْتَ فَعَلْتَهُ فَقَدْ أَسْخَطْتَ رَبَّكَ وَ عَصَيْتَ إِمَامَكَ وَ أَخْزَيْتَ أَمَانَتَكَ
بَلَغَنِي أَنَّكَ جَرَّدْتَ اَلْأَرْضَ فَأَخَذْتَ مَا تَحْتَ قَدَمَيْكَ وَ أَكَلْتَ مَا تَحْتَ يَدَيْكَ فَارْفَعْ إِلَيَّ حِسَابَكَ وَ اِعْلَمْ أَنَّ حِسَابَ اَللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ حِسَابِ اَلنَّاسِ وَ اَلسَّلاَمُ
بَلَغَنِي أَنَّكَ جَرَّدْتَ اَلْأَرْضَ فَأَخَذْتَ مَا تَحْتَ قَدَمَيْكَ وَ أَكَلْتَ مَا تَحْتَ يَدَيْكَ فَارْفَعْ إِلَيَّ حِسَابَكَ وَ اِعْلَمْ أَنَّ حِسَابَ اَللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ حِسَابِ اَلنَّاسِ وَ اَلسَّلاَمُ
نهج البلاغه : نامه ها
نامه به مالك اشتر در اصول اخلاقی رهبر اسلامی
و من كتاب له عليهالسلام إلى بعض عماله أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ مِمَّنْ أَسْتَظْهِرُ بِهِ عَلَى إِقَامَةِ اَلدِّينِ وَ أَقْمَعُ بِهِ نَخْوَةَ اَلْأَثِيمِ وَ أَسُدُّ بِهِ لَهَاةَ اَلثَّغْرِ اَلْمَخُوفِ
فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ عَلَى مَا أَهَمَّكَ وَ اِخْلِطِ اَلشِّدَّةَ بِضِغْثٍ مِنَ اَللِّينِ وَ اُرْفُقْ مَا كَانَ اَلرِّفْقُ أَرْفَقَ وَ اِعْتَزِمْ بِالشِّدَّةِ حِينَ لاَ تُغْنِي عَنْكَ إِلاَّ اَلشِّدَّةُ
وَ اِخْفِضْ لِلرَّعِيَّةِ جَنَاحَكَ وَ اُبْسُطْ لَهُمْ وَجْهَكَ وَ أَلِنْ لَهُمْ جَانِبَكَ وَ آسِ بَيْنَهُمْ فِي اَللَّحْظَةِ وَ اَلنَّظْرَةِ وَ اَلْإِشَارَةِ وَ اَلتَّحِيَّةِ حَتَّى لاَ يَطْمَعَ اَلْعُظَمَاءُ فِي حَيْفِكَ وَ لاَ يَيْأَسَ اَلضُّعَفَاءُ مِنْ عَدْلِكَ وَ اَلسَّلاَمُ
فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ عَلَى مَا أَهَمَّكَ وَ اِخْلِطِ اَلشِّدَّةَ بِضِغْثٍ مِنَ اَللِّينِ وَ اُرْفُقْ مَا كَانَ اَلرِّفْقُ أَرْفَقَ وَ اِعْتَزِمْ بِالشِّدَّةِ حِينَ لاَ تُغْنِي عَنْكَ إِلاَّ اَلشِّدَّةُ
وَ اِخْفِضْ لِلرَّعِيَّةِ جَنَاحَكَ وَ اُبْسُطْ لَهُمْ وَجْهَكَ وَ أَلِنْ لَهُمْ جَانِبَكَ وَ آسِ بَيْنَهُمْ فِي اَللَّحْظَةِ وَ اَلنَّظْرَةِ وَ اَلْإِشَارَةِ وَ اَلتَّحِيَّةِ حَتَّى لاَ يَطْمَعَ اَلْعُظَمَاءُ فِي حَيْفِكَ وَ لاَ يَيْأَسَ اَلضُّعَفَاءُ مِنْ عَدْلِكَ وَ اَلسَّلاَمُ
نهج البلاغه : نامه ها
نامه به فرماندهان لشکر در بیان حقوق و تکالیف فرماندهان
و من كتاب له عليهالسلام إلى أمرائه على الجيش مِنْ عَبْدِ اَللَّهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ إِلَى أَصْحَابِ اَلْمَسَالِحِ
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ حَقّاً عَلَى اَلْوَالِي أَلاَّ يُغَيِّرَهُ عَلَى رَعِيَّتِهِ فَضْلٌ نَالَهُ وَ لاَ طَوْلٌ خُصَّ بِهِ وَ أَنْ يَزِيدَهُ مَا قَسَمَ اَللَّهُ لَهُ مِنْ نِعَمِهِ دُنُوّاً مِنْ عِبَادِهِ وَ عَطْفاً عَلَى إِخْوَانِهِ
أَلاَ وَ إِنَّ لَكُمْ عِنْدِي أَلاَّ أَحْتَجِزَ دُونَكُمْ سِرّاً إِلاَّ فِي حَرْبٍ وَ لاَ أَطْوِيَ دُونَكُمْ أَمْراً إِلاَّ فِي حُكْمٍ وَ لاَ أُؤَخِّرَ لَكُمْ حَقّاً عَنْ مَحَلِّهِ وَ لاَ أَقِفَ بِهِ دُونَ مَقْطَعِهِ وَ أَنْ تَكُونُوا عِنْدِي فِي اَلْحَقِّ سَوَاءً
فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ وَجَبَتْ لِلَّهِ عَلَيْكُمُ اَلنِّعْمَةُ
وَ لِي عَلَيْكُمُ اَلطَّاعَةُ وَ أَلاَّ تَنْكُصُوا عَنْ دَعْوَةٍ وَ لاَ تُفَرِّطُوا فِي صَلاَحٍ وَ أَنْ تَخُوضُوا اَلْغَمَرَاتِ إِلَى اَلْحَقِّ فَإِنْ أَنْتُمْ لَمْ تَسْتَقِيمُوا لِي عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِمَّنِ اِعْوَجَّ مِنْكُمْ ثُمَّ أُعْظِمُ لَهُ اَلْعُقُوبَةَ وَ لاَ يَجِدُ عِنْدِي فِيهَا رُخْصَةً
فَخُذُوا هَذَا مِنْ أُمَرَائِكُمْ وَ أَعْطُوهُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ مَا يُصْلِحُ اَللَّهُ بِهِ أَمْرَكُمْ وَ اَلسَّلاَمُ
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ حَقّاً عَلَى اَلْوَالِي أَلاَّ يُغَيِّرَهُ عَلَى رَعِيَّتِهِ فَضْلٌ نَالَهُ وَ لاَ طَوْلٌ خُصَّ بِهِ وَ أَنْ يَزِيدَهُ مَا قَسَمَ اَللَّهُ لَهُ مِنْ نِعَمِهِ دُنُوّاً مِنْ عِبَادِهِ وَ عَطْفاً عَلَى إِخْوَانِهِ
أَلاَ وَ إِنَّ لَكُمْ عِنْدِي أَلاَّ أَحْتَجِزَ دُونَكُمْ سِرّاً إِلاَّ فِي حَرْبٍ وَ لاَ أَطْوِيَ دُونَكُمْ أَمْراً إِلاَّ فِي حُكْمٍ وَ لاَ أُؤَخِّرَ لَكُمْ حَقّاً عَنْ مَحَلِّهِ وَ لاَ أَقِفَ بِهِ دُونَ مَقْطَعِهِ وَ أَنْ تَكُونُوا عِنْدِي فِي اَلْحَقِّ سَوَاءً
فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ وَجَبَتْ لِلَّهِ عَلَيْكُمُ اَلنِّعْمَةُ
وَ لِي عَلَيْكُمُ اَلطَّاعَةُ وَ أَلاَّ تَنْكُصُوا عَنْ دَعْوَةٍ وَ لاَ تُفَرِّطُوا فِي صَلاَحٍ وَ أَنْ تَخُوضُوا اَلْغَمَرَاتِ إِلَى اَلْحَقِّ فَإِنْ أَنْتُمْ لَمْ تَسْتَقِيمُوا لِي عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِمَّنِ اِعْوَجَّ مِنْكُمْ ثُمَّ أُعْظِمُ لَهُ اَلْعُقُوبَةَ وَ لاَ يَجِدُ عِنْدِي فِيهَا رُخْصَةً
فَخُذُوا هَذَا مِنْ أُمَرَائِكُمْ وَ أَعْطُوهُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ مَا يُصْلِحُ اَللَّهُ بِهِ أَمْرَكُمْ وَ اَلسَّلاَمُ
نهج البلاغه : نامه ها
عهد نامه مالك اشتر
و من كتاب له عليهالسلام كتبه للأشتر النخعي لما ولاه على مصر و أعمالها حين اضطرب أمر أميرها محمد بن أبي بكر و هو أطول عهد كتبه و أجمعه للمحاسن
بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اَللَّهِ عَلِيٌّ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ مَالِكَ بْنَ اَلْحَارِثِ اَلْأَشْتَرَ فِي عَهْدِهِ إِلَيْهِ حِينَ وَلاَّهُ مِصْرَ جِبَايَةَ خَرَاجِهَا وَ جِهَادَ عَدُوِّهَا وَ اِسْتِصْلاَحَ أَهْلِهَا وَ عِمَارَةَ بِلاَدِهَا
أَمَرَهُ بِتَقْوَى اَللَّهِ وَ إِيْثَارِ طَاعَتِهِ وَ اِتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ فِي كِتَابِهِ مِنْ فَرَائِضِهِ وَ سُنَنِهِ اَلَّتِي لاَ يَسْعَدُ أَحَدٌ إِلاَّ بِاتِّبَاعِهَا وَ لاَ يَشْقَى إِلاَّ مَعَ جُحُودِهَا وَ إِضَاعَتِهَا
وَ أَنْ يَنْصُرَ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ بِقَلْبِهِ وَ يَدِهِ وَ لِسَانِهِ فَإِنَّهُ جَلَّ اِسْمُهُ قَدْ تَكَفَّلَ بِنَصْرِ مَنْ نَصَرَهُ وَ إِعْزَازِ مَنْ أَعَزَّهُ
وَ أَمَرَهُ أَنْ يَكْسِرَ نَفْسَهُ مِنَ اَلشَّهَوَاتِ وَ يَزَعَهَا عِنْدَ اَلْجَمَحَاتِ فَإِنَّ اَلنَّفْسَ أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ اَللَّهُ
ثُمَّ اِعْلَمْ يَا مَالِكُ أَنِّي قَدْ وَجَّهْتُكَ إِلَى بِلاَدٍ قَدْ جَرَتْ عَلَيْهَا دُوَلٌ قَبْلَكَ مِنْ عَدْلٍ وَ جَوْرٍ وَ أَنَّ اَلنَّاسَ يَنْظُرُونَ مِنْ أُمُورِكَ فِي مِثْلِ مَا كُنْتَ تَنْظُرُ فِيهِ مِنْ أُمُورِ اَلْوُلاَةِ قَبْلَكَ وَ يَقُولُونَ فِيكَ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِيهِمْ
وَ إِنَّمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى اَلصَّالِحِينَ بِمَا يُجْرِي اَللَّهُ لَهُمْ عَلَى أَلْسُنِ عِبَادِهِ فَلْيَكُنْ أَحَبَّ اَلذَّخَائِرِ إِلَيْكَ ذَخِيرَةُ اَلْعَمَلِ اَلصَّالِحِ
فَامْلِكْ هَوَاكَ وَ شُحَّ بِنَفْسِكَ عَمَّا لاَ يَحِلُّ لَكَ فَإِنَّ اَلشُّحَّ بِالنَّفْسِ اَلْإِنْصَافُ مِنْهَا فِيمَا أَحَبَّتْ أَوْ كَرِهَتْ وَ أَشْعِرْ قَلْبَكَ اَلرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ وَ اَلْمَحَبَّةَ لَهُمْ وَ اَللُّطْفَ بِهِمْ
وَ لاَ تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي اَلدِّينِ أَوْ نَظِيرٌ لَكَ فِي اَلْخَلْقِ يَفْرُطُ مِنْهُمُ اَلزَّلَلُ وَ تَعْرِضُ لَهُمُ اَلْعِلَلُ وَ يُؤْتَى عَلَى أَيْدِيهِمْ فِي اَلْعَمْدِ وَ اَلْخَطَإِ
فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِكَ وَ صَفْحِكَ مِثْلِ اَلَّذِي تُحِبُّ وَ تَرْضَى أَنْ يُعْطِيَكَ اَللَّهُ مِنْ عَفْوِهِ وَ صَفْحِهِ فَإِنَّكَ فَوْقَهُمْ وَ وَالِي اَلْأَمْرِ عَلَيْكَ فَوْقَكَ وَ اَللَّهُ فَوْقَ مَنْ وَلاَّكَ وَ قَدِ اِسْتَكْفَاكَ أَمْرَهُمْ وَ اِبْتَلاَكَ بِهِمْ
وَ لاَ تَنْصِبَنَّ نَفْسَكَ لِحَرْبِ اَللَّهِ فَإِنَّهُ لاَ يَدَ لَكَ بِنِقْمَتِهِ وَ لاَ غِنَى بِكَ عَنْ عَفْوِهِ وَ رَحْمَتِهِ وَ لاَ تَنْدَمَنَّ عَلَى عَفْوٍ وَ لاَ تَبْجَحَنَّ بِعُقُوبَةٍ
وَ لاَ تُسْرِعَنَّ إِلَى بَادِرَةٍ وَجَدْتَ مِنْهَا مَنْدُوحَةً وَ لاَ تَقُولَنَّ إِنِّي مُؤَمَّرٌ آمُرُ فَأُطَاعُ فَإِنَّ ذَلِكَ إِدْغَالٌ فِي اَلْقَلْبِ وَ مَنْهَكَةٌ لِلدِّينِ وَ تَقَرُّبٌ مِنَ اَلْغِيَرِ
وَ إِذَا أَحْدَثَ لَكَ مَا أَنْتَ فِيهِ مِنْ سُلْطَانِكَ أُبَّهَةً أَوْ مَخِيلَةً فَانْظُرْ إِلَى عِظَمِ مُلْكِ اَللَّهِ فَوْقَكَ وَ قُدْرَتِهِ مِنْكَ عَلَى مَا لاَ تَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِكَ
فَإِنَّ ذَلِكَ يُطَامِنُ إِلَيْكَ مِنْ طِمَاحِكَ وَ يَكُفُّ عَنْكَ مِنْ غَرْبِكَ وَ يَفِيءُ إِلَيْكَ بِمَا عَزَبَ عَنْكَ مِنْ عَقْلِكَ
إِيَّاكَ وَ مُسَامَاةَ اَللَّهِ فِي عَظَمَتِهِ وَ اَلتَّشَبُّهَ بِهِ فِي جَبَرُوتِهِ فَإِنَّ اَللَّهَ يُذِلُّ كُلَّ جَبَّارٍ وَ يُهِينُ كُلَّ مُخْتَالٍ
أَنْصِفِ اَللَّهَ وَ أَنْصِفِ اَلنَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ مِنْ خَاصَّةِ أَهْلِكَ وَ مَنْ لَكَ فِيهِ هَوًى مِنْ رَعِيَّتِكَ فَإِنَّكَ إِلاَّ تَفْعَلْ تَظْلِمْ
وَ مَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اَللَّهِ كَانَ اَللَّهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ وَ مَنْ خَاصَمَهُ اَللَّهُ أَدْحَضَ حُجَّتَهُ وَ كَانَ لِلَّهِ حَرْباً حَتَّى يَنْزِعَ أَوْ يَتُوبَ
وَ لَيْسَ شَيْءٌ أَدْعَى إِلَى تَغْيِيرِ نِعْمَةِ اَللَّهِ وَ تَعْجِيلِ نِقْمَتِهِ مِنْ إِقَامَةٍ عَلَى ظُلْمٍ فَإِنَّ اَللَّهَ سَمِيعٌ دَعْوَةَ اَلْمُضْطَهَدِينَ وَ هُوَ لِلظَّالِمِينَ بِالْمِرْصَادِ
وَ لْيَكُنْ أَحَبَّ اَلْأُمُورِ إِلَيْكَ أَوْسَطُهَا فِي اَلْحَقِّ وَ أَعَمُّهَا فِي اَلْعَدْلِ وَ أَجْمَعُهَا لِرِضَى اَلرَّعِيَّةِ فَإِنَّ سُخْطَ اَلْعَامَّةِ يُجْحِفُ بِرِضَى اَلْخَاصَّةِ وَ إِنَّ سُخْطَ اَلْخَاصَّةِ يُغْتَفَرُ مَعَ رِضَى اَلْعَامَّةِ
وَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ اَلرَّعِيَّةِ أَثْقَلَ عَلَى اَلْوَالِي مَئُونَةً فِي اَلرَّخَاءِ وَ أَقَلَّ مَعُونَةً لَهُ فِي اَلْبَلاَءِ وَ أَكْرَهَ لِلْإِنْصَافِ وَ أَسْأَلَ بِالْإِلْحَافِ وَ أَقَلَّ شُكْراً عِنْدَ اَلْإِعْطَاءِ وَ أَبْطَأَ عُذْراً عِنْدَ اَلْمَنْعِ وَ أَضْعَفَ صَبْراً عِنْدَ مُلِمَّاتِ اَلدَّهْرِ مِنْ أَهْلِ اَلْخَاصَّةِ
وَ إِنَّمَا عِمَادُ اَلدِّينِ وَ جِمَاعُ اَلْمُسْلِمِينَ وَ اَلْعُدَّةُ لِلْأَعْدَاءِ اَلْعَامَّةُ مِنَ اَلْأُمَّةِ فَلْيَكُنْ صِغْوُكَ لَهُمْ وَ مَيْلُكَ مَعَهُمْ
وَ لْيَكُنْ أَبْعَدَ رَعِيَّتِكَ مِنْكَ وَ أَشْنَأَهُمْ عِنْدَكَ أَطْلَبُهُمْ لِمَعَايِبِ اَلنَّاسِ فَإِنَّ فِي اَلنَّاسِ عُيُوباً اَلْوَالِي أَحَقُّ مَنْ سَتَرَهَا فَلاَ تَكْشِفَنَّ عَمَّا غَابَ عَنْكَ مِنْهَا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ تَطْهِيرُ مَا ظَهَرَ لَكَ
وَ اَللَّهُ يَحْكُمُ عَلَى مَا غَابَ عَنْكَ فَاسْتُرِ اَلْعَوْرَةَ مَا اِسْتَطَعْتَ يَسْتُرِ اَللَّهُ مِنْكَ مَا تُحِبُّ سَتْرَهُ مِنْ رَعِيَّتِكَ
أَطْلِقْ عَنِ اَلنَّاسِ عُقْدَةَ كُلِّ حِقْدٍ وَ اِقْطَعْ عَنْكَ سَبَبَ كُلِّ وِتْرٍ وَ تَغَابَ عَنْ كُلِّ مَا لاَ يَضِحُ لَكَ وَ لاَ تَعْجَلَنَّ إِلَى تَصْدِيقِ سَاعٍ فَإِنَّ اَلسَّاعِيَ غَاشٌّ وَ إِنْ تَشَبَّهَ بِالنَّاصِحِينَ
وَ لاَ تُدْخِلَنَّ فِي مَشُورَتِكَ بَخِيلاً يَعْدِلُ بِكَ عَنِ اَلْفَضْلِ وَ يَعِدُكَ اَلْفَقْرَ وَ لاَ جَبَاناً يُضْعِفُكَ عَنِ اَلْأُمُورِ وَ لاَ حَرِيصاً يُزَيِّنُ لَكَ اَلشَّرَهَ بِالْجَوْرِ فَإِنَّ اَلْبُخْلَ وَ اَلْجُبْنَ وَ اَلْحِرْصَ غَرَائِزُ شَتَّى يَجْمَعُهَا سُوءُ اَلظَّنِّ بِاللَّهِ
إِنَّ شَرَّ وُزَرَائِكَ مَنْ كَانَ لِلْأَشْرَارِ قَبْلَكَ وَزِيراً وَ مَنْ شَرِكَهُمْ فِي اَلْآثَامِ فَلاَ يَكُونَنَّ لَكَ بِطَانَةً فَإِنَّهُمْ أَعْوَانُ اَلْأَثَمَةِ وَ إِخْوَانُ اَلظَّلَمَةِ
وَ أَنْتَ وَاجِدٌ مِنْهُمْ خَيْرَ اَلْخَلَفِ مِمَّنْ لَهُ مِثْلُ آرَائِهِمْ وَ نَفَاذِهِمْ وَ لَيْسَ عَلَيْهِ مِثْلُ آصَارِهِمْ وَ أَوْزَارِهِمْ وَ آثَامِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يُعَاوِنْ ظَالِماً عَلَى ظُلْمِهِ وَ لاَ آثِماً عَلَى إِثْمِهِ
أُولَئِكَ أَخَفُّ عَلَيْكَ مَئُونَةً وَ أَحْسَنُ لَكَ مَعُونَةً وَ أَحْنَى عَلَيْكَ عَطْفاً وَ أَقَلُّ لِغَيْرِكَ إِلْفاً فَاتَّخِذْ أُولَئِكَ خَاصَّةً لِخَلَوَاتِكَ وَ حَفَلاَتِكَ
ثُمَّ لْيَكُنْ آثَرُهُمْ عِنْدَكَ أَقْوَلَهُمْ بِمُرِّ اَلْحَقِّ لَكَ وَ أَقَلَّهُمْ مُسَاعَدَةً فِيمَا يَكُونُ مِنْكَ مِمَّا كَرِهَ اَللَّهُ لِأَوْلِيَائِهِ وَاقِعاً ذَلِكَ مِنْ هَوَاكَ حَيْثُ وَقَعَ
وَ الْصَقْ بِأَهْلِ اَلْوَرَعِ وَ اَلصِّدْقِ ثُمَّ رُضْهُمْ عَلَى أَلاَّ يُطْرُوكَ وَ لاَ يَبْجَحُوكَ بِبَاطِلٍ لَمْ تَفْعَلْهُ فَإِنَّ كَثْرَةَ اَلْإِطْرَاءِ تُحْدِثُ اَلزَّهْوَ وَ تُدْنِي مِنَ اَلْعِزَّةِ
وَ لاَ يَكُونَنَّ اَلْمُحْسِنُ وَ اَلْمُسِيءُ عِنْدَكَ بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ تَزْهِيداً لِأَهْلِ اَلْإِحْسَانِ فِي اَلْإِحْسَانِ وَ تَدْرِيباً لِأَهْلِ اَلْإِسَاءَةِ عَلَى اَلْإِسَاءَةِ وَ أَلْزِمْ كُلاًّ مِنْهُمْ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ
وَ اِعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ بِأَدْعَى إِلَى حُسْنِ ظَنِّ رَاعٍ بِرَعِيَّتِهِ مِنْ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ وَ تَخْفِيفِهِ اَلْمَئُونَاتِ عَلَيْهِمْ وَ تَرْكِ اِسْتِكْرَاهِهِ إِيَّاهُمْ عَلَى مَا لَيْسَ لَهُ قِبَلَهُمْ
فَلْيَكُنْ مِنْكَ فِي ذَلِكَ أَمْرٌ يَجْتَمِعُ لَكَ بِهِ حُسْنُ اَلظَّنِّ بِرَعِيَّتِكَ فَإِنَّ حُسْنَ اَلظَّنِّ يَقْطَعُ عَنْكَ نَصَباً طَوِيلاً
وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ حَسُنَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ حَسُنَ بَلاَؤُكَ عِنْدَهُ وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ سَاءَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ سَاءَ بَلاَؤُكَ عِنْدَهُ
وَ لاَ تَنْقُضْ سُنَّةً صَالِحَةً عَمِلَ بِهَا صُدُورُ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ وَ اِجْتَمَعَتْ بِهَا اَلْأُلْفَةُ وَ صَلَحَتْ عَلَيْهَا اَلرَّعِيَّةُ وَ لاَ تُحْدِثَنَّ سُنَّةً تَضُرُّ بِشَيْءٍ مِنْ مَاضِي تِلْكَ اَلسُّنَنِ فَيَكُونَ اَلْأَجْرُ لِمَنْ سَنَّهَا وَ اَلْوِزْرُ عَلَيْكَ بِمَا نَقَضْتَ مِنْهَا
وَ أَكْثِرْ مُدَارَسَةَ اَلْعُلَمَاءِ وَ مُنَاقَشَةَ اَلْحُكَمَاءِ فِي تَثْبِيتِ مَا صَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ بِلاَدِكَ وَ إِقَامَةِ مَا اِسْتَقَامَ بِهِ اَلنَّاسُ قَبْلَكَ
وَ اِعْلَمْ أَنَّ اَلرَّعِيَّةَ طَبَقَاتٌ لاَ يَصْلُحُ بَعْضُهَا إِلاَّ بِبَعْضٍ وَ لاَ غِنَى بِبَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ فَمِنْهَا جُنُودُ اَللَّهِ وَ مِنْهَا كُتَّابُ اَلْعَامَّةِ وَ اَلْخَاصَّةِ وَ مِنْهَا قُضَاةُ اَلْعَدْلِ وَ مِنْهَا عُمَّالُ اَلْإِنْصَافِ وَ اَلرِّفْقِ
وَ مِنْهَا أَهْلُ اَلْجِزْيَةِ وَ اَلْخَرَاجِ مِنْ أَهْلِ اَلذِّمَّةِ وَ مُسْلِمَةِ اَلنَّاسِ وَ مِنْهَا اَلتُّجَّارُ وَ أَهْلُ اَلصِّنَاعَاتِ وَ مِنْهَا اَلطَّبَقَةُ اَلسُّفْلَى مِنْ ذَوِي اَلْحَاجَةِ وَ اَلْمَسْكَنَةِ
وَ كُلٌّ قَدْ سَمَّى اَللَّهُ لَهُ سَهْمَهُ وَ وَضَعَ عَلَى حَدِّهِ فَرِيضَةً فِي كِتَابِهِ أَوْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم عَهْداً مِنْهُ عِنْدَنَا مَحْفُوظاً
فَالْجُنُودُ بِإِذْنِ اَللَّهِ حُصُونُ اَلرَّعِيَّةِ وَ زَيْنُ اَلْوُلاَةِ وَ عِزُّ اَلدِّينِ وَ سُبُلُ اَلْأَمْنِ وَ لَيْسَ تَقُومُ اَلرَّعِيَّةُ إِلاَّ بِهِمْ
ثُمَّ لاَ قِوَامَ لِلْجُنُودِ إِلاَّ بِمَا يُخْرِجُ اَللَّهُ لَهُمْ مِنَ اَلْخَرَاجِ اَلَّذِي يَقْوَوْنَ بِهِ عَلَى جِهَادِ عَدُوِّهِمْ وَ يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ فِيمَا يُصْلِحُهُمْ وَ يَكُونُ مِنْ وَرَاءِ حَاجَتِهِمْ
ثُمَّ لاَ قِوَامَ لِهَذَيْنِ اَلصِّنْفَيْنِ إِلاَّ بِالصِّنْفِ اَلثَّالِثِ مِنَ اَلْقُضَاةِ وَ اَلْعُمَّالِ وَ اَلْكُتَّابِ لِمَا يُحْكِمُونَ مِنَ اَلْمَعَاقِدِ وَ يَجْمَعُونَ مِنَ اَلْمَنَافِعِ وَ يُؤْتَمَنُونَ عَلَيْهِ مِنْ خَوَاصِّ اَلْأُمُورِ وَ عَوَامِّهَا
وَ لاَ قِوَامَ لَهُمْ جَمِيعاً إِلاَّ بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِي اَلصِّنَاعَاتِ فِيمَا يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ مِنْ مَرَافِقِهِمْ وَ يُقِيمُونَهُ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ وَ يَكْفُونَهُمْ مِنَ اَلتَّرَفُّقِ بِأَيْدِيهِمْ مَا لاَ يَبْلُغُهُ رِفْقُ غَيْرِهِمْ
ثُمَّ اَلطَّبَقَةُ اَلسُّفْلَى مِنْ أَهْلِ اَلْحَاجَةِ وَ اَلْمَسْكَنَةِ اَلَّذِينَ يَحِقُّ رِفْدُهُمْ وَ مَعُونَتُهُمْ
وَ فِي اَللَّهِ لِكُلٍّ سَعَةٌ وَ لِكُلٍّ عَلَى اَلْوَالِي حَقٌّ بِقَدْرِ مَا يُصْلِحُهُ وَ لَيْسَ يَخْرُجُ اَلْوَالِي مِنْ حَقِيقَةِ مَا أَلْزَمَهُ اَللَّهُ مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ بِالاِهْتِمَامِ وَ اَلاِسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ وَ تَوْطِينِ نَفْسِهِ عَلَى لُزُومِ اَلْحَقِّ وَ اَلصَّبْرِ عَلَيْهِ فِيمَا خَفَّ عَلَيْهِ أَوْ ثَقُلَ
فَوَلِّ مِنْ جُنُودِكَ أَنْصَحَهُمْ فِي نَفْسِكَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِإِمَامِكَ وَ أَنْقَاهُمْ جَيْباً وَ أَفْضَلَهُمْ حِلْماً مِمَّنْ يُبْطِئُ عَنِ اَلْغَضَبِ وَ يَسْتَرِيحُ إِلَى اَلْعُذْرِ وَ يَرْأَفُ بِالضُّعَفَاءِ وَ يَنْبُو عَلَى اَلْأَقْوِيَاءِ وَ مِمَّنْ لاَ يُثِيرُهُ اَلْعُنْفُ وَ لاَ يَقْعُدُ بِهِ اَلضَّعْفُ
ثُمَّ اِلْصَقْ بِذَوِي اَلْمُرُوءَاتِ وَ اَلْأَحْسَابِ وَ أَهْلِ اَلْبُيُوتَاتِ اَلصَّالِحَةِ وَ اَلسَّوَابِقِ اَلْحَسَنَةِ ثُمَّ أَهْلِ اَلنَّجْدَةِ وَ اَلشَّجَاعَةِ وَ اَلسَّخَاءِ وَ اَلسَّمَاحَةِ فَإِنَّهُمْ جِمَاعٌ مِنَ اَلْكَرَمِ وَ شُعَبٌ مِنَ اَلْعُرْفِ
ثُمَّ تَفَقَّدْ مِنْ أُمُورِهِمْ مَا يَتَفَقَّدُ اَلْوَالِدَانِ مِنْ وَلَدِهِمَا وَ لاَ يَتَفَاقَمَنَّ فِي نَفْسِكَ شَيْءٌ قَوَّيْتَهُمْ بِهِ وَ لاَ تَحْقِرَنَّ لُطْفاً تَعَاهَدْتَهُمْ بِهِ وَ إِنْ قَلَّ فَإِنَّهُ دَاعِيَةٌ لَهُمْ إِلَى بَذْلِ اَلنَّصِيحَةِ لَكَ وَ حُسْنِ اَلظَّنِّ بِكَ
وَ لاَ تَدَعْ تَفَقُّدَ لَطِيفِ أُمُورِهِمُ اِتِّكَالاً عَلَى جَسِيمِهَا فَإِنَّ لِلْيَسِيرِ مِنْ لُطْفِكَ مَوْضِعاً يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَ لِلْجَسِيمِ مَوْقِعاً لاَ يَسْتَغْنُونَ عَنْهُ
وَ لْيَكُنْ آثَرُ رُءُوسِ جُنْدِكَ عِنْدَكَ مَنْ وَاسَاهُمْ فِي مَعُونَتِهِ وَ أَفْضَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ جِدَتِهِ بِمَا يَسَعُهُمْ وَ يَسَعُ مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ خُلُوفِ أَهْلِيهِمْ حَتَّى يَكُونَ هَمُّهُمْ هَمّاً وَاحِداً فِي جِهَادِ اَلْعَدُوِّ فَإِنَّ عَطْفَكَ عَلَيْهِمْ يَعْطِفُ قُلُوبَهُمْ عَلَيْكَ
وَ إِنَّ أَفْضَلَ قُرَّةِ عَيْنِ اَلْوُلاَةِ اِسْتِقَامَةُ اَلْعَدْلِ فِي اَلْبِلاَدِ وَ ظُهُورُ مَوَدَّةِ اَلرَّعِيَّةِ
و إِنَّهُ لاَ تَظْهَرُ مَوَدَّتُهُمْ إِلاَّ بِسَلاَمَةِ صُدُورِهِمْ وَ لاَ تَصِحُّ نَصِيحَتُهُمْ إِلاَّ بِحِيطَتِهِمْ عَلَى وُلاَةِ اَلْأُمُورِ وَ قِلَّةِ اِسْتِثْقَالِ دُوَلِهِمْ وَ تَرْكِ اِسْتِبْطَاءِ اِنْقِطَاعِ مُدَّتِهِمْ
فَافْسَحْ فِي آمَالِهِمْ وَ وَاصِلْ فِي حُسْنِ اَلثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ وَ تَعْدِيدِ مَا أَبْلَى ذَوُو اَلْبَلاَءِ مِنْهُمْ فَإِنَّ كَثْرَةَ اَلذِّكْرِ لِحُسْنِ أَفْعَالِهِمْ تَهُزُّ اَلشُّجَاعَ وَ تُحَرِّضُ اَلنَّاكِلَ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ
ثُمَّ اِعْرِفْ لِكُلِّ اِمْرِئٍ مِنْهُمْ مَا أَبْلَى وَ لاَ تَضُمَّنَّ بَلاَءَ اِمْرِئٍ إِلَى غَيْرِهِ وَ لاَ تُقَصِّرَنَّ بِهِ دُونَ غَايَةِ بَلاَئِهِ وَ لاَ يَدْعُوَنَّكَ شَرَفُ اِمْرِئٍ إِلَى أَنْ تُعْظِمَ مِنْ بَلاَئِهِ مَا كَانَ صَغِيراً وَ لاَ ضَعَةُ اِمْرِئٍ إِلَى أَنْ تَسْتَصْغِرَ مِنْ بَلاَئِهِ مَا كَانَ عَظِيماً
وَ اُرْدُدْ إِلَى اَللَّهِ وَ رَسُولِهِ مَا يُضْلِعُكَ مِنَ اَلْخُطُوبِ وَ يَشْتَبِهُ عَلَيْكَ مِنَ اَلْأُمُورِ
فَقَدْ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى لِقَوْمٍ أَحَبَّ إِرْشَادَهُمْ يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اَللّٰهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنٰازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اَللّٰهِ وَ اَلرَّسُولِ
فَالرَّدُّ إِلَى اَللَّهِ اَلْأَخْذُ بِمُحْكَمِ كِتَابِهِ وَ اَلرَّدُّ إِلَى اَلرَّسُولِ اَلْأَخْذُ بِسُنَّتِهِ اَلْجَامِعَةِ غَيْرِ اَلْمُفَرِّقَةِ
ثُمَّ اِخْتَرْ لِلْحُكْمِ بَيْنَ اَلنَّاسِ أَفْضَلَ رَعِيَّتِكَ فِي نَفْسِكَ مِمَّنْ لاَ تَضِيقُ بِهِ اَلْأُمُورُ وَ لاَ تُمَحِّكُهُ اَلْخُصُومُ وَ لاَ يَتَمَادَى فِي اَلزَّلَّةِ وَ لاَ يَحْصَرُ مِنَ اَلْفَيْءِ إِلَى اَلْحَقِّ إِذَا عَرَفَهُ وَ لاَ تُشْرِفُ نَفْسُهُ عَلَى طَمَعٍ وَ لاَ يَكْتَفِي بِأَدْنَى فَهْمٍ دُونَ أَقْصَاهُ
وَ أَوْقَفَهُمْ فِي اَلشُّبُهَاتِ وَ آخَذَهُمْ بِالْحُجَجِ وَ أَقَلَّهُمْ تَبَرُّماً بِمُرَاجَعَةِ اَلْخَصْمِ وَ أَصْبَرَهُمْ عَلَى تَكَشُّفِ اَلْأُمُورِ وَ أَصْرَمَهُمْ عِنْدَ اِتِّضَاحِ اَلْحُكْمِ مِمَّنْ لاَ يَزْدَهِيهِ إِطْرَاءٌ وَ لاَ يَسْتَمِيلُهُ إِغْرَاءٌ وَ أُولَئِكَ قَلِيلٌ
ثُمَّ أَكْثِرْ تَعَاهُدَ قَضَائِهِ وَ اِفْسَحْ لَهُ فِي اَلْبَذْلِ مَا يُزِيلُ عِلَّتَهُ وَ تَقِلُّ مَعَهُ حَاجَتُهُ إِلَى اَلنَّاسِ وَ أَعْطِهِ مِنَ اَلْمَنْزِلَةِ لَدَيْكَ مَا لاَ يَطْمَعُ فِيهِ غَيْرُهُ مِنْ خَاصَّتِكَ لِيَأْمَنَ بِذَلِكَ اِغْتِيَالَ اَلرِّجَالِ لَهُ عِنْدَكَ
فَانْظُرْ فِي ذَلِكَ نَظَراً بَلِيغاً فَإِنَّ هَذَا اَلدِّينَ قَدْ كَانَ أَسِيراً فِي أَيْدِي اَلْأَشْرَارِ يُعْمَلُ فِيهِ بِالْهَوَى وَ تُطْلَبُ بِهِ اَلدُّنْيَا
ثُمَّ اُنْظُرْ فِي أُمُورِ عُمَّالِكَ فَاسْتَعْمِلْهُمُ اِخْتِبَاراً وَ لاَ تُوَلِّهِمْ مُحَابَاةً وَ أَثَرَةً فَإِنَّهُمَا جِمَاعٌ مِنْ شُعَبِ اَلْجَوْرِ وَ اَلْخِيَانَةِ
وَ تَوَخَّ مِنْهُمْ أَهْلَ اَلتَّجْرِبَةِ وَ اَلْحَيَاءِ مِنْ أَهْلِ اَلْبُيُوتَاتِ اَلصَّالِحَةِ وَ اَلْقَدَمِ فِي اَلْإِسْلاَمِ اَلْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّهُمْ أَكْرَمُ أَخْلاَقاً وَ أَصَحُّ أَعْرَاضاً وَ أَقَلُّ فِي اَلْمَطَامِعِ إِشْرَاقاً وَ أَبْلَغُ فِي عَوَاقِبِ اَلْأُمُورِ نَظَراً
ثُمَّ أَسْبِغْ عَلَيْهِمُ اَلْأَرْزَاقَ فَإِنَّ ذَلِكَ قُوَّةٌ لَهُمْ عَلَى اِسْتِصْلاَحِ أَنْفُسِهِمْ وَ غِنًى لَهُمْ عَنْ تَنَاوُلِ مَا تَحْتَ أَيْدِيهِمْ وَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ إِنْ خَالَفُوا أَمْرَكَ أَوْ ثَلَمُوا أَمَانَتَكَ
ثُمَّ تَفَقَّدْ أَعْمَالَهُمْ وَ اِبْعَثِ اَلْعُيُونَ مِنْ أَهْلِ اَلصِّدْقِ وَ اَلْوَفَاءِ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ تَعَاهُدَكَ فِي اَلسِّرِّ لِأُمُورِهِمْ حَدْوَةٌ لَهُمْ عَلَى اِسْتِعْمَالِ اَلْأَمَانَةِ وَ اَلرِّفْقِ بِالرَّعِيَّةِ
وَ تَحَفَّظْ مِنَ اَلْأَعْوَانِ فَإِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَسَطَ يَدَهُ إِلَى خِيَانَةٍ اِجْتَمَعَتْ بِهَا عَلَيْهِ عِنْدَكَ أَخْبَارُ عُيُونِكَ اِكْتَفَيْتَ بِذَلِكَ شَاهِداً
فَبَسَطْتَ عَلَيْهِ اَلْعُقُوبَةَ فِي بَدَنِهِ وَ أَخَذْتَهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ عَمَلِهِ ثُمَّ نَصَبْتَهُ بِمَقَامِ اَلْمَذَلَّةِ وَ وَسَمْتَهُ بِالْخِيَانَةِ وَ قَلَّدْتَهُ عَارَ اَلتُّهَمَةِ
وَ تَفَقَّدْ أَمْرَ اَلْخَرَاجِ بِمَا يُصْلِحُ أَهْلَهُ فَإِنَّ فِي صَلاَحِهِ وَ صَلاَحِهِمْ صَلاَحاً لِمَنْ سِوَاهُمْ وَ لاَ صَلاَحَ لِمَنْ سِوَاهُمْ إِلاَّ بِهِمْ لِأَنَّ اَلنَّاسَ كُلَّهُمْ عِيَالٌ عَلَى اَلْخَرَاجِ وَ أَهْلِهِ
وَ لْيَكُنْ نَظَرُكَ فِي عِمَارَةِ اَلْأَرْضِ أَبْلَغَ مِنْ نَظَرِكَ فِي اِسْتِجْلاَبِ اَلْخَرَاجِ لِأَنَّ ذَلِكَ لاَ يُدْرَكُ إِلاَّ بِالْعِمَارَةِ وَ مَنْ طَلَبَ اَلْخَرَاجَ بِغَيْرِ عِمَارَةٍ أَخْرَبَ اَلْبِلاَدَ وَ أَهْلَكَ اَلْعِبَادَ وَ لَمْ يَسْتَقِمْ أَمْرُهُ إِلاَّ قَلِيلاً
فَإِنْ شَكَوْا ثِقَلاً أَوْ عِلَّةً أَوِ اِنْقِطَاعَ شِرْبٍ أَوْ بَالَّةٍ أَوْ إِحَالَةَ أَرْضٍ اِغْتَمَرَهَا غَرَقٌ أَوْ أَجْحَفَ بِهَا عَطَشٌ خَفَّفْتَ عَنْهُمْ بِمَا تَرْجُو أَنْ يَصْلُحَ بِهِ أَمْرُهُمْ
وَ لاَ يَثْقُلَنَّ عَلَيْكَ شَيْءٌ خَفَّفْتَ بِهِ اَلْمَئُونَةَ عَنْهُمْ فَإِنَّهُ ذُخْرٌ يَعُودُونَ بِهِ عَلَيْكَ فِي عِمَارَةِ بِلاَدِكَ وَ تَزْيِينِ وِلاَيَتِكَ
مَعَ اِسْتِجْلاَبِكَ حُسْنَ ثَنَائِهِمْ وَ تَبَجُّحِكَ بِاسْتِفَاضَةِ اَلْعَدْلِ فِيهِمْ مُعْتَمِداً فَضْلَ قُوَّتِهِمْ بِمَا ذَخَرْتَ عِنْدَهُمْ مِنْ إِجْمَامِكَ لَهُمْ وَ اَلثِّقَةَ مِنْهُمْ بِمَا عَوَّدْتَهُمْ مِنْ عَدْلِكَ عَلَيْهِمْ وَ رِفْقِكَ بِهِمْ
فَرُبَّمَا حَدَثَ مِنَ اَلْأُمُورِ مَا إِذَا عَوَّلْتَ فِيهِ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدُ اِحْتَمَلُوهُ طَيِّبَةً أَنْفُسُهُمْ بِهِ فَإِنَّ اَلْعُمْرَانَ مُحْتَمِلٌ مَا حَمَّلْتَهُ
وَ إِنَّمَا يُؤْتَى خَرَابُ اَلْأَرْضِ مِنْ إِعْوَازِ أَهْلِهَا وَ إِنَّمَا يُعْوِزُ أَهْلُهَا لِإِشْرَافِ أَنْفُسِ اَلْوُلاَةِ عَلَى اَلْجَمْعِ وَ سُوءِ ظَنِّهِمْ بِالْبَقَاءِ وَ قِلَّةِ اِنْتِفَاعِهِمْ بِالْعِبَرِ
ثُمَّ اُنْظُرْ فِي حَالِ كُتَّابِكَ فَوَلِّ عَلَى أُمُورِكَ خَيْرَهُمْ وَ اُخْصُصْ رَسَائِلَكَ اَلَّتِي تُدْخِلُ فِيهَا مَكَايِدَكَ وَ أَسْرَارَكَ بِأَجْمَعِهِمْ لِوُجُوهِ صَالِحِ اَلْأَخْلاَقِ مِمَّنْ لاَ تُبْطِرُهُ اَلْكَرَامَةُ فَيَجْتَرِئَ بِهَا عَلَيْكَ فِي خِلاَفٍ لَكَ بِحَضْرَةِ مَلَإٍ
وَ لاَ تَقْصُرُ بِهِ اَلْغَفْلَةُ عَنْ إِيرَادِ مُكَاتَبَاتِ عُمِّالِكَ عَلَيْكَ وَ إِصْدَارِ جَوَابَاتِهَا عَلَى اَلصَّوَابِ عَنْكَ فِيمَا يَأْخُذُ لَكَ وَ يُعْطِي مِنْكَ وَ لاَ يُضْعِفُ عَقْداً اِعْتَقَدَهُ لَكَ وَ لاَ يَعْجِزُ عَنْ إِطْلاَقِ مَا عُقِدَ عَلَيْكَ
وَ لاَ يَجْهَلُ مَبْلَغَ قَدْرِ نَفْسِهِ فِي اَلْأُمُورِ فَإِنَّ اَلْجَاهِلَ بِقَدْرِ نَفْسِهِ يَكُونُ بِقَدْرِ غَيْرِهِ أَجْهَلَ
ثُمَّ لاَ يَكُنِ اِخْتِيَارُكَ إِيَّاهُمْ عَلَى فِرَاسَتِكَ وَ اِسْتِنَامَتِكَ وَ حُسْنِ اَلظَّنِّ مِنْكَ فَإِنَّ اَلرِّجَالَ يَتَعَرَّضُونَ لِفِرَاسَاتِ اَلْوُلاَةِ بِتَصَنُّعِهِمْ وَ حُسْنِ خِدْمَتِهِمْ وَ لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ اَلنَّصِيحَةِ وَ اَلْأَمَانَةِ شَيْءٌ
وَ لَكِنِ اِخْتَبِرْهُمْ بِمَا وُلُّوا لِلصَّالِحِينَ قَبْلَكَ فَاعْمِدْ لِأَحْسَنِهِمْ كَانَ فِي اَلْعَامَّةِ أَثَراً وَ أَعْرَفِهِمْ بِالْأَمَانَةِ وَجْهاً فَإِنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى نَصِيحَتِكَ لِلَّهِ وَ لِمَنْ وُلِّيتَ أَمْرَهُ
وَ اِجْعَلْ لِرَأْسِ كُلِّ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِكَ رَأْساً مِنْهُمْ لاَ يَقْهَرُهُ كَبِيرُهَا وَ لاَ يَتَشَتَّتُ عَلَيْهِ كَثِيرُهَا وَ مَهْمَا كَانَ فِي كُتَّابِكَ مِنْ عَيْبٍ فَتَغَابَيْتَ عَنْهُ أُلْزِمْتَهُ ثُمَّ اِسْتَوْصِ بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِي اَلصِّنَاعَاتِ وَ أَوْصِ بِهِمْ خَيْراً اَلْمُقِيمِ مِنْهُمْ وَ اَلْمُضْطَرِبِ بِمَالِهِ وَ اَلْمُتَرَفِّقِ بِبَدَنِهِ
فَإِنَّهُمْ مَوَادُّ اَلْمَنَافِعِ وَ أَسْبَابُ اَلْمَرَافِقِ وَ جُلاَّبُهَا مِنَ اَلْمَبَاعِدِ وَ اَلْمَطَارِحِ فِي بَرِّكَ وَ بَحْرِكَ وَ سَهْلِكَ وَ جَبَلِكَ وَ حَيْثُ لاَ يَلْتَئِمُ اَلنَّاسُ لِمَوَاضِعِهَا وَ لاَ يَجْتَرِءُونَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُمْ سِلْمٌ لاَ تُخَافُ بَائِقَتُهُ وَ صُلْحٌ لاَ تُخْشَى غَائِلَتُهُ
وَ تَفَقَّدْ أُمُورَهُمْ بِحَضْرَتِكَ وَ فِي حَوَاشِي بِلاَدِكَ وَ اِعْلَمْ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ فِي كَثِيرٍ مِنْهُمْ ضِيقاً فَاحِشاً وَ شُحّاً قَبِيحاً وَ اِحْتِكَاراً لِلْمَنَافِعِ وَ تَحَكُّماً فِي اَلْبِيَاعَاتِ وَ ذَلِكَ بَابُ مَضَرَّةٍ لِلْعَامَّةِ وَ عَيْبٌ عَلَى اَلْوُلاَةِ
فَامْنَعْ مِنَ اَلاِحْتِكَارِ فَإِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم مَنَعَ مِنْهُ وَ لْيَكُنِ اَلْبَيْعُ بَيْعاً سَمْحاً بِمَوَازِينِ عَدْلٍ وَ أَسْعَارٍ لاَ تُجْحِفُ بِالْفَرِيقَيْنِ مِنَ اَلْبَائِعِ وَ اَلْمُبْتَاعِ
فَمَنْ قَارَفَ حُكْرَةً بَعْدَ نَهْيِكَ إِيَّاهُ فَنَكِّلْ بِهِ وَ عَاقِبْهُ فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ
ثُمَّ اَللَّهَ اَللَّهَ فِي اَلطَّبَقَةِ اَلسُّفْلَى مِنَ اَلَّذِينَ لاَ حِيلَةَ لَهُمْ مِنَ اَلْمَسَاكِينِ وَ اَلْمُحْتَاجِينَ وَ أَهْلِ اَلْبُؤْسَى وَ اَلزَّمْنَى فَإِنَّ فِي هَذِهِ اَلطَّبَقَةِ قَانِعاً وَ مُعْتَرّاً
وَ اِحْفَظْ لِلَّهِ مَا اِسْتَحْفَظَكَ مِنْ حَقِّهِ فِيهِمْ وَ اِجْعَلْ لَهُمْ قِسْماً مِنْ بَيْتِ مَالِكَ وَ قِسْماً مِنْ غَلاَّتِ صَوَافِي اَلْإِسْلاَمِ فِي كُلِّ بَلَدٍ فَإِنَّ لِلْأَقْصَى مِنْهُمْ مِثْلَ اَلَّذِي لِلْأَدْنَى
وَ كُلٌّ قَدِ اِسْتُرْعِيتَ حَقَّهُ وَ لاَ يَشْغَلَنَّكَ عَنْهُمْ بَطَرٌ فَإِنَّكَ لاَ تُعْذَرُ بِتَضْيِيعِكَ اَلتَّافِهَ لِإِحْكَامِكَ اَلْكَثِيرَ اَلْمُهِمَّ فَلاَ تُشْخِصْ هَمَّكَ عَنْهُمْ وَ لاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لَهُمْ
وَ تَفَقَّدْ أُمُورَ مَنْ لاَ يَصِلُ إِلَيْكَ مِنْهُمْ مِمَّنْ تَقْتَحِمُهُ اَلْعُيُونُ وَ تَحْقِرُهُ اَلرِّجَالُ فَفَرِّغْ لِأُولَئِكَ ثِقَتَكَ مِنْ أَهْلِ اَلْخَشْيَةِ وَ اَلتَّوَاضُعِ فَلْيَرْفَعْ إِلَيْكَ أُمُورَهُمْ
ثُمَّ اِعْمَلْ فِيهِمْ بِالْإِعْذَارِ إِلَى اَللَّهِ يَوْمَ تَلْقَاهُ فَإِنَّ هَؤُلاَءِ مِنْ بَيْنِ اَلرَّعِيَّةِ أَحْوَجُ إِلَى اَلْإِنْصَافِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَ كُلٌّ فَأَعْذِرْ إِلَى اَللَّهِ فِي تَأْدِيَةِ حَقِّهِ إِلَيْهِ
وَ تَعَهَّدْ أَهْلَ اَلْيُتْمِ وَ ذَوِي اَلرِّقَّةِ فِي اَلسِّنِّ مِمَّنْ لاَ حِيلَةَ لَهُ وَ لاَ يَنْصِبُ لِلْمَسْأَلَةِ نَفْسَهُ وَ ذَلِكَ عَلَى اَلْوُلاَةِ ثَقِيلٌ وَ اَلْحَقُّ كُلُّهُ ثَقِيلٌ وَ قَدْ يُخَفِّفُهُ اَللَّهُ عَلَى أَقْوَامٍ طَلَبُوا اَلْعَاقِبَةَ فَصَبَّرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ وَثِقُوا بِصِدْقِ مَوْعُودِ اَللَّهِ لَهُمْ
وَ اِجْعَلْ لِذَوِي اَلْحَاجَاتِ مِنْكَ قِسْماً تُفَرِّغُ لَهُمْ فِيهِ شَخْصَكَ وَ تَجْلِسُ لَهُمْ مَجْلِساً عَامّاً فَتَتَوَاضَعُ فِيهِ لِلَّهِ اَلَّذِي خَلَقَكَ وَ تُقْعِدُ عَنْهُمْ جُنْدَكَ وَ أَعْوَانَكَ مِنْ أَحْرَاسِكَ وَ شُرَطِكَ حَتَّى يُكَلِّمَكَ مُتَكَلِّمُهُمْ غَيْرَ مُتَتَعْتِعٍ
فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم يَقُولُ فِي غَيْرِ مَوْطِنٍ لَنْ تُقَدَّسَ أُمَّةٌ لاَ يُؤْخَذُ لِلضَّعِيفِ فِيهَا حَقُّهُ مِنَ اَلْقَوِيِّ غَيْرَ مُتَتَعْتِعٍ
ثُمَّ اِحْتَمِلِ اَلْخُرْقَ مِنْهُمْ وَ اَلْعِيَّ وَ نَحِّ عَنْهُمُ اَلضِّيقَ وَ اَلْأَنَفَ يَبْسُطِ اَللَّهُ عَلَيْكَ بِذَلِكَ أَكْنَافَ رَحْمَتِهِ وَ يُوجِبْ لَكَ ثَوَابَ طَاعَتِهِ وَ أَعْطِ مَا أَعْطَيْتَ هَنِيئاً وَ اِمْنَعْ فِي إِجْمَالٍ وَ إِعْذَارٍ
ثُمَّ أُمُورٌ مِنْ أُمُورِكَ لاَ بُدَّ لَكَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا مِنْهَا إِجَابَةُ عُمَّالِكَ بِمَا يَعْيَا عَنْهُ كُتَّابُكَ وَ مِنْهَا إِصْدَارُ حَاجَاتِ اَلنَّاسِ يَوْمَ وُرُودِهَا عَلَيْكَ بِمَا تَحْرَجُ بِهِ صُدُورُ أَعْوَانِكَ
وَ أَمْضِ لِكُلِّ يَوْمٍ عَمَلَهُ فَإِنَّ لِكُلِّ يَوْمٍ مَا فِيهِ وَ اِجْعَلْ لِنَفْسِكَ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اَللَّهِ أَفْضَلَ تِلْكَ اَلْمَوَاقِيتِ وَ أَجْزَلَ تِلْكَ اَلْأَقْسَامِ وَ إِنْ كَانَتْ كُلُّهَا لِلَّهِ إِذَا صَلَحَتْ فِيهَا اَلنِّيَّةُ وَ سَلِمَتْ مِنْهَا اَلرَّعِيَّةُ
وَ لْيَكُنْ فِي خَاصَّةِ مَا تُخْلِصُ بِهِ لِلَّهِ دِينَكَ إِقَامَةُ فَرَائِضِهِ اَلَّتِي هِيَ لَهُ خَاصَّةً فَأَعْطِ اَللَّهَ مِنْ بَدَنِكَ فِي لَيْلِكَ وَ نَهَارِكَ وَ وَفِّ مَا تَقَرَّبْتَ بِهِ إِلَى اَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ كَامِلاً غَيْرَ مَثْلُومٍ وَ لاَ مَنْقُوصٍ بَالِغاً مِنْ بَدَنِكَ مَا بَلَغَ
وَ إِذَا قُمْتَ فِي صَلاَتِكَ لِلنَّاسِ فَلاَ تَكُونَنَّ مُنَفِّراً وَ لاَ مُضَيِّعاً فَإِنَّ فِي اَلنَّاسِ مَنْ بِهِ اَلْعِلَّةُ وَ لَهُ اَلْحَاجَةُ
وَ قَدْ سَأَلْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم حِينَ وَجَّهَنِي إِلَى اَلْيَمَنِ كَيْفَ أُصَلِّي بِهِمْ فَقَالَ صَلِّ بِهِمْ كَصَلاَةِ أَضْعَفِهِمْ وَ كُنْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً
وَ أَمَّا بَعْدُ فَلاَ تُطَوِّلَنَّ اِحْتِجَابَكَ عَنْ رَعِيَّتِكَ فَإِنَّ اِحْتِجَابَ اَلْوُلاَةِ عَنِ اَلرَّعِيَّةِ شُعْبَةٌ مِنَ اَلضِّيقِ وَ قِلَّةُ عِلْمٍ بِالْأُمُورِ
وَ اَلاِحْتِجَابُ مِنْهُمْ يَقْطَعُ عَنْهُمْ عِلْمَ مَا اِحْتَجَبُوا دُونَهُ فَيَصْغُرُ عِنْدَهُمُ اَلْكَبِيرُ وَ يَعْظُمُ اَلصَّغِيرُ وَ يَقْبُحُ اَلْحَسَنُ وَ يَحْسُنُ اَلْقَبِيحُ وَ يُشَابُ اَلْحَقُّ بِالْبَاطِلِ
وَ إِنَّمَا اَلْوَالِي بَشَرٌ لاَ يَعْرِفُ مَا تَوَارَى عَنْهُ اَلنَّاسُ بِهِ مِنَ اَلْأُمُورِ وَ لَيْسَتْ عَلَى اَلْحَقِّ سِمَاتٌ تُعْرَفُ بِهَا ضُرُوبُ اَلصِّدْقِ مِنَ اَلْكَذِبِ
وَ إِنَّمَا أَنْتَ أَحَدُ رَجُلَيْنِ إِمَّا اِمْرُؤٌ سَخَتْ نَفْسُكَ بِالْبَذْلِ فِي اَلْحَقِّ فَفِيمَ اِحْتِجَابُكَ مِنْ وَاجِبِ حَقٍّ تُعْطِيهِ أَوْ فِعْلٍ كَرِيمٍ تُسْدِيهِ أَوْ مُبْتَلًى بِالْمَنْعِ فَمَا أَسْرَعَ كَفَّ اَلنَّاسِ عَنْ مَسْأَلَتِكَ إِذَا أَيِسُوا مِنْ بَذْلِكَ
مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ حَاجَاتِ اَلنَّاسِ إِلَيْكَ مِمَّا لاَ مَئُونَةَ فِيهِ عَلَيْكَ مِنْ شَكَاةِ مَظْلِمَةٍ أَوْ طَلَبِ إِنْصَافٍ فِي مُعَامَلَةٍ
ثُمَّ إِنَّ لِلْوَالِي خَاصَّةً وَ بِطَانَةً فِيهِمُ اِسْتِئْثَارٌ وَ تَطَاوُلٌ وَ قِلَّةُ إِنْصَافٍ فِي مُعَامَلَةٍ فَاحْسِمْ مَادَّةَ أُولَئِكَ بِقَطْعِ أَسْبَابِ تِلْكَ اَلْأَحْوَالِ
وَ لاَ تُقْطِعَنَّ لِأَحَدٍ مِنْ حَاشِيَتِكَ وَ حَامَّتِكَ قَطِيعَةً وَ لاَ يَطْمَعَنَّ مِنْكَ فِي اِعْتِقَادِ عُقْدَةٍ تَضُرُّ بِمَنْ يَلِيهَا مِنَ اَلنَّاسِ فِي شِرْبٍ أَوْ عَمَلٍ مُشْتَرَكٍ يَحْمِلُونَ مَئُونَتَهُ عَلَى غَيْرِهِمْ فَيَكُونَ مَهْنَأُ ذَلِكَ لَهُمْ دُونَكَ وَ عَيْبُهُ عَلَيْكَ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ
وَ أَلْزِمِ اَلْحَقَّ مَنْ لَزِمَهُ مِنَ اَلْقَرِيبِ وَ اَلْبَعِيدِ وَ كُنْ فِي ذَلِكَ صَابِراً مُحْتَسِباً وَاقِعاً ذَلِكَ مِنْ قَرَابَتِكَ وَ خَاصَّتِكَ حَيْثُ وَقَعَ وَ اِبْتَغِ عَاقِبَتَهُ بِمَا يَثْقُلُ عَلَيْكَ مِنْهُ فَإِنَّ مَغَبَّةَ ذَلِكَ مَحْمُودَةٌ
وَ إِنْ ظَنَّتِ اَلرَّعِيَّةُ بِكَ حَيْفاً فَأَصْحِرْ لَهُمْ بِعُذْرِكَ وَ اِعْدِلْ عَنْكَ ظُنُونَهُمْ بِإِصْحَارِكَ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ رِيَاضَةً مِنْكَ لِنَفْسِكَ وَ رِفْقاً بِرَعِيَّتِكَ وَ إِعْذَاراً تَبْلُغُ بِهِ حَاجَتَكَ مِنْ تَقْوِيمِهِمْ عَلَى اَلْحَقِّ
وَ لاَ تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاكَ إِلَيْهِ عَدُوُّكَ و لِلَّهِ فِيهِ رِضًا فَإِنَّ فِي اَلصُّلْحِ دَعَةً لِجُنُودِكَ وَ رَاحَةً مِنْ هُمُومِكَ وَ أَمْناً لِبِلاَدِكَ
وَ لَكِنِ اَلْحَذَرَ كُلَّ اَلْحَذَرِ مِنْ عَدُوِّكَ بَعْدَ صُلْحِهِ فَإِنَّ اَلْعَدُوَّ رُبَّمَا قَارَبَ لِيَتَغَفَّلَ فَخُذْ بِالْحَزْمِ وَ اِتَّهِمْ فِي ذَلِكَ حُسْنَ اَلظَّنِّ
وَ إِنْ عَقَدْتَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ عَدُوِّكَ عُقْدَةً أَوْ أَلْبَسْتَهُ مِنْكَ ذِمَّةً فَحُطْ عَهْدَكَ بِالْوَفَاءِ وَ اِرْعَ ذِمَّتَكَ بِالْأَمَانَةِ وَ اِجْعَلْ نَفْسَكَ جُنَّةً دُونَ مَا أَعْطَيْتَ
فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ فَرَائِضِ اَللَّهِ شَيْءٌ اَلنَّاسُ أَشَدُّ عَلَيْهِ اِجْتِمَاعاً مَعَ تَفَرُّقِ أَهْوَائِهِمْ وَ تَشَتُّتِ آرَائِهِمْ مِنْ تَعْظِيمِ اَلْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ وَ قَدْ لَزِمَ ذَلِكَ اَلْمُشْرِكُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ دُونَ اَلْمُسْلِمِينَ لِمَا اِسْتَوْبَلُوا مِنْ عَوَاقِبِ اَلْغَدْرِ
فَلاَ تَغْدِرَنَّ بِذِمَّتِكَ وَ لاَ تَخِيسَنَّ بِعَهْدِكَ وَ لاَ تَخْتِلَنَّ عَدُوَّكَ فَإِنَّهُ لاَ يَجْتَرِئُ عَلَى اَللَّهِ إِلاَّ جَاهِلٌ شَقِيٌّ
وَ قَدْ جَعَلَ اَللَّهُ عَهْدَهُ وَ ذِمَّتَهُ أَمْناً أَفْضَاهُ بَيْنَ اَلْعِبَادِ بِرَحْمَتِهِ وَ حَرِيماً يَسْكُنُونَ إِلَى مَنَعَتِهِ وَ يَسْتَفِيضُونَ إِلَى جِوَارِهِ فَلاَ إِدْغَالَ وَ لاَ مُدَالَسَةَ وَ لاَ خِدَاعَ فِيهِ
وَ لاَ تَعْقِدْ عَقْداً تُجَوِّزُ فِيهِ اَلْعِلَلَ وَ لاَ تُعَوِّلَنَّ عَلَى لَحْنِ قَوْلٍ بَعْدَ اَلتَّأْكِيدِ وَ اَلتَّوْثِقَةِ
وَ لاَ يَدْعُوَنَّكَ ضِيقُ أَمْرٍ لَزِمَكَ فِيهِ عَهْدُ اَللَّهِ إِلَى طَلَبِ اِنْفِسَاخِهِ بِغَيْرِ اَلْحَقِّ فَإِنَّ صَبْرَكَ عَلَى ضِيقِ أَمْرٍ تَرْجُو اِنْفِرَاجَهُ وَ فَضْلَ عَاقِبَتِهِ خَيْرٌ مِنْ غَدْرٍ تَخَافُ تَبِعَتَهُ وَ أَنْ تُحِيطَ بِكَ مِنَ اَللَّهِ فِيهِ طِلْبَةٌ لاَ تَسْتَقْبِلُ فِيهَا دُنْيَاكَ وَ لاَ آخِرَتَكَ
إِيَّاكَ وَ اَلدِّمَاءَ وَ سَفْكَهَا بِغَيْرِ حِلِّهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَدْعَى لِنِقْمَةٍ وَ لاَ أَعْظَمَ لِتَبِعَةٍ وَ لاَ أَحْرَى بِزَوَالِ نِعْمَةٍ وَ اِنْقِطَاعِ مُدَّةٍ مِنْ سَفْكِ اَلدِّمَاءِ بِغَيْرِ حَقِّهَا وَ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ مُبْتَدِئٌ بِالْحُكْمِ بَيْنَ اَلْعِبَادِ فِيمَا تَسَافَكُوا مِنَ اَلدِّمَاءِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ
فَلاَ تُقَوِّيَنَّ سُلْطَانَكَ بِسَفْكِ دَمٍ حَرَامٍ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُضْعِفُهُ وَ يُوهِنُهُ بَلْ يُزِيلُهُ وَ يَنْقُلُهُ وَ لاَ عُذْرَ لَكَ عِنْدَ اَللَّهِ وَ لاَ عِنْدِي فِي قَتْلِ اَلْعَمْدِ لِأَنَّ فِيهِ قَوَدَ اَلْبَدَنِ
وَ إِنِ اُبْتُلِيتَ بِخَطَإٍ وَ أَفْرَطَ عَلَيْكَ سَوْطُكَ أَوْ سَيْفُكَ أَوْ يَدُكَ بِالْعُقُوبَةِ فَإِنَّ فِي اَلْوَكْزَةِ فَمَا فَوْقَهَا مَقْتَلَةً فَلاَ تَطْمَحَنَّ بِكَ نَخْوَةُ سُلْطَانِكَ عَنْ أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى أَوْلِيَاءِ اَلْمَقْتُولِ حَقَّهُمْ
وَ إِيَّاكَ وَ اَلْإِعْجَابَ بِنَفْسِكَ وَ اَلثِّقَةَ بِمَا يُعْجِبُكَ مِنْهَا وَ حُبَّ اَلْإِطْرَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَوْثَقِ فُرَصِ اَلشَّيْطَانِ فِي نَفْسِهِ لِيَمْحَقَ مَا يَكُونُ مِنْ إِحْسَانِ اَلْمُحْسِنِينَ
وَ إِيَّاكَ وَ اَلْمَنَّ عَلَى رَعِيَّتِكَ بِإِحْسَانِكَ أَوِ اَلتَّزَيُّدَ فِيمَا كَانَ مِنْ فِعْلِكَ أَوْ أَنْ تَعِدَهُمْ فَتُتْبِعَ مَوْعِدَكَ بِخُلْفِكَ
فَإِنَّ اَلْمَنَّ يُبْطِلُ اَلْإِحْسَانَ وَ اَلتَّزَيُّدَ يَذْهَبُ بِنُورِ اَلْحَقِّ وَ اَلْخُلْفَ يُوجِبُ اَلْمَقْتَ عِنْدَ اَللَّهِ وَ اَلنَّاسِ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اَللّٰهِ أَنْ تَقُولُوا مٰا لاٰ تَفْعَلُونَ
وَ إِيَّاكَ وَ اَلْعَجَلَةَ بِالْأُمُورِ قَبْلَ أَوَانِهَا أَوِ اَلتَّسَقُّطَ فِيهَا عِنْدَ إِمْكَانِهَا أَوِ اَللَّجَاجَةَ فِيهَا إِذَا تَنَكَّرَتْ أَوِ اَلْوَهْنَ عَنْهَا إِذَا اِسْتَوْضَحَتْ فَضَعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْضِعَهُ وَ أَوْقِعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْقِعَهُ
وَ إِيَّاكَ وَ اَلاِسْتِئْثَارَ بِمَا اَلنَّاسُ فِيهِ أُسْوَةٌ وَ اَلتَّغَابِيَ عَمَّا تُعْنَى بِهِ مِمَّا قَدْ وَضَحَ لِلْعُيُونِ فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْكَ لِغَيْرِكَ وَ عَمَّا قَلِيلٍ تَنْكَشِفُ عَنْكَ أَغْطِيَةُ اَلْأُمُورِ وَ يُنْتَصَفُ مِنْكَ لِلْمَظْلُومِ
اِمْلِكْ حَمِيَّةَ أَنْفِكَ وَ سَوْرَةَ حَدِّكَ وَ سَطْوَةَ يَدِكَ وَ غَرْبَ لِسَانِكَ وَ اِحْتَرِسْ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بِكَفِّ اَلْبَادِرَةِ وَ تَأْخِيرِ اَلسَّطْوَةِ حَتَّى يَسْكُنَ غَضَبُكَ فَتَمْلِكَ اَلاِخْتِيَارَ وَ لَنْ تَحْكُمَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِكَ حَتَّى تُكْثِرَ هُمُومَكَ بِذِكْرِ اَلْمَعَادِ إِلَى رَبِّكَ
وَ اَلْوَاجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَتَذَكَّرَ مَا مَضَى لِمَنْ تَقَدَّمَكَ مِنْ حُكُومَةٍ عَادِلَةٍ أَوْ سُنَّةٍ فَاضِلَةٍ أَوْ أَثَرٍ عَنْ نَبِيِّنَا صلىاللهعليهوآلهوسلم أَوْ فَرِيضَةٍ فِي كِتَابِ اَللَّهِ
فَتَقْتَدِيَ بِمَا شَاهَدْتَ مِمَّا عَمِلْنَا بِهِ فِيهَا وَ تَجْتَهِدَ لِنَفْسِكَ فِي اِتِّبَاعِ مَا عَهِدْتُ إِلَيْكَ فِي عَهْدِي هَذَا وَ اِسْتَوْثَقْتُ بِهِ مِنَ اَلْحُجَّةِ لِنَفْسِي عَلَيْكَ لِكَيْلاَ تَكُونَ لَكَ عِلَّةٌ عِنْدَ تَسَرُّعِ نَفْسِكَ إِلَى هَوَاهَا
وَ أَنَا أَسْأَلُ اَللَّهَ بِسَعَةِ رَحْمَتِهِ وَ عَظِيمِ قُدْرَتِهِ عَلَى إِعْطَاءِ كُلِّ رَغْبَةٍ أَنْ يُوَفِّقَنِي وَ إِيَّاكَ لِمَا فِيهِ رِضَاهُ مِنَ اَلْإِقَامَةِ عَلَى اَلْعُذْرِ اَلْوَاضِحِ إِلَيْهِ وَ إِلَى خَلْقِهِ
مَعَ حُسْنِ اَلثَّنَاءِ فِي اَلْعِبَادِ وَ جَمِيلِ اَلْأَثَرِ فِي اَلْبِلاَدِ وَ تَمَامِ اَلنِّعْمَةِ وَ تَضْعِيفِ اَلْكَرَامَةِ وَ أَنْ يَخْتِمَ لِي وَ لَكَ بِالسَّعَادَةِ وَ اَلشَّهَادَةِ إِنّٰا إِلَيْهِ رٰاجِعُونَ
وَ اَلسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ اَلطَّيِّبِينَ اَلطَّاهِرِينَ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً وَ اَلسَّلاَمُ
بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اَللَّهِ عَلِيٌّ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ مَالِكَ بْنَ اَلْحَارِثِ اَلْأَشْتَرَ فِي عَهْدِهِ إِلَيْهِ حِينَ وَلاَّهُ مِصْرَ جِبَايَةَ خَرَاجِهَا وَ جِهَادَ عَدُوِّهَا وَ اِسْتِصْلاَحَ أَهْلِهَا وَ عِمَارَةَ بِلاَدِهَا
أَمَرَهُ بِتَقْوَى اَللَّهِ وَ إِيْثَارِ طَاعَتِهِ وَ اِتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ فِي كِتَابِهِ مِنْ فَرَائِضِهِ وَ سُنَنِهِ اَلَّتِي لاَ يَسْعَدُ أَحَدٌ إِلاَّ بِاتِّبَاعِهَا وَ لاَ يَشْقَى إِلاَّ مَعَ جُحُودِهَا وَ إِضَاعَتِهَا
وَ أَنْ يَنْصُرَ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ بِقَلْبِهِ وَ يَدِهِ وَ لِسَانِهِ فَإِنَّهُ جَلَّ اِسْمُهُ قَدْ تَكَفَّلَ بِنَصْرِ مَنْ نَصَرَهُ وَ إِعْزَازِ مَنْ أَعَزَّهُ
وَ أَمَرَهُ أَنْ يَكْسِرَ نَفْسَهُ مِنَ اَلشَّهَوَاتِ وَ يَزَعَهَا عِنْدَ اَلْجَمَحَاتِ فَإِنَّ اَلنَّفْسَ أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ اَللَّهُ
ثُمَّ اِعْلَمْ يَا مَالِكُ أَنِّي قَدْ وَجَّهْتُكَ إِلَى بِلاَدٍ قَدْ جَرَتْ عَلَيْهَا دُوَلٌ قَبْلَكَ مِنْ عَدْلٍ وَ جَوْرٍ وَ أَنَّ اَلنَّاسَ يَنْظُرُونَ مِنْ أُمُورِكَ فِي مِثْلِ مَا كُنْتَ تَنْظُرُ فِيهِ مِنْ أُمُورِ اَلْوُلاَةِ قَبْلَكَ وَ يَقُولُونَ فِيكَ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِيهِمْ
وَ إِنَّمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى اَلصَّالِحِينَ بِمَا يُجْرِي اَللَّهُ لَهُمْ عَلَى أَلْسُنِ عِبَادِهِ فَلْيَكُنْ أَحَبَّ اَلذَّخَائِرِ إِلَيْكَ ذَخِيرَةُ اَلْعَمَلِ اَلصَّالِحِ
فَامْلِكْ هَوَاكَ وَ شُحَّ بِنَفْسِكَ عَمَّا لاَ يَحِلُّ لَكَ فَإِنَّ اَلشُّحَّ بِالنَّفْسِ اَلْإِنْصَافُ مِنْهَا فِيمَا أَحَبَّتْ أَوْ كَرِهَتْ وَ أَشْعِرْ قَلْبَكَ اَلرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ وَ اَلْمَحَبَّةَ لَهُمْ وَ اَللُّطْفَ بِهِمْ
وَ لاَ تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي اَلدِّينِ أَوْ نَظِيرٌ لَكَ فِي اَلْخَلْقِ يَفْرُطُ مِنْهُمُ اَلزَّلَلُ وَ تَعْرِضُ لَهُمُ اَلْعِلَلُ وَ يُؤْتَى عَلَى أَيْدِيهِمْ فِي اَلْعَمْدِ وَ اَلْخَطَإِ
فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِكَ وَ صَفْحِكَ مِثْلِ اَلَّذِي تُحِبُّ وَ تَرْضَى أَنْ يُعْطِيَكَ اَللَّهُ مِنْ عَفْوِهِ وَ صَفْحِهِ فَإِنَّكَ فَوْقَهُمْ وَ وَالِي اَلْأَمْرِ عَلَيْكَ فَوْقَكَ وَ اَللَّهُ فَوْقَ مَنْ وَلاَّكَ وَ قَدِ اِسْتَكْفَاكَ أَمْرَهُمْ وَ اِبْتَلاَكَ بِهِمْ
وَ لاَ تَنْصِبَنَّ نَفْسَكَ لِحَرْبِ اَللَّهِ فَإِنَّهُ لاَ يَدَ لَكَ بِنِقْمَتِهِ وَ لاَ غِنَى بِكَ عَنْ عَفْوِهِ وَ رَحْمَتِهِ وَ لاَ تَنْدَمَنَّ عَلَى عَفْوٍ وَ لاَ تَبْجَحَنَّ بِعُقُوبَةٍ
وَ لاَ تُسْرِعَنَّ إِلَى بَادِرَةٍ وَجَدْتَ مِنْهَا مَنْدُوحَةً وَ لاَ تَقُولَنَّ إِنِّي مُؤَمَّرٌ آمُرُ فَأُطَاعُ فَإِنَّ ذَلِكَ إِدْغَالٌ فِي اَلْقَلْبِ وَ مَنْهَكَةٌ لِلدِّينِ وَ تَقَرُّبٌ مِنَ اَلْغِيَرِ
وَ إِذَا أَحْدَثَ لَكَ مَا أَنْتَ فِيهِ مِنْ سُلْطَانِكَ أُبَّهَةً أَوْ مَخِيلَةً فَانْظُرْ إِلَى عِظَمِ مُلْكِ اَللَّهِ فَوْقَكَ وَ قُدْرَتِهِ مِنْكَ عَلَى مَا لاَ تَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِكَ
فَإِنَّ ذَلِكَ يُطَامِنُ إِلَيْكَ مِنْ طِمَاحِكَ وَ يَكُفُّ عَنْكَ مِنْ غَرْبِكَ وَ يَفِيءُ إِلَيْكَ بِمَا عَزَبَ عَنْكَ مِنْ عَقْلِكَ
إِيَّاكَ وَ مُسَامَاةَ اَللَّهِ فِي عَظَمَتِهِ وَ اَلتَّشَبُّهَ بِهِ فِي جَبَرُوتِهِ فَإِنَّ اَللَّهَ يُذِلُّ كُلَّ جَبَّارٍ وَ يُهِينُ كُلَّ مُخْتَالٍ
أَنْصِفِ اَللَّهَ وَ أَنْصِفِ اَلنَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ مِنْ خَاصَّةِ أَهْلِكَ وَ مَنْ لَكَ فِيهِ هَوًى مِنْ رَعِيَّتِكَ فَإِنَّكَ إِلاَّ تَفْعَلْ تَظْلِمْ
وَ مَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اَللَّهِ كَانَ اَللَّهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ وَ مَنْ خَاصَمَهُ اَللَّهُ أَدْحَضَ حُجَّتَهُ وَ كَانَ لِلَّهِ حَرْباً حَتَّى يَنْزِعَ أَوْ يَتُوبَ
وَ لَيْسَ شَيْءٌ أَدْعَى إِلَى تَغْيِيرِ نِعْمَةِ اَللَّهِ وَ تَعْجِيلِ نِقْمَتِهِ مِنْ إِقَامَةٍ عَلَى ظُلْمٍ فَإِنَّ اَللَّهَ سَمِيعٌ دَعْوَةَ اَلْمُضْطَهَدِينَ وَ هُوَ لِلظَّالِمِينَ بِالْمِرْصَادِ
وَ لْيَكُنْ أَحَبَّ اَلْأُمُورِ إِلَيْكَ أَوْسَطُهَا فِي اَلْحَقِّ وَ أَعَمُّهَا فِي اَلْعَدْلِ وَ أَجْمَعُهَا لِرِضَى اَلرَّعِيَّةِ فَإِنَّ سُخْطَ اَلْعَامَّةِ يُجْحِفُ بِرِضَى اَلْخَاصَّةِ وَ إِنَّ سُخْطَ اَلْخَاصَّةِ يُغْتَفَرُ مَعَ رِضَى اَلْعَامَّةِ
وَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ اَلرَّعِيَّةِ أَثْقَلَ عَلَى اَلْوَالِي مَئُونَةً فِي اَلرَّخَاءِ وَ أَقَلَّ مَعُونَةً لَهُ فِي اَلْبَلاَءِ وَ أَكْرَهَ لِلْإِنْصَافِ وَ أَسْأَلَ بِالْإِلْحَافِ وَ أَقَلَّ شُكْراً عِنْدَ اَلْإِعْطَاءِ وَ أَبْطَأَ عُذْراً عِنْدَ اَلْمَنْعِ وَ أَضْعَفَ صَبْراً عِنْدَ مُلِمَّاتِ اَلدَّهْرِ مِنْ أَهْلِ اَلْخَاصَّةِ
وَ إِنَّمَا عِمَادُ اَلدِّينِ وَ جِمَاعُ اَلْمُسْلِمِينَ وَ اَلْعُدَّةُ لِلْأَعْدَاءِ اَلْعَامَّةُ مِنَ اَلْأُمَّةِ فَلْيَكُنْ صِغْوُكَ لَهُمْ وَ مَيْلُكَ مَعَهُمْ
وَ لْيَكُنْ أَبْعَدَ رَعِيَّتِكَ مِنْكَ وَ أَشْنَأَهُمْ عِنْدَكَ أَطْلَبُهُمْ لِمَعَايِبِ اَلنَّاسِ فَإِنَّ فِي اَلنَّاسِ عُيُوباً اَلْوَالِي أَحَقُّ مَنْ سَتَرَهَا فَلاَ تَكْشِفَنَّ عَمَّا غَابَ عَنْكَ مِنْهَا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ تَطْهِيرُ مَا ظَهَرَ لَكَ
وَ اَللَّهُ يَحْكُمُ عَلَى مَا غَابَ عَنْكَ فَاسْتُرِ اَلْعَوْرَةَ مَا اِسْتَطَعْتَ يَسْتُرِ اَللَّهُ مِنْكَ مَا تُحِبُّ سَتْرَهُ مِنْ رَعِيَّتِكَ
أَطْلِقْ عَنِ اَلنَّاسِ عُقْدَةَ كُلِّ حِقْدٍ وَ اِقْطَعْ عَنْكَ سَبَبَ كُلِّ وِتْرٍ وَ تَغَابَ عَنْ كُلِّ مَا لاَ يَضِحُ لَكَ وَ لاَ تَعْجَلَنَّ إِلَى تَصْدِيقِ سَاعٍ فَإِنَّ اَلسَّاعِيَ غَاشٌّ وَ إِنْ تَشَبَّهَ بِالنَّاصِحِينَ
وَ لاَ تُدْخِلَنَّ فِي مَشُورَتِكَ بَخِيلاً يَعْدِلُ بِكَ عَنِ اَلْفَضْلِ وَ يَعِدُكَ اَلْفَقْرَ وَ لاَ جَبَاناً يُضْعِفُكَ عَنِ اَلْأُمُورِ وَ لاَ حَرِيصاً يُزَيِّنُ لَكَ اَلشَّرَهَ بِالْجَوْرِ فَإِنَّ اَلْبُخْلَ وَ اَلْجُبْنَ وَ اَلْحِرْصَ غَرَائِزُ شَتَّى يَجْمَعُهَا سُوءُ اَلظَّنِّ بِاللَّهِ
إِنَّ شَرَّ وُزَرَائِكَ مَنْ كَانَ لِلْأَشْرَارِ قَبْلَكَ وَزِيراً وَ مَنْ شَرِكَهُمْ فِي اَلْآثَامِ فَلاَ يَكُونَنَّ لَكَ بِطَانَةً فَإِنَّهُمْ أَعْوَانُ اَلْأَثَمَةِ وَ إِخْوَانُ اَلظَّلَمَةِ
وَ أَنْتَ وَاجِدٌ مِنْهُمْ خَيْرَ اَلْخَلَفِ مِمَّنْ لَهُ مِثْلُ آرَائِهِمْ وَ نَفَاذِهِمْ وَ لَيْسَ عَلَيْهِ مِثْلُ آصَارِهِمْ وَ أَوْزَارِهِمْ وَ آثَامِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يُعَاوِنْ ظَالِماً عَلَى ظُلْمِهِ وَ لاَ آثِماً عَلَى إِثْمِهِ
أُولَئِكَ أَخَفُّ عَلَيْكَ مَئُونَةً وَ أَحْسَنُ لَكَ مَعُونَةً وَ أَحْنَى عَلَيْكَ عَطْفاً وَ أَقَلُّ لِغَيْرِكَ إِلْفاً فَاتَّخِذْ أُولَئِكَ خَاصَّةً لِخَلَوَاتِكَ وَ حَفَلاَتِكَ
ثُمَّ لْيَكُنْ آثَرُهُمْ عِنْدَكَ أَقْوَلَهُمْ بِمُرِّ اَلْحَقِّ لَكَ وَ أَقَلَّهُمْ مُسَاعَدَةً فِيمَا يَكُونُ مِنْكَ مِمَّا كَرِهَ اَللَّهُ لِأَوْلِيَائِهِ وَاقِعاً ذَلِكَ مِنْ هَوَاكَ حَيْثُ وَقَعَ
وَ الْصَقْ بِأَهْلِ اَلْوَرَعِ وَ اَلصِّدْقِ ثُمَّ رُضْهُمْ عَلَى أَلاَّ يُطْرُوكَ وَ لاَ يَبْجَحُوكَ بِبَاطِلٍ لَمْ تَفْعَلْهُ فَإِنَّ كَثْرَةَ اَلْإِطْرَاءِ تُحْدِثُ اَلزَّهْوَ وَ تُدْنِي مِنَ اَلْعِزَّةِ
وَ لاَ يَكُونَنَّ اَلْمُحْسِنُ وَ اَلْمُسِيءُ عِنْدَكَ بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ تَزْهِيداً لِأَهْلِ اَلْإِحْسَانِ فِي اَلْإِحْسَانِ وَ تَدْرِيباً لِأَهْلِ اَلْإِسَاءَةِ عَلَى اَلْإِسَاءَةِ وَ أَلْزِمْ كُلاًّ مِنْهُمْ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ
وَ اِعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ بِأَدْعَى إِلَى حُسْنِ ظَنِّ رَاعٍ بِرَعِيَّتِهِ مِنْ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ وَ تَخْفِيفِهِ اَلْمَئُونَاتِ عَلَيْهِمْ وَ تَرْكِ اِسْتِكْرَاهِهِ إِيَّاهُمْ عَلَى مَا لَيْسَ لَهُ قِبَلَهُمْ
فَلْيَكُنْ مِنْكَ فِي ذَلِكَ أَمْرٌ يَجْتَمِعُ لَكَ بِهِ حُسْنُ اَلظَّنِّ بِرَعِيَّتِكَ فَإِنَّ حُسْنَ اَلظَّنِّ يَقْطَعُ عَنْكَ نَصَباً طَوِيلاً
وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ حَسُنَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ حَسُنَ بَلاَؤُكَ عِنْدَهُ وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ سَاءَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ سَاءَ بَلاَؤُكَ عِنْدَهُ
وَ لاَ تَنْقُضْ سُنَّةً صَالِحَةً عَمِلَ بِهَا صُدُورُ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ وَ اِجْتَمَعَتْ بِهَا اَلْأُلْفَةُ وَ صَلَحَتْ عَلَيْهَا اَلرَّعِيَّةُ وَ لاَ تُحْدِثَنَّ سُنَّةً تَضُرُّ بِشَيْءٍ مِنْ مَاضِي تِلْكَ اَلسُّنَنِ فَيَكُونَ اَلْأَجْرُ لِمَنْ سَنَّهَا وَ اَلْوِزْرُ عَلَيْكَ بِمَا نَقَضْتَ مِنْهَا
وَ أَكْثِرْ مُدَارَسَةَ اَلْعُلَمَاءِ وَ مُنَاقَشَةَ اَلْحُكَمَاءِ فِي تَثْبِيتِ مَا صَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ بِلاَدِكَ وَ إِقَامَةِ مَا اِسْتَقَامَ بِهِ اَلنَّاسُ قَبْلَكَ
وَ اِعْلَمْ أَنَّ اَلرَّعِيَّةَ طَبَقَاتٌ لاَ يَصْلُحُ بَعْضُهَا إِلاَّ بِبَعْضٍ وَ لاَ غِنَى بِبَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ فَمِنْهَا جُنُودُ اَللَّهِ وَ مِنْهَا كُتَّابُ اَلْعَامَّةِ وَ اَلْخَاصَّةِ وَ مِنْهَا قُضَاةُ اَلْعَدْلِ وَ مِنْهَا عُمَّالُ اَلْإِنْصَافِ وَ اَلرِّفْقِ
وَ مِنْهَا أَهْلُ اَلْجِزْيَةِ وَ اَلْخَرَاجِ مِنْ أَهْلِ اَلذِّمَّةِ وَ مُسْلِمَةِ اَلنَّاسِ وَ مِنْهَا اَلتُّجَّارُ وَ أَهْلُ اَلصِّنَاعَاتِ وَ مِنْهَا اَلطَّبَقَةُ اَلسُّفْلَى مِنْ ذَوِي اَلْحَاجَةِ وَ اَلْمَسْكَنَةِ
وَ كُلٌّ قَدْ سَمَّى اَللَّهُ لَهُ سَهْمَهُ وَ وَضَعَ عَلَى حَدِّهِ فَرِيضَةً فِي كِتَابِهِ أَوْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم عَهْداً مِنْهُ عِنْدَنَا مَحْفُوظاً
فَالْجُنُودُ بِإِذْنِ اَللَّهِ حُصُونُ اَلرَّعِيَّةِ وَ زَيْنُ اَلْوُلاَةِ وَ عِزُّ اَلدِّينِ وَ سُبُلُ اَلْأَمْنِ وَ لَيْسَ تَقُومُ اَلرَّعِيَّةُ إِلاَّ بِهِمْ
ثُمَّ لاَ قِوَامَ لِلْجُنُودِ إِلاَّ بِمَا يُخْرِجُ اَللَّهُ لَهُمْ مِنَ اَلْخَرَاجِ اَلَّذِي يَقْوَوْنَ بِهِ عَلَى جِهَادِ عَدُوِّهِمْ وَ يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ فِيمَا يُصْلِحُهُمْ وَ يَكُونُ مِنْ وَرَاءِ حَاجَتِهِمْ
ثُمَّ لاَ قِوَامَ لِهَذَيْنِ اَلصِّنْفَيْنِ إِلاَّ بِالصِّنْفِ اَلثَّالِثِ مِنَ اَلْقُضَاةِ وَ اَلْعُمَّالِ وَ اَلْكُتَّابِ لِمَا يُحْكِمُونَ مِنَ اَلْمَعَاقِدِ وَ يَجْمَعُونَ مِنَ اَلْمَنَافِعِ وَ يُؤْتَمَنُونَ عَلَيْهِ مِنْ خَوَاصِّ اَلْأُمُورِ وَ عَوَامِّهَا
وَ لاَ قِوَامَ لَهُمْ جَمِيعاً إِلاَّ بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِي اَلصِّنَاعَاتِ فِيمَا يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ مِنْ مَرَافِقِهِمْ وَ يُقِيمُونَهُ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ وَ يَكْفُونَهُمْ مِنَ اَلتَّرَفُّقِ بِأَيْدِيهِمْ مَا لاَ يَبْلُغُهُ رِفْقُ غَيْرِهِمْ
ثُمَّ اَلطَّبَقَةُ اَلسُّفْلَى مِنْ أَهْلِ اَلْحَاجَةِ وَ اَلْمَسْكَنَةِ اَلَّذِينَ يَحِقُّ رِفْدُهُمْ وَ مَعُونَتُهُمْ
وَ فِي اَللَّهِ لِكُلٍّ سَعَةٌ وَ لِكُلٍّ عَلَى اَلْوَالِي حَقٌّ بِقَدْرِ مَا يُصْلِحُهُ وَ لَيْسَ يَخْرُجُ اَلْوَالِي مِنْ حَقِيقَةِ مَا أَلْزَمَهُ اَللَّهُ مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ بِالاِهْتِمَامِ وَ اَلاِسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ وَ تَوْطِينِ نَفْسِهِ عَلَى لُزُومِ اَلْحَقِّ وَ اَلصَّبْرِ عَلَيْهِ فِيمَا خَفَّ عَلَيْهِ أَوْ ثَقُلَ
فَوَلِّ مِنْ جُنُودِكَ أَنْصَحَهُمْ فِي نَفْسِكَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِإِمَامِكَ وَ أَنْقَاهُمْ جَيْباً وَ أَفْضَلَهُمْ حِلْماً مِمَّنْ يُبْطِئُ عَنِ اَلْغَضَبِ وَ يَسْتَرِيحُ إِلَى اَلْعُذْرِ وَ يَرْأَفُ بِالضُّعَفَاءِ وَ يَنْبُو عَلَى اَلْأَقْوِيَاءِ وَ مِمَّنْ لاَ يُثِيرُهُ اَلْعُنْفُ وَ لاَ يَقْعُدُ بِهِ اَلضَّعْفُ
ثُمَّ اِلْصَقْ بِذَوِي اَلْمُرُوءَاتِ وَ اَلْأَحْسَابِ وَ أَهْلِ اَلْبُيُوتَاتِ اَلصَّالِحَةِ وَ اَلسَّوَابِقِ اَلْحَسَنَةِ ثُمَّ أَهْلِ اَلنَّجْدَةِ وَ اَلشَّجَاعَةِ وَ اَلسَّخَاءِ وَ اَلسَّمَاحَةِ فَإِنَّهُمْ جِمَاعٌ مِنَ اَلْكَرَمِ وَ شُعَبٌ مِنَ اَلْعُرْفِ
ثُمَّ تَفَقَّدْ مِنْ أُمُورِهِمْ مَا يَتَفَقَّدُ اَلْوَالِدَانِ مِنْ وَلَدِهِمَا وَ لاَ يَتَفَاقَمَنَّ فِي نَفْسِكَ شَيْءٌ قَوَّيْتَهُمْ بِهِ وَ لاَ تَحْقِرَنَّ لُطْفاً تَعَاهَدْتَهُمْ بِهِ وَ إِنْ قَلَّ فَإِنَّهُ دَاعِيَةٌ لَهُمْ إِلَى بَذْلِ اَلنَّصِيحَةِ لَكَ وَ حُسْنِ اَلظَّنِّ بِكَ
وَ لاَ تَدَعْ تَفَقُّدَ لَطِيفِ أُمُورِهِمُ اِتِّكَالاً عَلَى جَسِيمِهَا فَإِنَّ لِلْيَسِيرِ مِنْ لُطْفِكَ مَوْضِعاً يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَ لِلْجَسِيمِ مَوْقِعاً لاَ يَسْتَغْنُونَ عَنْهُ
وَ لْيَكُنْ آثَرُ رُءُوسِ جُنْدِكَ عِنْدَكَ مَنْ وَاسَاهُمْ فِي مَعُونَتِهِ وَ أَفْضَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ جِدَتِهِ بِمَا يَسَعُهُمْ وَ يَسَعُ مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ خُلُوفِ أَهْلِيهِمْ حَتَّى يَكُونَ هَمُّهُمْ هَمّاً وَاحِداً فِي جِهَادِ اَلْعَدُوِّ فَإِنَّ عَطْفَكَ عَلَيْهِمْ يَعْطِفُ قُلُوبَهُمْ عَلَيْكَ
وَ إِنَّ أَفْضَلَ قُرَّةِ عَيْنِ اَلْوُلاَةِ اِسْتِقَامَةُ اَلْعَدْلِ فِي اَلْبِلاَدِ وَ ظُهُورُ مَوَدَّةِ اَلرَّعِيَّةِ
و إِنَّهُ لاَ تَظْهَرُ مَوَدَّتُهُمْ إِلاَّ بِسَلاَمَةِ صُدُورِهِمْ وَ لاَ تَصِحُّ نَصِيحَتُهُمْ إِلاَّ بِحِيطَتِهِمْ عَلَى وُلاَةِ اَلْأُمُورِ وَ قِلَّةِ اِسْتِثْقَالِ دُوَلِهِمْ وَ تَرْكِ اِسْتِبْطَاءِ اِنْقِطَاعِ مُدَّتِهِمْ
فَافْسَحْ فِي آمَالِهِمْ وَ وَاصِلْ فِي حُسْنِ اَلثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ وَ تَعْدِيدِ مَا أَبْلَى ذَوُو اَلْبَلاَءِ مِنْهُمْ فَإِنَّ كَثْرَةَ اَلذِّكْرِ لِحُسْنِ أَفْعَالِهِمْ تَهُزُّ اَلشُّجَاعَ وَ تُحَرِّضُ اَلنَّاكِلَ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ
ثُمَّ اِعْرِفْ لِكُلِّ اِمْرِئٍ مِنْهُمْ مَا أَبْلَى وَ لاَ تَضُمَّنَّ بَلاَءَ اِمْرِئٍ إِلَى غَيْرِهِ وَ لاَ تُقَصِّرَنَّ بِهِ دُونَ غَايَةِ بَلاَئِهِ وَ لاَ يَدْعُوَنَّكَ شَرَفُ اِمْرِئٍ إِلَى أَنْ تُعْظِمَ مِنْ بَلاَئِهِ مَا كَانَ صَغِيراً وَ لاَ ضَعَةُ اِمْرِئٍ إِلَى أَنْ تَسْتَصْغِرَ مِنْ بَلاَئِهِ مَا كَانَ عَظِيماً
وَ اُرْدُدْ إِلَى اَللَّهِ وَ رَسُولِهِ مَا يُضْلِعُكَ مِنَ اَلْخُطُوبِ وَ يَشْتَبِهُ عَلَيْكَ مِنَ اَلْأُمُورِ
فَقَدْ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى لِقَوْمٍ أَحَبَّ إِرْشَادَهُمْ يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اَللّٰهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنٰازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اَللّٰهِ وَ اَلرَّسُولِ
فَالرَّدُّ إِلَى اَللَّهِ اَلْأَخْذُ بِمُحْكَمِ كِتَابِهِ وَ اَلرَّدُّ إِلَى اَلرَّسُولِ اَلْأَخْذُ بِسُنَّتِهِ اَلْجَامِعَةِ غَيْرِ اَلْمُفَرِّقَةِ
ثُمَّ اِخْتَرْ لِلْحُكْمِ بَيْنَ اَلنَّاسِ أَفْضَلَ رَعِيَّتِكَ فِي نَفْسِكَ مِمَّنْ لاَ تَضِيقُ بِهِ اَلْأُمُورُ وَ لاَ تُمَحِّكُهُ اَلْخُصُومُ وَ لاَ يَتَمَادَى فِي اَلزَّلَّةِ وَ لاَ يَحْصَرُ مِنَ اَلْفَيْءِ إِلَى اَلْحَقِّ إِذَا عَرَفَهُ وَ لاَ تُشْرِفُ نَفْسُهُ عَلَى طَمَعٍ وَ لاَ يَكْتَفِي بِأَدْنَى فَهْمٍ دُونَ أَقْصَاهُ
وَ أَوْقَفَهُمْ فِي اَلشُّبُهَاتِ وَ آخَذَهُمْ بِالْحُجَجِ وَ أَقَلَّهُمْ تَبَرُّماً بِمُرَاجَعَةِ اَلْخَصْمِ وَ أَصْبَرَهُمْ عَلَى تَكَشُّفِ اَلْأُمُورِ وَ أَصْرَمَهُمْ عِنْدَ اِتِّضَاحِ اَلْحُكْمِ مِمَّنْ لاَ يَزْدَهِيهِ إِطْرَاءٌ وَ لاَ يَسْتَمِيلُهُ إِغْرَاءٌ وَ أُولَئِكَ قَلِيلٌ
ثُمَّ أَكْثِرْ تَعَاهُدَ قَضَائِهِ وَ اِفْسَحْ لَهُ فِي اَلْبَذْلِ مَا يُزِيلُ عِلَّتَهُ وَ تَقِلُّ مَعَهُ حَاجَتُهُ إِلَى اَلنَّاسِ وَ أَعْطِهِ مِنَ اَلْمَنْزِلَةِ لَدَيْكَ مَا لاَ يَطْمَعُ فِيهِ غَيْرُهُ مِنْ خَاصَّتِكَ لِيَأْمَنَ بِذَلِكَ اِغْتِيَالَ اَلرِّجَالِ لَهُ عِنْدَكَ
فَانْظُرْ فِي ذَلِكَ نَظَراً بَلِيغاً فَإِنَّ هَذَا اَلدِّينَ قَدْ كَانَ أَسِيراً فِي أَيْدِي اَلْأَشْرَارِ يُعْمَلُ فِيهِ بِالْهَوَى وَ تُطْلَبُ بِهِ اَلدُّنْيَا
ثُمَّ اُنْظُرْ فِي أُمُورِ عُمَّالِكَ فَاسْتَعْمِلْهُمُ اِخْتِبَاراً وَ لاَ تُوَلِّهِمْ مُحَابَاةً وَ أَثَرَةً فَإِنَّهُمَا جِمَاعٌ مِنْ شُعَبِ اَلْجَوْرِ وَ اَلْخِيَانَةِ
وَ تَوَخَّ مِنْهُمْ أَهْلَ اَلتَّجْرِبَةِ وَ اَلْحَيَاءِ مِنْ أَهْلِ اَلْبُيُوتَاتِ اَلصَّالِحَةِ وَ اَلْقَدَمِ فِي اَلْإِسْلاَمِ اَلْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّهُمْ أَكْرَمُ أَخْلاَقاً وَ أَصَحُّ أَعْرَاضاً وَ أَقَلُّ فِي اَلْمَطَامِعِ إِشْرَاقاً وَ أَبْلَغُ فِي عَوَاقِبِ اَلْأُمُورِ نَظَراً
ثُمَّ أَسْبِغْ عَلَيْهِمُ اَلْأَرْزَاقَ فَإِنَّ ذَلِكَ قُوَّةٌ لَهُمْ عَلَى اِسْتِصْلاَحِ أَنْفُسِهِمْ وَ غِنًى لَهُمْ عَنْ تَنَاوُلِ مَا تَحْتَ أَيْدِيهِمْ وَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ إِنْ خَالَفُوا أَمْرَكَ أَوْ ثَلَمُوا أَمَانَتَكَ
ثُمَّ تَفَقَّدْ أَعْمَالَهُمْ وَ اِبْعَثِ اَلْعُيُونَ مِنْ أَهْلِ اَلصِّدْقِ وَ اَلْوَفَاءِ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ تَعَاهُدَكَ فِي اَلسِّرِّ لِأُمُورِهِمْ حَدْوَةٌ لَهُمْ عَلَى اِسْتِعْمَالِ اَلْأَمَانَةِ وَ اَلرِّفْقِ بِالرَّعِيَّةِ
وَ تَحَفَّظْ مِنَ اَلْأَعْوَانِ فَإِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَسَطَ يَدَهُ إِلَى خِيَانَةٍ اِجْتَمَعَتْ بِهَا عَلَيْهِ عِنْدَكَ أَخْبَارُ عُيُونِكَ اِكْتَفَيْتَ بِذَلِكَ شَاهِداً
فَبَسَطْتَ عَلَيْهِ اَلْعُقُوبَةَ فِي بَدَنِهِ وَ أَخَذْتَهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ عَمَلِهِ ثُمَّ نَصَبْتَهُ بِمَقَامِ اَلْمَذَلَّةِ وَ وَسَمْتَهُ بِالْخِيَانَةِ وَ قَلَّدْتَهُ عَارَ اَلتُّهَمَةِ
وَ تَفَقَّدْ أَمْرَ اَلْخَرَاجِ بِمَا يُصْلِحُ أَهْلَهُ فَإِنَّ فِي صَلاَحِهِ وَ صَلاَحِهِمْ صَلاَحاً لِمَنْ سِوَاهُمْ وَ لاَ صَلاَحَ لِمَنْ سِوَاهُمْ إِلاَّ بِهِمْ لِأَنَّ اَلنَّاسَ كُلَّهُمْ عِيَالٌ عَلَى اَلْخَرَاجِ وَ أَهْلِهِ
وَ لْيَكُنْ نَظَرُكَ فِي عِمَارَةِ اَلْأَرْضِ أَبْلَغَ مِنْ نَظَرِكَ فِي اِسْتِجْلاَبِ اَلْخَرَاجِ لِأَنَّ ذَلِكَ لاَ يُدْرَكُ إِلاَّ بِالْعِمَارَةِ وَ مَنْ طَلَبَ اَلْخَرَاجَ بِغَيْرِ عِمَارَةٍ أَخْرَبَ اَلْبِلاَدَ وَ أَهْلَكَ اَلْعِبَادَ وَ لَمْ يَسْتَقِمْ أَمْرُهُ إِلاَّ قَلِيلاً
فَإِنْ شَكَوْا ثِقَلاً أَوْ عِلَّةً أَوِ اِنْقِطَاعَ شِرْبٍ أَوْ بَالَّةٍ أَوْ إِحَالَةَ أَرْضٍ اِغْتَمَرَهَا غَرَقٌ أَوْ أَجْحَفَ بِهَا عَطَشٌ خَفَّفْتَ عَنْهُمْ بِمَا تَرْجُو أَنْ يَصْلُحَ بِهِ أَمْرُهُمْ
وَ لاَ يَثْقُلَنَّ عَلَيْكَ شَيْءٌ خَفَّفْتَ بِهِ اَلْمَئُونَةَ عَنْهُمْ فَإِنَّهُ ذُخْرٌ يَعُودُونَ بِهِ عَلَيْكَ فِي عِمَارَةِ بِلاَدِكَ وَ تَزْيِينِ وِلاَيَتِكَ
مَعَ اِسْتِجْلاَبِكَ حُسْنَ ثَنَائِهِمْ وَ تَبَجُّحِكَ بِاسْتِفَاضَةِ اَلْعَدْلِ فِيهِمْ مُعْتَمِداً فَضْلَ قُوَّتِهِمْ بِمَا ذَخَرْتَ عِنْدَهُمْ مِنْ إِجْمَامِكَ لَهُمْ وَ اَلثِّقَةَ مِنْهُمْ بِمَا عَوَّدْتَهُمْ مِنْ عَدْلِكَ عَلَيْهِمْ وَ رِفْقِكَ بِهِمْ
فَرُبَّمَا حَدَثَ مِنَ اَلْأُمُورِ مَا إِذَا عَوَّلْتَ فِيهِ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدُ اِحْتَمَلُوهُ طَيِّبَةً أَنْفُسُهُمْ بِهِ فَإِنَّ اَلْعُمْرَانَ مُحْتَمِلٌ مَا حَمَّلْتَهُ
وَ إِنَّمَا يُؤْتَى خَرَابُ اَلْأَرْضِ مِنْ إِعْوَازِ أَهْلِهَا وَ إِنَّمَا يُعْوِزُ أَهْلُهَا لِإِشْرَافِ أَنْفُسِ اَلْوُلاَةِ عَلَى اَلْجَمْعِ وَ سُوءِ ظَنِّهِمْ بِالْبَقَاءِ وَ قِلَّةِ اِنْتِفَاعِهِمْ بِالْعِبَرِ
ثُمَّ اُنْظُرْ فِي حَالِ كُتَّابِكَ فَوَلِّ عَلَى أُمُورِكَ خَيْرَهُمْ وَ اُخْصُصْ رَسَائِلَكَ اَلَّتِي تُدْخِلُ فِيهَا مَكَايِدَكَ وَ أَسْرَارَكَ بِأَجْمَعِهِمْ لِوُجُوهِ صَالِحِ اَلْأَخْلاَقِ مِمَّنْ لاَ تُبْطِرُهُ اَلْكَرَامَةُ فَيَجْتَرِئَ بِهَا عَلَيْكَ فِي خِلاَفٍ لَكَ بِحَضْرَةِ مَلَإٍ
وَ لاَ تَقْصُرُ بِهِ اَلْغَفْلَةُ عَنْ إِيرَادِ مُكَاتَبَاتِ عُمِّالِكَ عَلَيْكَ وَ إِصْدَارِ جَوَابَاتِهَا عَلَى اَلصَّوَابِ عَنْكَ فِيمَا يَأْخُذُ لَكَ وَ يُعْطِي مِنْكَ وَ لاَ يُضْعِفُ عَقْداً اِعْتَقَدَهُ لَكَ وَ لاَ يَعْجِزُ عَنْ إِطْلاَقِ مَا عُقِدَ عَلَيْكَ
وَ لاَ يَجْهَلُ مَبْلَغَ قَدْرِ نَفْسِهِ فِي اَلْأُمُورِ فَإِنَّ اَلْجَاهِلَ بِقَدْرِ نَفْسِهِ يَكُونُ بِقَدْرِ غَيْرِهِ أَجْهَلَ
ثُمَّ لاَ يَكُنِ اِخْتِيَارُكَ إِيَّاهُمْ عَلَى فِرَاسَتِكَ وَ اِسْتِنَامَتِكَ وَ حُسْنِ اَلظَّنِّ مِنْكَ فَإِنَّ اَلرِّجَالَ يَتَعَرَّضُونَ لِفِرَاسَاتِ اَلْوُلاَةِ بِتَصَنُّعِهِمْ وَ حُسْنِ خِدْمَتِهِمْ وَ لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ اَلنَّصِيحَةِ وَ اَلْأَمَانَةِ شَيْءٌ
وَ لَكِنِ اِخْتَبِرْهُمْ بِمَا وُلُّوا لِلصَّالِحِينَ قَبْلَكَ فَاعْمِدْ لِأَحْسَنِهِمْ كَانَ فِي اَلْعَامَّةِ أَثَراً وَ أَعْرَفِهِمْ بِالْأَمَانَةِ وَجْهاً فَإِنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى نَصِيحَتِكَ لِلَّهِ وَ لِمَنْ وُلِّيتَ أَمْرَهُ
وَ اِجْعَلْ لِرَأْسِ كُلِّ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِكَ رَأْساً مِنْهُمْ لاَ يَقْهَرُهُ كَبِيرُهَا وَ لاَ يَتَشَتَّتُ عَلَيْهِ كَثِيرُهَا وَ مَهْمَا كَانَ فِي كُتَّابِكَ مِنْ عَيْبٍ فَتَغَابَيْتَ عَنْهُ أُلْزِمْتَهُ ثُمَّ اِسْتَوْصِ بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِي اَلصِّنَاعَاتِ وَ أَوْصِ بِهِمْ خَيْراً اَلْمُقِيمِ مِنْهُمْ وَ اَلْمُضْطَرِبِ بِمَالِهِ وَ اَلْمُتَرَفِّقِ بِبَدَنِهِ
فَإِنَّهُمْ مَوَادُّ اَلْمَنَافِعِ وَ أَسْبَابُ اَلْمَرَافِقِ وَ جُلاَّبُهَا مِنَ اَلْمَبَاعِدِ وَ اَلْمَطَارِحِ فِي بَرِّكَ وَ بَحْرِكَ وَ سَهْلِكَ وَ جَبَلِكَ وَ حَيْثُ لاَ يَلْتَئِمُ اَلنَّاسُ لِمَوَاضِعِهَا وَ لاَ يَجْتَرِءُونَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُمْ سِلْمٌ لاَ تُخَافُ بَائِقَتُهُ وَ صُلْحٌ لاَ تُخْشَى غَائِلَتُهُ
وَ تَفَقَّدْ أُمُورَهُمْ بِحَضْرَتِكَ وَ فِي حَوَاشِي بِلاَدِكَ وَ اِعْلَمْ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ فِي كَثِيرٍ مِنْهُمْ ضِيقاً فَاحِشاً وَ شُحّاً قَبِيحاً وَ اِحْتِكَاراً لِلْمَنَافِعِ وَ تَحَكُّماً فِي اَلْبِيَاعَاتِ وَ ذَلِكَ بَابُ مَضَرَّةٍ لِلْعَامَّةِ وَ عَيْبٌ عَلَى اَلْوُلاَةِ
فَامْنَعْ مِنَ اَلاِحْتِكَارِ فَإِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم مَنَعَ مِنْهُ وَ لْيَكُنِ اَلْبَيْعُ بَيْعاً سَمْحاً بِمَوَازِينِ عَدْلٍ وَ أَسْعَارٍ لاَ تُجْحِفُ بِالْفَرِيقَيْنِ مِنَ اَلْبَائِعِ وَ اَلْمُبْتَاعِ
فَمَنْ قَارَفَ حُكْرَةً بَعْدَ نَهْيِكَ إِيَّاهُ فَنَكِّلْ بِهِ وَ عَاقِبْهُ فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ
ثُمَّ اَللَّهَ اَللَّهَ فِي اَلطَّبَقَةِ اَلسُّفْلَى مِنَ اَلَّذِينَ لاَ حِيلَةَ لَهُمْ مِنَ اَلْمَسَاكِينِ وَ اَلْمُحْتَاجِينَ وَ أَهْلِ اَلْبُؤْسَى وَ اَلزَّمْنَى فَإِنَّ فِي هَذِهِ اَلطَّبَقَةِ قَانِعاً وَ مُعْتَرّاً
وَ اِحْفَظْ لِلَّهِ مَا اِسْتَحْفَظَكَ مِنْ حَقِّهِ فِيهِمْ وَ اِجْعَلْ لَهُمْ قِسْماً مِنْ بَيْتِ مَالِكَ وَ قِسْماً مِنْ غَلاَّتِ صَوَافِي اَلْإِسْلاَمِ فِي كُلِّ بَلَدٍ فَإِنَّ لِلْأَقْصَى مِنْهُمْ مِثْلَ اَلَّذِي لِلْأَدْنَى
وَ كُلٌّ قَدِ اِسْتُرْعِيتَ حَقَّهُ وَ لاَ يَشْغَلَنَّكَ عَنْهُمْ بَطَرٌ فَإِنَّكَ لاَ تُعْذَرُ بِتَضْيِيعِكَ اَلتَّافِهَ لِإِحْكَامِكَ اَلْكَثِيرَ اَلْمُهِمَّ فَلاَ تُشْخِصْ هَمَّكَ عَنْهُمْ وَ لاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لَهُمْ
وَ تَفَقَّدْ أُمُورَ مَنْ لاَ يَصِلُ إِلَيْكَ مِنْهُمْ مِمَّنْ تَقْتَحِمُهُ اَلْعُيُونُ وَ تَحْقِرُهُ اَلرِّجَالُ فَفَرِّغْ لِأُولَئِكَ ثِقَتَكَ مِنْ أَهْلِ اَلْخَشْيَةِ وَ اَلتَّوَاضُعِ فَلْيَرْفَعْ إِلَيْكَ أُمُورَهُمْ
ثُمَّ اِعْمَلْ فِيهِمْ بِالْإِعْذَارِ إِلَى اَللَّهِ يَوْمَ تَلْقَاهُ فَإِنَّ هَؤُلاَءِ مِنْ بَيْنِ اَلرَّعِيَّةِ أَحْوَجُ إِلَى اَلْإِنْصَافِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَ كُلٌّ فَأَعْذِرْ إِلَى اَللَّهِ فِي تَأْدِيَةِ حَقِّهِ إِلَيْهِ
وَ تَعَهَّدْ أَهْلَ اَلْيُتْمِ وَ ذَوِي اَلرِّقَّةِ فِي اَلسِّنِّ مِمَّنْ لاَ حِيلَةَ لَهُ وَ لاَ يَنْصِبُ لِلْمَسْأَلَةِ نَفْسَهُ وَ ذَلِكَ عَلَى اَلْوُلاَةِ ثَقِيلٌ وَ اَلْحَقُّ كُلُّهُ ثَقِيلٌ وَ قَدْ يُخَفِّفُهُ اَللَّهُ عَلَى أَقْوَامٍ طَلَبُوا اَلْعَاقِبَةَ فَصَبَّرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ وَثِقُوا بِصِدْقِ مَوْعُودِ اَللَّهِ لَهُمْ
وَ اِجْعَلْ لِذَوِي اَلْحَاجَاتِ مِنْكَ قِسْماً تُفَرِّغُ لَهُمْ فِيهِ شَخْصَكَ وَ تَجْلِسُ لَهُمْ مَجْلِساً عَامّاً فَتَتَوَاضَعُ فِيهِ لِلَّهِ اَلَّذِي خَلَقَكَ وَ تُقْعِدُ عَنْهُمْ جُنْدَكَ وَ أَعْوَانَكَ مِنْ أَحْرَاسِكَ وَ شُرَطِكَ حَتَّى يُكَلِّمَكَ مُتَكَلِّمُهُمْ غَيْرَ مُتَتَعْتِعٍ
فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم يَقُولُ فِي غَيْرِ مَوْطِنٍ لَنْ تُقَدَّسَ أُمَّةٌ لاَ يُؤْخَذُ لِلضَّعِيفِ فِيهَا حَقُّهُ مِنَ اَلْقَوِيِّ غَيْرَ مُتَتَعْتِعٍ
ثُمَّ اِحْتَمِلِ اَلْخُرْقَ مِنْهُمْ وَ اَلْعِيَّ وَ نَحِّ عَنْهُمُ اَلضِّيقَ وَ اَلْأَنَفَ يَبْسُطِ اَللَّهُ عَلَيْكَ بِذَلِكَ أَكْنَافَ رَحْمَتِهِ وَ يُوجِبْ لَكَ ثَوَابَ طَاعَتِهِ وَ أَعْطِ مَا أَعْطَيْتَ هَنِيئاً وَ اِمْنَعْ فِي إِجْمَالٍ وَ إِعْذَارٍ
ثُمَّ أُمُورٌ مِنْ أُمُورِكَ لاَ بُدَّ لَكَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا مِنْهَا إِجَابَةُ عُمَّالِكَ بِمَا يَعْيَا عَنْهُ كُتَّابُكَ وَ مِنْهَا إِصْدَارُ حَاجَاتِ اَلنَّاسِ يَوْمَ وُرُودِهَا عَلَيْكَ بِمَا تَحْرَجُ بِهِ صُدُورُ أَعْوَانِكَ
وَ أَمْضِ لِكُلِّ يَوْمٍ عَمَلَهُ فَإِنَّ لِكُلِّ يَوْمٍ مَا فِيهِ وَ اِجْعَلْ لِنَفْسِكَ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اَللَّهِ أَفْضَلَ تِلْكَ اَلْمَوَاقِيتِ وَ أَجْزَلَ تِلْكَ اَلْأَقْسَامِ وَ إِنْ كَانَتْ كُلُّهَا لِلَّهِ إِذَا صَلَحَتْ فِيهَا اَلنِّيَّةُ وَ سَلِمَتْ مِنْهَا اَلرَّعِيَّةُ
وَ لْيَكُنْ فِي خَاصَّةِ مَا تُخْلِصُ بِهِ لِلَّهِ دِينَكَ إِقَامَةُ فَرَائِضِهِ اَلَّتِي هِيَ لَهُ خَاصَّةً فَأَعْطِ اَللَّهَ مِنْ بَدَنِكَ فِي لَيْلِكَ وَ نَهَارِكَ وَ وَفِّ مَا تَقَرَّبْتَ بِهِ إِلَى اَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ كَامِلاً غَيْرَ مَثْلُومٍ وَ لاَ مَنْقُوصٍ بَالِغاً مِنْ بَدَنِكَ مَا بَلَغَ
وَ إِذَا قُمْتَ فِي صَلاَتِكَ لِلنَّاسِ فَلاَ تَكُونَنَّ مُنَفِّراً وَ لاَ مُضَيِّعاً فَإِنَّ فِي اَلنَّاسِ مَنْ بِهِ اَلْعِلَّةُ وَ لَهُ اَلْحَاجَةُ
وَ قَدْ سَأَلْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم حِينَ وَجَّهَنِي إِلَى اَلْيَمَنِ كَيْفَ أُصَلِّي بِهِمْ فَقَالَ صَلِّ بِهِمْ كَصَلاَةِ أَضْعَفِهِمْ وَ كُنْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً
وَ أَمَّا بَعْدُ فَلاَ تُطَوِّلَنَّ اِحْتِجَابَكَ عَنْ رَعِيَّتِكَ فَإِنَّ اِحْتِجَابَ اَلْوُلاَةِ عَنِ اَلرَّعِيَّةِ شُعْبَةٌ مِنَ اَلضِّيقِ وَ قِلَّةُ عِلْمٍ بِالْأُمُورِ
وَ اَلاِحْتِجَابُ مِنْهُمْ يَقْطَعُ عَنْهُمْ عِلْمَ مَا اِحْتَجَبُوا دُونَهُ فَيَصْغُرُ عِنْدَهُمُ اَلْكَبِيرُ وَ يَعْظُمُ اَلصَّغِيرُ وَ يَقْبُحُ اَلْحَسَنُ وَ يَحْسُنُ اَلْقَبِيحُ وَ يُشَابُ اَلْحَقُّ بِالْبَاطِلِ
وَ إِنَّمَا اَلْوَالِي بَشَرٌ لاَ يَعْرِفُ مَا تَوَارَى عَنْهُ اَلنَّاسُ بِهِ مِنَ اَلْأُمُورِ وَ لَيْسَتْ عَلَى اَلْحَقِّ سِمَاتٌ تُعْرَفُ بِهَا ضُرُوبُ اَلصِّدْقِ مِنَ اَلْكَذِبِ
وَ إِنَّمَا أَنْتَ أَحَدُ رَجُلَيْنِ إِمَّا اِمْرُؤٌ سَخَتْ نَفْسُكَ بِالْبَذْلِ فِي اَلْحَقِّ فَفِيمَ اِحْتِجَابُكَ مِنْ وَاجِبِ حَقٍّ تُعْطِيهِ أَوْ فِعْلٍ كَرِيمٍ تُسْدِيهِ أَوْ مُبْتَلًى بِالْمَنْعِ فَمَا أَسْرَعَ كَفَّ اَلنَّاسِ عَنْ مَسْأَلَتِكَ إِذَا أَيِسُوا مِنْ بَذْلِكَ
مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ حَاجَاتِ اَلنَّاسِ إِلَيْكَ مِمَّا لاَ مَئُونَةَ فِيهِ عَلَيْكَ مِنْ شَكَاةِ مَظْلِمَةٍ أَوْ طَلَبِ إِنْصَافٍ فِي مُعَامَلَةٍ
ثُمَّ إِنَّ لِلْوَالِي خَاصَّةً وَ بِطَانَةً فِيهِمُ اِسْتِئْثَارٌ وَ تَطَاوُلٌ وَ قِلَّةُ إِنْصَافٍ فِي مُعَامَلَةٍ فَاحْسِمْ مَادَّةَ أُولَئِكَ بِقَطْعِ أَسْبَابِ تِلْكَ اَلْأَحْوَالِ
وَ لاَ تُقْطِعَنَّ لِأَحَدٍ مِنْ حَاشِيَتِكَ وَ حَامَّتِكَ قَطِيعَةً وَ لاَ يَطْمَعَنَّ مِنْكَ فِي اِعْتِقَادِ عُقْدَةٍ تَضُرُّ بِمَنْ يَلِيهَا مِنَ اَلنَّاسِ فِي شِرْبٍ أَوْ عَمَلٍ مُشْتَرَكٍ يَحْمِلُونَ مَئُونَتَهُ عَلَى غَيْرِهِمْ فَيَكُونَ مَهْنَأُ ذَلِكَ لَهُمْ دُونَكَ وَ عَيْبُهُ عَلَيْكَ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ
وَ أَلْزِمِ اَلْحَقَّ مَنْ لَزِمَهُ مِنَ اَلْقَرِيبِ وَ اَلْبَعِيدِ وَ كُنْ فِي ذَلِكَ صَابِراً مُحْتَسِباً وَاقِعاً ذَلِكَ مِنْ قَرَابَتِكَ وَ خَاصَّتِكَ حَيْثُ وَقَعَ وَ اِبْتَغِ عَاقِبَتَهُ بِمَا يَثْقُلُ عَلَيْكَ مِنْهُ فَإِنَّ مَغَبَّةَ ذَلِكَ مَحْمُودَةٌ
وَ إِنْ ظَنَّتِ اَلرَّعِيَّةُ بِكَ حَيْفاً فَأَصْحِرْ لَهُمْ بِعُذْرِكَ وَ اِعْدِلْ عَنْكَ ظُنُونَهُمْ بِإِصْحَارِكَ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ رِيَاضَةً مِنْكَ لِنَفْسِكَ وَ رِفْقاً بِرَعِيَّتِكَ وَ إِعْذَاراً تَبْلُغُ بِهِ حَاجَتَكَ مِنْ تَقْوِيمِهِمْ عَلَى اَلْحَقِّ
وَ لاَ تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاكَ إِلَيْهِ عَدُوُّكَ و لِلَّهِ فِيهِ رِضًا فَإِنَّ فِي اَلصُّلْحِ دَعَةً لِجُنُودِكَ وَ رَاحَةً مِنْ هُمُومِكَ وَ أَمْناً لِبِلاَدِكَ
وَ لَكِنِ اَلْحَذَرَ كُلَّ اَلْحَذَرِ مِنْ عَدُوِّكَ بَعْدَ صُلْحِهِ فَإِنَّ اَلْعَدُوَّ رُبَّمَا قَارَبَ لِيَتَغَفَّلَ فَخُذْ بِالْحَزْمِ وَ اِتَّهِمْ فِي ذَلِكَ حُسْنَ اَلظَّنِّ
وَ إِنْ عَقَدْتَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ عَدُوِّكَ عُقْدَةً أَوْ أَلْبَسْتَهُ مِنْكَ ذِمَّةً فَحُطْ عَهْدَكَ بِالْوَفَاءِ وَ اِرْعَ ذِمَّتَكَ بِالْأَمَانَةِ وَ اِجْعَلْ نَفْسَكَ جُنَّةً دُونَ مَا أَعْطَيْتَ
فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ فَرَائِضِ اَللَّهِ شَيْءٌ اَلنَّاسُ أَشَدُّ عَلَيْهِ اِجْتِمَاعاً مَعَ تَفَرُّقِ أَهْوَائِهِمْ وَ تَشَتُّتِ آرَائِهِمْ مِنْ تَعْظِيمِ اَلْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ وَ قَدْ لَزِمَ ذَلِكَ اَلْمُشْرِكُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ دُونَ اَلْمُسْلِمِينَ لِمَا اِسْتَوْبَلُوا مِنْ عَوَاقِبِ اَلْغَدْرِ
فَلاَ تَغْدِرَنَّ بِذِمَّتِكَ وَ لاَ تَخِيسَنَّ بِعَهْدِكَ وَ لاَ تَخْتِلَنَّ عَدُوَّكَ فَإِنَّهُ لاَ يَجْتَرِئُ عَلَى اَللَّهِ إِلاَّ جَاهِلٌ شَقِيٌّ
وَ قَدْ جَعَلَ اَللَّهُ عَهْدَهُ وَ ذِمَّتَهُ أَمْناً أَفْضَاهُ بَيْنَ اَلْعِبَادِ بِرَحْمَتِهِ وَ حَرِيماً يَسْكُنُونَ إِلَى مَنَعَتِهِ وَ يَسْتَفِيضُونَ إِلَى جِوَارِهِ فَلاَ إِدْغَالَ وَ لاَ مُدَالَسَةَ وَ لاَ خِدَاعَ فِيهِ
وَ لاَ تَعْقِدْ عَقْداً تُجَوِّزُ فِيهِ اَلْعِلَلَ وَ لاَ تُعَوِّلَنَّ عَلَى لَحْنِ قَوْلٍ بَعْدَ اَلتَّأْكِيدِ وَ اَلتَّوْثِقَةِ
وَ لاَ يَدْعُوَنَّكَ ضِيقُ أَمْرٍ لَزِمَكَ فِيهِ عَهْدُ اَللَّهِ إِلَى طَلَبِ اِنْفِسَاخِهِ بِغَيْرِ اَلْحَقِّ فَإِنَّ صَبْرَكَ عَلَى ضِيقِ أَمْرٍ تَرْجُو اِنْفِرَاجَهُ وَ فَضْلَ عَاقِبَتِهِ خَيْرٌ مِنْ غَدْرٍ تَخَافُ تَبِعَتَهُ وَ أَنْ تُحِيطَ بِكَ مِنَ اَللَّهِ فِيهِ طِلْبَةٌ لاَ تَسْتَقْبِلُ فِيهَا دُنْيَاكَ وَ لاَ آخِرَتَكَ
إِيَّاكَ وَ اَلدِّمَاءَ وَ سَفْكَهَا بِغَيْرِ حِلِّهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَدْعَى لِنِقْمَةٍ وَ لاَ أَعْظَمَ لِتَبِعَةٍ وَ لاَ أَحْرَى بِزَوَالِ نِعْمَةٍ وَ اِنْقِطَاعِ مُدَّةٍ مِنْ سَفْكِ اَلدِّمَاءِ بِغَيْرِ حَقِّهَا وَ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ مُبْتَدِئٌ بِالْحُكْمِ بَيْنَ اَلْعِبَادِ فِيمَا تَسَافَكُوا مِنَ اَلدِّمَاءِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ
فَلاَ تُقَوِّيَنَّ سُلْطَانَكَ بِسَفْكِ دَمٍ حَرَامٍ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُضْعِفُهُ وَ يُوهِنُهُ بَلْ يُزِيلُهُ وَ يَنْقُلُهُ وَ لاَ عُذْرَ لَكَ عِنْدَ اَللَّهِ وَ لاَ عِنْدِي فِي قَتْلِ اَلْعَمْدِ لِأَنَّ فِيهِ قَوَدَ اَلْبَدَنِ
وَ إِنِ اُبْتُلِيتَ بِخَطَإٍ وَ أَفْرَطَ عَلَيْكَ سَوْطُكَ أَوْ سَيْفُكَ أَوْ يَدُكَ بِالْعُقُوبَةِ فَإِنَّ فِي اَلْوَكْزَةِ فَمَا فَوْقَهَا مَقْتَلَةً فَلاَ تَطْمَحَنَّ بِكَ نَخْوَةُ سُلْطَانِكَ عَنْ أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى أَوْلِيَاءِ اَلْمَقْتُولِ حَقَّهُمْ
وَ إِيَّاكَ وَ اَلْإِعْجَابَ بِنَفْسِكَ وَ اَلثِّقَةَ بِمَا يُعْجِبُكَ مِنْهَا وَ حُبَّ اَلْإِطْرَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَوْثَقِ فُرَصِ اَلشَّيْطَانِ فِي نَفْسِهِ لِيَمْحَقَ مَا يَكُونُ مِنْ إِحْسَانِ اَلْمُحْسِنِينَ
وَ إِيَّاكَ وَ اَلْمَنَّ عَلَى رَعِيَّتِكَ بِإِحْسَانِكَ أَوِ اَلتَّزَيُّدَ فِيمَا كَانَ مِنْ فِعْلِكَ أَوْ أَنْ تَعِدَهُمْ فَتُتْبِعَ مَوْعِدَكَ بِخُلْفِكَ
فَإِنَّ اَلْمَنَّ يُبْطِلُ اَلْإِحْسَانَ وَ اَلتَّزَيُّدَ يَذْهَبُ بِنُورِ اَلْحَقِّ وَ اَلْخُلْفَ يُوجِبُ اَلْمَقْتَ عِنْدَ اَللَّهِ وَ اَلنَّاسِ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اَللّٰهِ أَنْ تَقُولُوا مٰا لاٰ تَفْعَلُونَ
وَ إِيَّاكَ وَ اَلْعَجَلَةَ بِالْأُمُورِ قَبْلَ أَوَانِهَا أَوِ اَلتَّسَقُّطَ فِيهَا عِنْدَ إِمْكَانِهَا أَوِ اَللَّجَاجَةَ فِيهَا إِذَا تَنَكَّرَتْ أَوِ اَلْوَهْنَ عَنْهَا إِذَا اِسْتَوْضَحَتْ فَضَعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْضِعَهُ وَ أَوْقِعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْقِعَهُ
وَ إِيَّاكَ وَ اَلاِسْتِئْثَارَ بِمَا اَلنَّاسُ فِيهِ أُسْوَةٌ وَ اَلتَّغَابِيَ عَمَّا تُعْنَى بِهِ مِمَّا قَدْ وَضَحَ لِلْعُيُونِ فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْكَ لِغَيْرِكَ وَ عَمَّا قَلِيلٍ تَنْكَشِفُ عَنْكَ أَغْطِيَةُ اَلْأُمُورِ وَ يُنْتَصَفُ مِنْكَ لِلْمَظْلُومِ
اِمْلِكْ حَمِيَّةَ أَنْفِكَ وَ سَوْرَةَ حَدِّكَ وَ سَطْوَةَ يَدِكَ وَ غَرْبَ لِسَانِكَ وَ اِحْتَرِسْ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بِكَفِّ اَلْبَادِرَةِ وَ تَأْخِيرِ اَلسَّطْوَةِ حَتَّى يَسْكُنَ غَضَبُكَ فَتَمْلِكَ اَلاِخْتِيَارَ وَ لَنْ تَحْكُمَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِكَ حَتَّى تُكْثِرَ هُمُومَكَ بِذِكْرِ اَلْمَعَادِ إِلَى رَبِّكَ
وَ اَلْوَاجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَتَذَكَّرَ مَا مَضَى لِمَنْ تَقَدَّمَكَ مِنْ حُكُومَةٍ عَادِلَةٍ أَوْ سُنَّةٍ فَاضِلَةٍ أَوْ أَثَرٍ عَنْ نَبِيِّنَا صلىاللهعليهوآلهوسلم أَوْ فَرِيضَةٍ فِي كِتَابِ اَللَّهِ
فَتَقْتَدِيَ بِمَا شَاهَدْتَ مِمَّا عَمِلْنَا بِهِ فِيهَا وَ تَجْتَهِدَ لِنَفْسِكَ فِي اِتِّبَاعِ مَا عَهِدْتُ إِلَيْكَ فِي عَهْدِي هَذَا وَ اِسْتَوْثَقْتُ بِهِ مِنَ اَلْحُجَّةِ لِنَفْسِي عَلَيْكَ لِكَيْلاَ تَكُونَ لَكَ عِلَّةٌ عِنْدَ تَسَرُّعِ نَفْسِكَ إِلَى هَوَاهَا
وَ أَنَا أَسْأَلُ اَللَّهَ بِسَعَةِ رَحْمَتِهِ وَ عَظِيمِ قُدْرَتِهِ عَلَى إِعْطَاءِ كُلِّ رَغْبَةٍ أَنْ يُوَفِّقَنِي وَ إِيَّاكَ لِمَا فِيهِ رِضَاهُ مِنَ اَلْإِقَامَةِ عَلَى اَلْعُذْرِ اَلْوَاضِحِ إِلَيْهِ وَ إِلَى خَلْقِهِ
مَعَ حُسْنِ اَلثَّنَاءِ فِي اَلْعِبَادِ وَ جَمِيلِ اَلْأَثَرِ فِي اَلْبِلاَدِ وَ تَمَامِ اَلنِّعْمَةِ وَ تَضْعِيفِ اَلْكَرَامَةِ وَ أَنْ يَخْتِمَ لِي وَ لَكَ بِالسَّعَادَةِ وَ اَلشَّهَادَةِ إِنّٰا إِلَيْهِ رٰاجِعُونَ
وَ اَلسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ اَلطَّيِّبِينَ اَلطَّاهِرِينَ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً وَ اَلسَّلاَمُ
نهج البلاغه : نامه ها
نامه به کمیل بن زیاد در نكوهش سستی او در انجام وظیفه
و من كتاب له عليهالسلام إلى كميل بن زياد النخعي و هو عامله على هيت ينكر عليه تركه دفع من يجتاز به من جيش العدو طالبا الغارة
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ تَضْيِيعَ اَلْمَرْءِ مَا وُلِّيَ وَ تَكَلُّفَهُ مَا كُفِيَ لَعَجْزٌ حَاضِرٌ وَ رَأْيٌ مُتَبَّرٌ
وَ إِنَّ تَعَاطِيَكَ اَلْغَارَةَ عَلَى أَهْلِ قِرْقِيسِيَا وَ تَعْطِيلَكَ مَسَالِحَكَ اَلَّتِي وَلَّيْنَاكَ لَيْسَ بِهَا مَنْ يَمْنَعُهَا وَ لاَ يَرُدُّ اَلْجَيْشَ عَنْهَا لَرَأْيٌ شَعَاعٌ
فَقَدْ صِرْتَ جِسْراً لِمَنْ أَرَادَ اَلْغَارَةَ مِنْ أَعْدَائِكَ عَلَى أَوْلِيَائِكَ غَيْرَ شَدِيدِ اَلْمَنْكِبِ وَ لاَ مَهِيبِ اَلْجَانِبِ وَ لاَ سَادٍّ ثُغْرَةً وَ لاَ كَاسِرٍ لِعَدُوٍّ شَوْكَةً وَ لاَ مُغْنٍ عَنْ أَهْلِ مِصْرِهِ وَ لاَ مُجْزٍ عَنْ أَمِيرِهِ
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ تَضْيِيعَ اَلْمَرْءِ مَا وُلِّيَ وَ تَكَلُّفَهُ مَا كُفِيَ لَعَجْزٌ حَاضِرٌ وَ رَأْيٌ مُتَبَّرٌ
وَ إِنَّ تَعَاطِيَكَ اَلْغَارَةَ عَلَى أَهْلِ قِرْقِيسِيَا وَ تَعْطِيلَكَ مَسَالِحَكَ اَلَّتِي وَلَّيْنَاكَ لَيْسَ بِهَا مَنْ يَمْنَعُهَا وَ لاَ يَرُدُّ اَلْجَيْشَ عَنْهَا لَرَأْيٌ شَعَاعٌ
فَقَدْ صِرْتَ جِسْراً لِمَنْ أَرَادَ اَلْغَارَةَ مِنْ أَعْدَائِكَ عَلَى أَوْلِيَائِكَ غَيْرَ شَدِيدِ اَلْمَنْكِبِ وَ لاَ مَهِيبِ اَلْجَانِبِ وَ لاَ سَادٍّ ثُغْرَةً وَ لاَ كَاسِرٍ لِعَدُوٍّ شَوْكَةً وَ لاَ مُغْنٍ عَنْ أَهْلِ مِصْرِهِ وَ لاَ مُجْزٍ عَنْ أَمِيرِهِ
نهج البلاغه : نامه ها
سفارش به عبد الله بن عباس در بیان اخلاق حاکم
و من وصية له عليهالسلام لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة
سَعِ اَلنَّاسَ بِوَجْهِكَ وَ مَجْلِسِكَ وَ حُكْمِكَ وَ إِيَّاكَ وَ اَلْغَضَبَ فَإِنَّهُ طَيْرَةٌ مِنَ اَلشَّيْطَانِ
وَ اِعْلَمْ أَنَّ مَا قَرَّبَكَ مِنَ اَللَّهِ يُبَاعِدُكَ مِنَ اَلنَّارِ وَ مَا بَاعَدَكَ مِنَ اَللَّهِ يُقَرِّبُكَ مِنَ اَلنَّارِ
سَعِ اَلنَّاسَ بِوَجْهِكَ وَ مَجْلِسِكَ وَ حُكْمِكَ وَ إِيَّاكَ وَ اَلْغَضَبَ فَإِنَّهُ طَيْرَةٌ مِنَ اَلشَّيْطَانِ
وَ اِعْلَمْ أَنَّ مَا قَرَّبَكَ مِنَ اَللَّهِ يُبَاعِدُكَ مِنَ اَلنَّارِ وَ مَا بَاعَدَكَ مِنَ اَللَّهِ يُقَرِّبُكَ مِنَ اَلنَّارِ
نهج البلاغه : حکمت ها
چشم پوشی از لغزش جوانمردان
نهج البلاغه : حکمت ها
اعتدال در بخشش و حسابگرى
نهج البلاغه : حکمت ها
راه پیروزی
نهج البلاغه : حکمت ها
ضرورت خودسازى رهبران و مديران
نهج البلاغه : حکمت ها
روش بر طرف كردن نيازهاى مردم
نهج البلاغه : حکمت ها
راه آسايش
نهج البلاغه : حکمت ها
ارزش مشورت
نهج البلاغه : حکمت ها
انفاق مال در حال حیات