عبارات مورد جستجو در ۴۴۱۰ گوهر پیدا شد:
نهج البلاغه : خطبه ها
علل پيدايش فتنه ها
و من كلام له عليه‌السلام
و فيه بيان لما يخرب العالم به من الفتن و بيان هذه الفتن إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ اَلْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ
وَ أَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ
يُخَالَفُ فِيهَا كِتَابُ اَللَّهِ
وَ يَتَوَلَّى عَلَيْهَا رِجَالٌ رِجَالاً عَلَى غَيْرِ دِينِ اَللَّهِ
فَلَوْ أَنَّ اَلْبَاطِلَ خَلَصَ مِنْ مِزَاجِ اَلْحَقِّ
لَمْ يَخْفَ عَلَى اَلْمُرْتَادِينَ
وَ لَوْ أَنَّ اَلْحَقَّ خَلَصَ مِنْ لَبْسِ اَلْبَاطِلِ
اِنْقَطَعَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ اَلْمُعَانِدِينَ
وَ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ
وَ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ فَيُمْزَجَانِ
فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلِي اَلشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ
وَ يَنْجُو اَلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اَللَّهِ اَلْحُسْنىٰ
نهج البلاغه : خطبه ها
وصف قربانى
و من خطبة له عليه‌السلام في ذكرى يوم النحر و صفة الأضحية
وَ مِنْ تَمَامِ اَلْأُضْحِيَّةِ اِسْتِشْرَافُ أُذُنِهَا
وَ سَلاَمَةُ عَيْنِهَا
فَإِذَا سَلِمَتِ اَلْأُذُنُ وَ اَلْعَيْنُ
سَلِمَتِ اَلْأُضْحِيَّةُ وَ تَمَّتْ
وَ لَوْ كَانَتْ عَضْبَاءَ اَلْقَرْنِ
تَجُرُّ رِجْلَهَا إِلَى اَلْمَنْسَكِ
قال السيد الشريف و المنسك هاهنا المذبح
نهج البلاغه : خطبه ها
بیان علت تأخیر در شروع جنگ صفین
و من كلام له عليه‌السلام و قد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين
أَمَّا قَوْلُكُمْ أَ كُلَّ ذَلِكَ كَرَاهِيَةَ اَلْمَوْتِ
فَوَاللَّهِ مَا أُبَالِي دَخَلْتُ إِلَى اَلْمَوْتِ أَوْ خَرَجَ اَلْمَوْتُ إِلَيَّ
وَ أَمَّا قَوْلُكُمْ شَكّاً فِي أَهْلِ اَلشَّامِ
فَوَاللَّهِ مَا دَفَعْتُ اَلْحَرْبَ يَوْماً
إِلاَّ وَ أَنَا أَطْمَعُ أَنْ تَلْحَقَ بِي طَائِفَةٌ فَتَهْتَدِيَ بِي
وَ تَعْشُوَ إِلَى ضَوْئِي
وَ ذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْتُلَهَا عَلَى ضَلاَلِهَا
وَ إِنْ كَانَتْ تَبُوءُ بِآثَامِهَا
نهج البلاغه : خطبه ها
مقایسه یاران خود با یاران پيامبر ص
و من كلام له عليه‌السلام يصف أصحاب رسول الله و ذلك يوم صفين حين أمر الناس بالصلح
وَ لَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله
نَقْتُلُ آبَاءَنَا وَ أَبْنَاءَنَا وَ إِخْوَانَنَا وَ أَعْمَامَنَا
مَا يَزِيدُنَا ذَلِكَ إِلاَّ إِيمَاناً وَ تَسْلِيماً
وَ مُضِيّاً عَلَى اَللَّقَمِ
وَ صَبْراً عَلَى مَضَضِ اَلْأَلَمِ
وَ جِدّاً فِي جِهَادِ اَلْعَدُوِّ
وَ لَقَدْ كَانَ اَلرَّجُلُ مِنَّا وَ اَلْآخَرُ مِنْ عَدُوِّنَا
يَتَصَاوَلاَنِ تَصَاوُلَ اَلْفَحْلَيْنِ
يَتَخَالَسَانِ أَنْفُسَهُمَا
أَيُّهُمَا يَسْقِي صَاحِبَهُ كَأْسَ اَلْمَنُونِ
فَمَرَّةً لَنَا مِنْ عَدُوِّنَا
وَ مَرَّةً لِعَدُوِّنَا مِنَّا
فَلَمَّا رَأَى اَللَّهُ صِدْقَنَا أَنْزَلَ بِعَدُوِّنَا اَلْكَبْتَ
وَ أَنْزَلَ عَلَيْنَا اَلنَّصْرَ
حَتَّى اِسْتَقَرَّ اَلْإِسْلاَمُ مُلْقِياً جِرَانَهُ
وَ مُتَبَوِّئاً أَوْطَانَهُ
وَ لَعَمْرِي لَوْ كُنَّا نَأْتِي مَا أَتَيْتُمْ
مَا قَامَ لِلدِّينِ عَمُودٌ
وَ لاَ اِخْضَرَّ لِلْإِيمَانِ عُودٌ
وَ اَيْمُ اَللَّهِ لَتَحْتَلِبُنَّهَا دَماً
وَ لَتُتْبِعُنَّهَا نَدَماً
نهج البلاغه : خطبه ها
خبر از سلطه معاویه
و من كلام له عليه‌السلام في صفة رجل مذموم ثم في فضله هو عليه‌السلام
أَمَّا إِنَّهُ سَيَظْهَرُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي رَجُلٌ رَحْبُ اَلْبُلْعُومِ
مُنْدَحِقُ اَلْبَطْنِ
يَأْكُلُ مَا يَجِدُ
وَ يَطْلُبُ مَا لاَ يَجِدُ
فَاقْتُلُوهُ
وَ لَنْ تَقْتُلُوهُ
أَلاَ وَ إِنَّهُ سَيَأْمُرُكُمْ بِسَبِّي وَ اَلْبَرَاءَةِ مِنِّي
فَأَمَّا اَلسَّبُّ فَسُبُّونِي
فَإِنَّهُ لِي زَكَاةٌ
وَ لَكُمْ نَجَاةٌ
وَ أَمَّا اَلْبَرَاءَةُ فَلاَ تَتَبَرَّءُوا مِنِّي
فَإِنِّي وُلِدْتُ عَلَى اَلْفِطْرَةِ
وَ سَبَقْتُ إِلَى اَلْإِيمَانِ وَ اَلْهِجْرَةِ
نهج البلاغه : خطبه ها
خبر از تداوم تفكر انحرافى خوارج
و قال عليه‌السلام لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم
كَلاَّ وَ اَللَّهِ
إِنَّهُمْ نُطَفٌ فِي أَصْلاَبِ اَلرِّجَالِ
وَ قَرَارَاتِ اَلنِّسَاءِ
كُلَّمَا نَجَمَ مِنْهُمْ قَرْنٌ قُطِعَ
حَتَّى يَكُونَ آخِرُهُمْ لُصُوصاً سَلاَّبِينَ
نهج البلاغه : خطبه ها
در پاسخ تهدید به ترور
و من كلام له عليه‌السلام لما خوف من الغيلة
وَ إِنَّ عَلَيَّ مِنَ اَللَّهِ جُنَّةً حَصِينَةً
فَإِذَا جَاءَ يَوْمِي اِنْفَرَجَتْ عَنِّي وَ أَسْلَمَتْنِي
فَحِينَئِذٍ لاَ يَطِيشُ اَلسَّهْمُ
وَ لاَ يَبْرَأُ اَلْكَلْمُ
نهج البلاغه : خطبه ها
روش برخورد با دنيا
و من خطبة له عليه‌السلام يحذر من فتنة الدنيا
أَلاَ إِنَّ اَلدُّنْيَا دَارٌ لاَ يُسْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ فِيهَا
وَ لاَ يُنْجَى بِشَيْءٍ كَانَ لَهَا
اُبْتُلِيَ اَلنَّاسُ بِهَا فِتْنَةً
فَمَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لَهَا أُخْرِجُوا مِنْهُ وَ حُوسِبُوا عَلَيْهِ
وَ مَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لِغَيْرِهَا قَدِمُوا عَلَيْهِ وَ أَقَامُوا فِيهِ
فَإِنَّهَا عِنْدَ ذَوِي اَلْعُقُولِ كَفَيْءِ اَلظِّلِّ
بَيْنَا تَرَاهُ سَابِغاً حَتَّى قَلَصَ
وَ زَائِداً حَتَّى نَقَصَ
نهج البلاغه : خطبه ها
نكوهش یاران در خالی گذاشتن میدان مبارزه
و من كلام له عليه‌السلام في توبيخ بعض أصحابه
كَمْ أُدَارِيكُمْ كَمَا تُدَارَى اَلْبِكَارُ اَلْعَمِدَةُ
وَ اَلثِّيَابُ اَلْمُتَدَاعِيَةُ
كُلَّمَا حِيصَتْ مِنْ جَانِبٍ تَهَتَّكَتْ مِنْ آخَرَ
كُلَّمَا أَطَلَّ عَلَيْكُمْ مَنْسِرٌ مِنْ مَنَاسِرِ أَهْلِ اَلشَّامِ أَغْلَقَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بَابَهُ
وَ اِنْجَحَرَ اِنْجِحَارَ اَلضَّبَّةِ فِي جُحْرِهَا
وَ اَلضَّبُعِ فِي وِجَارِهَا
اَلذَّلِيلُ وَ اَللَّهِ مَنْ نَصَرْتُمُوهُ
وَ مَنْ رُمِيَ بِكُمْ فَقَدْ رُمِيَ بِأَفْوَقَ نَاصِلٍ
إِنَّكُمْ وَ اَللَّهِ لَكَثِيرٌ فِي اَلْبَاحَاتِ
قَلِيلٌ تَحْتَ اَلرَّايَاتِ
وَ إِنِّي لَعَالِمٌ بِمَا يُصْلِحُكُمْ
وَ يُقِيمُ أَوَدَكُمْ
وَ لَكِنِّي لاَ أَرَى إِصْلاَحَكُمْ بِإِفْسَادِ نَفْسِي
أَضْرَعَ اَللَّهُ خُدُودَكُمْ
وَ أَتْعَسَ جُدُودَكُمْ
لاَ تَعْرِفُونَ اَلْحَقَّ كَمَعْرِفَتِكُمُ اَلْبَاطِلَ
وَ لاَ تُبْطِلُونَ اَلْبَاطِلَ كَإِبْطَالِكُمُ اَلْحَقَّ
نهج البلاغه : خطبه ها
بیان برتری خودش در شورای خلافت
و من خطبة له عليه‌السلام لما عزموا على بيعة عثمان
لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي أَحَقُّ اَلنَّاسِ بِهَا مِنْ غَيْرِي
وَ وَ اَللَّهِ لَأُسْلِمَنَّ مَا سَلِمَتْ أُمُورُ اَلْمُسْلِمِينَ
وَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جَوْرٌ إِلاَّ عَلَيَّ خَاصَّةً
اِلْتِمَاساً لِأَجْرِ ذَلِكَ وَ فَضْلِهِ
وَ زُهْداً فِيمَا تَنَافَسْتُمُوهُ مِنْ زُخْرُفِهِ وَ زِبْرِجِهِ
نهج البلاغه : خطبه ها
دفاعيات امام در برابر تهمت قتل عثمان
و من كلام له عليه‌السلام لما بلغه اتهام بني أمية له بالمشاركة في دم عثمان
أَ وَ لَمْ يَنْهَ بَنِي أُمَيَّةَ عِلْمُهَا بِي عَنْ قَرْفِي
أَ وَ مَا وَزَعَ اَلْجُهَّالَ سَابِقَتِي عَنْ تُهَمَتِي
وَ لَمَا وَعَظَهُمُ اَللَّهُ بِهِ أَبْلَغُ مِنْ لِسَانِي
أَنَا حَجِيجُ اَلْمَارِقِينَ
وَ خَصِيمُ اَلنَّاكِثِينَ اَلْمُرْتَابِينَ
وَ عَلَى كِتَابِ اَللَّهِ تُعْرَضُ اَلْأَمْثَالُ
وَ بِمَا فِي اَلصُّدُورِ تُجَازَى اَلْعِبَادُ
نهج البلاغه : خطبه ها
تشویق به عمل نیکو
و من خطبة له عليه‌السلام في الحث على العمل الصالح
رَحِمَ اَللَّهُ اِمْرَأً سَمِعَ حُكْماً فَوَعَى
وَ دُعِيَ إِلَى رَشَادٍ فَدَنَا
وَ أَخَذَ بِحُجْزَةِ هَادٍ فَنَجَا
رَاقَبَ رَبَّهُ
وَ خَافَ ذَنْبَهُ
قَدَّمَ خَالِصاً
وَ عَمِلَ صَالِحاً
اِكْتَسَبَ مَذْخُوراً
وَ اِجْتَنَبَ مَحْذُوراً
وَ رَمَى غَرَضاً
وَ أَحْرَزَ عِوَضاً
كَابَرَ هَوَاهُ
وَ كَذَّبَ مُنَاهُ
جَعَلَ اَلصَّبْرَ مَطِيَّةَ نَجَاتِهِ
وَ اَلتَّقْوَى عُدَّةَ وَفَاتِهِ
رَكِبَ اَلطَّرِيقَةَ اَلْغَرَّاءَ
وَ لَزِمَ اَلْمَحَجَّةَ اَلْبَيْضَاءَ
اِغْتَنَمَ اَلْمَهَلَ
وَ بَادَرَ اَلْأَجَلَ
وَ تَزَوَّدَ مِنَ اَلْعَمَلِ
نهج البلاغه : خطبه ها
رد تکیه بر غیر خدا در پاسخ به اخترشناس
و من كلام له عليه‌السلام قاله لبعض أصحابه لما عزم على المسير إلى الخوارج
و قد قال له إن سرت يا أمير المؤمنين في هذا الوقت
خشيت ألا تظفر بمرادك من طريق علم النجوم
فقال عليه‌السلام أَ تَزْعُمُ أَنَّكَ تَهْدِي إِلَى اَلسَّاعَةِ اَلَّتِي مَنْ سَارَ فِيهَا صُرِفَ عَنْهُ اَلسُّوءُ
وَ تُخَوِّفُ مِنَ اَلسَّاعَةِ اَلَّتِي مَنْ سَارَ فِيهَا حَاقَ بِهِ اَلضُّرُّ
فَمَنْ صَدَّقَكَ بِهَذَا فَقَدْ كَذَّبَ اَلْقُرْآنَ
وَ اِسْتَغْنَى عَنِ اَلاِسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ فِي نَيْلِ اَلْمَحْبُوبِ وَ دَفْعِ اَلْمَكْرُوهِ
وَ تَبْتَغِي فِي قَوْلِكَ لِلْعَامِلِ بِأَمْرِكَ أَنْ يُولِيَكَ اَلْحَمْدَ دُونَ رَبِّهِ
لِأَنَّكَ بِزَعْمِكَ أَنْتَ هَدَيْتَهُ إِلَى اَلسَّاعَةِ اَلَّتِي نَالَ فِيهَا اَلنَّفْعَ
وَ أَمِنَ اَلضُّرَّ
ثم أقبل عليه‌السلام على الناس فقال
أَيُّهَا اَلنَّاسُ إِيَّاكُمْ وَ تَعَلُّمَ اَلنُّجُومِ
إِلاَّ مَا يُهْتَدَى بِهِ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ
فَإِنَّهَا تَدْعُو إِلَى اَلْكَهَانَةِ
وَ اَلْمُنَجِّمُ كَالْكَاهِنِ
وَ اَلْكَاهِنُ كَالسَّاحِرِ
وَ اَلسَّاحِرُ كَالْكَافِرِ
وَ اَلْكَافِرُ فِي اَلنَّارِ
سِيرُوا عَلَى اِسْمِ اَللَّهِ
نهج البلاغه : خطبه ها
نکوهش زنان پس از جریان جنگ جمل
و من خطبة له عليه‌السلام بعد فراغه من حرب الجمل في ذم النساء ببيان نقصهن
مَعَاشِرَ اَلنَّاسِ إِنَّ اَلنِّسَاءَ نَوَاقِصُ اَلْإِيمَانِ
نَوَاقِصُ اَلْحُظُوظِ
نَوَاقِصُ اَلْعُقُولِ
فَأَمَّا نُقْصَانُ إِيمَانِهِنَّ فَقُعُودُهُنَّ عَنِ اَلصَّلاَةِ وَ اَلصِّيَامِ فِي أَيَّامِ حَيْضِهِنَّ
وَ أَمَّا نُقْصَانُ عُقُولِهِنِّ فَشَهَادَةُ إِمْرَأَتَيْنِ كَشَهَادَةِ اَلرَّجُلِ اَلْوَاحِدِ
وَ أَمَّا نُقْصَانُ حُظُوظِهِنَّ فَمَوَارِيثُهُنَّ عَلَى اَلْأَنْصَافِ مِنْ مَوَارِيثِ اَلرِّجَالِ
فَاتَّقُوا شِرَارَ اَلنِّسَاءِ وَ كُونُوا مِنْ خِيَارِهِنَّ عَلَى حَذَرٍ
وَ لاَ تُطِيعُوهُنَّ فِي اَلْمَعْرُوفِ
حَتَّى لاَ يَطْمَعْنَ فِي اَلْمُنْكَرِ
نهج البلاغه : خطبه ها
خطبه غرا
و من خطبة له عليه‌السلام و هي الخطبة العجيبة و تسمى الغراء
و فيها نعوت اللّه جل شأنه
ثم الوصية بتقواه
ثم التنفير من الدنيا
ثم ما يلحق من دخول القيامة
ثم تنبيه الخلق إلى ما هم فيه من الأعراض
ثم فضله عليه‌السلام في التذكير
صفته جل شأنه اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي عَلاَ بِحَوْلِهِ
وَ دَنَا بِطَوْلِهِ
مَانِحِ كُلِّ غَنِيمَةٍ وَ فَضْلٍ
وَ كَاشِفِ كُلِّ عَظِيمَةٍ وَ أَزْلٍ
أَحْمَدُهُ عَلَى عَوَاطِفِ كَرَمِهِ
وَ سَوَابِغِ نِعَمِهِ
وَ أُومِنُ بِهِ أَوَّلاً بَادِياً
وَ أَسْتَهْدِيهِ قَرِيباً هَادِياً
وَ أَسْتَعِينُهُ قَاهِراً قَادِراً
وَ أَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ كَافِياً نَاصِراً
وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ
أَرْسَلَهُ لِإِنْفَاذِ أَمْرِهِ
وَ إِنْهَاءِ عُذْرِهِ
وَ تَقْدِيمِ نُذُرِهِ
الوصية بالتقوى أُوصِيكُمْ عِبَادَ اَللَّهِ بِتَقْوَى اَللَّهِ اَلَّذِي ضَرَبَ اَلْأَمْثَالَ
وَ وَقَّتَ لَكُمُ اَلْآجَالَ
وَ أَلْبَسَكُمُ اَلرِّيَاشَ
وَ أَرْفَغَ لَكُمُ اَلْمَعَاشَ
وَ أَحَاطَ بِكُمُ اَلْإِحْصَاءَ
وَ أَرْصَدَ لَكُمُ اَلْجَزَاءَ
وَ آثَرَكُمْ بِالنِّعَمِ اَلسَّوَابِغِ
وَ اَلرِّفَدِ اَلرَّوَافِغِ
وَ أَنْذَرَكُمْ بِالْحُجَجِ اَلْبَوَالِغِ
فَأَحْصَاكُمْ عَدَداً
وَ وَظَّفَ لَكُمْ مُدَداً
فِي قَرَارِ خِبْرَةٍ
وَ دَارِ عِبْرَةٍ
أَنْتُمْ مُخْتَبَرُونَ فِيهَا
وَ مُحَاسَبُونَ عَلَيْهَا
التنفير من الدنيا فَإِنَّ اَلدُّنْيَا رَنِقٌ مَشْرَبُهَا
رَدِغٌ مَشْرَعُهَا
يُونِقُ مَنْظَرُهَا
وَ يُوبِقُ مَخْبَرُهَا
غُرُورٌ حَائِلٌ
وَ ضَوْءٌ آفِلٌ
وَ ظِلٌّ زَائِلٌ
وَ سِنَادٌ مَائِلٌ
حَتَّى إِذَا أَنِسَ نَافِرُهَا
وَ اِطْمَأَنَّ نَاكِرُهَا
قَمَصَتْ بِأَرْجُلِهَا
وَ قَنَصَتْ بِأَحْبُلِهَا
وَ أَقْصَدَتْ بِأَسْهُمِهَا
وَ أَعْلَقَتِ اَلْمَرْءَ أَوْهَاقَ اَلْمَنِيَّةِ
قَائِدَةً لَهُ إِلَى ضَنْكِ اَلْمَضْجَعِ
وَ وَحْشَةِ اَلْمَرْجِعِ
وَ مُعَايَنَةِ اَلْمَحَلِّ
وَ ثَوَابِ اَلْعَمَلِ
وَ كَذَلِكَ اَلْخَلَفُ بِعَقْبِ اَلسَّلَفِ
لاَ تُقْلِعُ اَلْمَنِيَّةُ اِخْتِرَاماً
وَ لاَ يَرْعَوِي اَلْبَاقُونَ اِجْتِرَاماً
يَحْتَذُونَ مِثَالاً
وَ يَمْضُونَ أَرْسَالاً
إِلَى غَايَةِ اَلاِنْتِهَاءِ وَ صَيُّورِ اَلْفَنَاءِ
بعد الموت البعث حَتَّى إِذَا تَصَرَّمَتِ اَلْأُمُورُ
وَ تَقَضَّتِ اَلدُّهُورُ
وَ أَزِفَ اَلنُّشُورُ
أَخْرَجَهُمْ مِنْ ضَرَائِحِ اَلْقُبُورِ
وَ أَوْكَارِ اَلطُّيُورِ
وَ أَوْجِرَةِ اَلسِّبَاعِ
وَ مَطَارِحِ اَلْمَهَالِكِ
سِرَاعاً إِلَى أَمْرِهِ
مُهْطِعِينَ إِلَى مَعَادِهِ
رَعِيلاً صُمُوتاً
قِيَاماً صُفُوفاً
يَنْفُذُهُمُ اَلْبَصَرُ
وَ يُسْمِعُهُمُ اَلدَّاعِي
عَلَيْهِمْ لَبُوسُ اَلاِسْتِكَانَةِ وَ ضَرَعُ اَلاِسْتِسْلاَمِ وَ اَلذِّلَّةِ
قَدْ ضَلَّتِ اَلْحِيَلُ وَ اِنْقَطَعَ اَلْأَمَلُ وَ هَوَتِ اَلْأَفْئِدَةُ كَاظِمَةً
وَ خَشَعَتِ اَلْأَصْوَاتُ مُهَيْنِمَةً
وَ أَلْجَمَ اَلْعَرَقُ
وَ عَظُمَ اَلشَّفَقُ
وَ أُرْعِدَتِ اَلْأَسْمَاعُ لِزَبْرَةِ اَلدَّاعِي
إِلَى فَصْلِ اَلْخِطَابِ
وَ مُقَايَضَةِ اَلْجَزَاءِ
وَ نَكَالِ اَلْعِقَابِ
وَ نَوَالِ اَلثَّوَابِ
تنبيه الخلق عِبَادٌ مَخْلُوقُونَ اِقْتِدَاراً
وَ مَرْبُوبُونَ اِقْتِسَاراً
وَ مَقْبُوضُونَ اِحْتِضَاراً
وَ مُضَمَّنُونَ أَجْدَاثاً
وَ كَائِنُونَ رُفَاتاً
وَ مَبْعُوثُونَ أَفْرَاداً
وَ مَدِينُونَ جَزَاءً
وَ مُمَيَّزُونَ حِسَاباً
قَدْ أُمْهِلُوا فِي طَلَبِ اَلْمَخْرَجِ وَ هُدُوا سَبِيلَ اَلْمَنْهَجِ
وَ عُمِّرُوا مَهَلَ اَلْمُسْتَعْتِبِ
وَ كُشِفَتْ عَنْهُمْ سُدَفُ اَلرِّيَبِ
وَ خُلُّوا لِمِضْمَارِ اَلْجِيَادِ
وَ رَوِيَّةِ اَلاِرْتِيَادِ
وَ أَنَاةِ اَلْمُقْتَبِسِ اَلْمُرْتَادِ فِي مُدَّةِ اَلْأَجَلِ وَ مُضْطَرَبِ اَلْمَهَلِ
فضل التذكير فَيَا لَهَا أَمْثَالاً صَائِبَةً
وَ مَوَاعِظَ شَافِيَةً
لَوْ صَادَفَتْ قُلُوباً زَاكِيَةً
وَ أَسْمَاعاً وَاعِيَةً
وَ آرَاءً عَازِمَةً
وَ أَلْبَاباً حَازِمَةً
فَاتَّقُوا اَللَّهَ تَقِيَّةَ مَنْ سَمِعَ فَخَشَعَ
وَ اِقْتَرَفَ فَاعْتَرَفَ
وَ وَجِلَ فَعَمِلَ
وَ حَاذَرَ فَبَادَرَ
وَ أَيْقَنَ فَأَحْسَنَ
وَ عُبِّرَ فَاعْتَبَرَ
وَ حُذِّرَ فَحَذِرَ
وَ زُجِرَ فَازْدَجَرَ
وَ أَجَابَ فَأَنَابَ
وَ رَاجَعَ فَتَابَ
وَ اِقْتَدَى فَاحْتَذَى
وَ أُرِيَ فَرَأَى
فَأَسْرَعَ طَالِباً
وَ نَجَا هَارِباً فَأَفَادَ ذَخِيرَةً
وَ أَطَابَ سَرِيرَةً
وَ عَمَّرَ مَعَاداً
وَ اِسْتَظْهَرَ زَاداً لِيَوْمِ رَحِيلِهِ وَ وَجْهِ سَبِيلِهِ
وَ حَالِ حَاجَتِهِ وَ مَوْطِنِ فَاقَتِهِ
وَ قَدَّمَ أَمَامَهُ لِدَارِ مُقَامِهِ
فَاتَّقُوا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ جِهَةَ مَا خَلَقَكُمْ لَهُ
وَ اِحْذَرُوا مِنْهُ كُنْهَ مَا حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسِهِ
وَ اِسْتَحِقُّوا مِنْهُ مَا أَعَدَّ لَكُمْ بِالتَّنَجُّزِ لِصِدْقِ مِيعَادِهِ
وَ اَلْحَذَرِ مِنْ هَوْلِ مَعَادِهِ
التذكير بضروب النعم و منها جَعَلَ لَكُمْ أَسْمَاعاً لِتَعِيَ مَا عَنَاهَا
وَ أَبْصَاراً لِتَجْلُوَ عَنْ عَشَاهَا
وَ أَشْلاَءً جَامِعَةً لِأَعْضَائِهَا
مُلاَئِمَةً لِأَحْنَائِهَا فِي تَرْكِيبِ صُوَرِهَا وَ مُدَدِ عُمُرِهَا
بِأَبْدَانٍ قَائِمَةٍ بِأَرْفَاقِهَا
وَ قُلُوبٍ رَائِدَةٍ لِأَرْزَاقِهَا
فِي مُجَلِّلاَتِ نِعَمِهِ
وَ مُوجِبَاتِ مِنَنِهِ
وَ حَوَاجِزِ عَافِيَتِهِ
وَ قَدَّرَ لَكُمْ أَعْمَاراً سَتَرَهَا عَنْكُمْ
وَ خَلَّفَ لَكُمْ عِبَراً مِنْ آثَارِ اَلْمَاضِينَ قَبْلَكُمْ
مِنْ مُسْتَمْتَعِ خَلاَقِهِمْ
وَ مُسْتَفْسَحِ خَنَاقِهِمْ
أَرْهَقَتْهُمُ اَلْمَنَايَا دُونَ اَلْآمَالِ
وَ شَذَّ بِهِمْ عَنْهَا تَخَرُّمُ اَلْآجَالِ
لَمْ يَمْهَدُوا فِي سَلاَمَةِ اَلْأَبْدَانِ
وَ لَمْ يَعْتَبِرُوا فِي أُنُفِ اَلْأَوَانِ
فَهَلْ يَنْتَظِرُ أَهْلُ بَضَاضَةِ اَلشَّبَابِ إِلاَّ حَوَانِيَ اَلْهَرَمِ
وَ أَهْلُ غَضَارَةِ اَلصِّحَّةِ إِلاَّ نَوَازِلَ اَلسَّقَمِ
وَ أَهْلُ مُدَّةِ اَلْبَقَاءِ إِلاَّ آوِنَةَ اَلْفَنَاءِ
مَعَ قُرْبِ اَلزِّيَالِ
وَ أُزُوفِ اَلاِنْتِقَالِ
وَ عَلَزِ اَلْقَلَقِ
وَ أَلَمِ اَلْمَضَضِ
وَ غُصَصِ اَلْجَرَضِ
وَ تَلَفُّتِ اَلاِسْتِغَاثَةِ بِنُصْرَةِ اَلْحَفَدَةِ وَ اَلْأَقْرِبَاءِ وَ اَلْأَعِزَّةِ وَ اَلْقُرَنَاءِ
فَهَلْ دَفَعَتِ اَلْأَقَارِبُ
أَوْ نَفَعَتِ اَلنَّوَاحِبُ
وَ قَدْ غُودِرَ فِي مَحَلَّةِ اَلْأَمْوَاتِ رَهِيناً
وَ فِي ضِيقِ اَلْمَضْجَعِ وَحِيداً
قَدْ هَتَكَتِ اَلْهَوَامُّ جِلْدَتَهُ
وَ أَبْلَتِ اَلنَّوَاهِكُ جِدَّتَهُ
وَ عَفَتِ اَلْعَوَاصِفُ آثَارَهُ
وَ مَحَا اَلْحَدَثَانُ مَعَالِمَهُ
وَ صَارَتِ اَلْأَجْسَادُ شَحِبَةً بَعْدَ بَضَّتِهَا
وَ اَلْعِظَامُ نَخِرَةً بَعْدَ قُوَّتِهَا
وَ اَلْأَرْوَاحُ مُرْتَهَنَةً بِثِقَلِ أَعْبَائِهَا
مُوقِنَةً بِغَيْبِ أَنْبَائِهَا
لاَ تُسْتَزَادُ مِنْ صَالِحِ عَمَلِهَا
وَ لاَ تُسْتَعْتَبُ مِنْ سَيِّئِ زَلَلِهَا
أَ وَ لَسْتُمْ أَبْنَاءَ اَلْقَوْمِ وَ اَلْآبَاءَ وَ إِخْوَانَهُمْ وَ اَلْأَقْرِبَاءَ
تَحْتَذُونَ أَمْثِلَتَهُمْ
وَ تَرْكَبُونَ قِدَّتَهُمْ
وَ تَطَئُونَ جَادَّتَهُمْ
فَالْقُلُوبُ قَاسِيَةٌ عَنْ حَظِّهَا
لاَهِيَةٌ عَنْ رُشْدِهَا
سَالِكَةٌ فِي غَيْرِ مِضْمَارِهَا
كَأَنَّ اَلْمَعْنِيَّ سِوَاهَا
وَ كَأَنَّ اَلرُّشْدَ فِي إِحْرَازِ دُنْيَاهَا
التحذير من هول الصراط وَ اِعْلَمُوا أَنَّ مَجَازَكُمْ عَلَى اَلصِّرَاطِ وَ مَزَالِقِ دَحْضِهِ
وَ أَهَاوِيلِ زَلَلِهِ
وَ تَارَاتِ أَهْوَالِهِ
فَاتَّقُوا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ تَقِيَّةَ ذِي لُبٍّ شَغَلَ اَلتَّفَكُّرُ قَلْبَهُ
وَ أَنْصَبَ اَلْخَوْفُ بَدَنَهُ
وَ أَسْهَرَ اَلتَّهَجُّدُ غِرَارَ نَوْمِهِ
وَ أَظْمَأَ اَلرَّجَاءُ هَوَاجِرَ يَوْمِهِ
وَ ظَلَفَ اَلزُّهْدُ شَهَوَاتِهِ
وَ أَوْجَفَ اَلذِّكْرُ بِلِسَانِهِ
وَ قَدَّمَ اَلْخَوْفَ لِأَمَانِهِ
وَ تَنَكَّبَ اَلْمَخَالِجَ عَنْ وَضَحِ اَلسَّبِيلِ
وَ سَلَكَ أَقْصَدَ اَلْمَسَالِكِ إِلَى اَلنَّهْجِ اَلْمَطْلُوبِ
وَ لَمْ تَفْتِلْهُ فَاتِلاَتُ اَلْغُرُورِ
وَ لَمْ تَعْمَ عَلَيْهِ مُشْتَبِهَاتُ اَلْأُمُورِ
ظَافِراً بِفَرْحَةِ اَلْبُشْرَى
وَ رَاحَةِ اَلنُّعْمَى
فِي أَنْعَمِ نَوْمِهِ
وَ آمَنِ يَوْمِهِ
وَ قَدْ عَبَرَ مَعْبَرَ اَلْعَاجِلَةِ حَمِيداً
وَ قَدَّمَ زَادَ اَلْآجِلَةِ سَعِيداً
وَ بَادَرَ مِنْ وَجَلٍ
وَ أَكْمَشَ فِي مَهَلٍ
وَ رَغِبَ فِي طَلَبٍ
وَ ذَهَبَ عَنْ هَرَبٍ
وَ رَاقَبَ فِي يَوْمِهِ غَدَهُ
وَ نَظَرَ قُدُماً أَمَامَهُ
فَكَفَى بِالْجَنَّةِ ثَوَاباً وَ نَوَالاً
وَ كَفَى بِالنَّارِ عِقَاباً وَ وَبَالاً
وَ كَفَى بِاللَّهِ مُنْتَقِماً وَ نَصِيراً
وَ كَفَى بِالْكِتَابِ حَجِيجاً وَ خَصِيماً
الوصية بالتقوى أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اَللَّهِ اَلَّذِي أَعْذَرَ بِمَا أَنْذَرَ
وَ اِحْتَجَّ بِمَا نَهَجَ
وَ حَذَّرَكُمْ عَدُوّاً نَفَذَ فِي اَلصُّدُورِ خَفِيّاً
وَ نَفَثَ فِي اَلْآذَانِ نَجِيّاً فَأَضَلَّ وَ أَرْدَى
وَ وَعَدَ فَمَنَّى
وَ زَيَّنَ سَيِّئَاتِ اَلْجَرَائِمِ
وَ هَوَّنَ مُوبِقَاتِ اَلْعَظَائِمِ
حَتَّى إِذَا اِسْتَدْرَجَ قَرِينَتَهُ
وَ اِسْتَغْلَقَ رَهِينَتَهُ
أَنْكَرَ مَا زَيَّنَ
وَ اِسْتَعْظَمَ مَا هَوَّنَ
وَ حَذَّرَ مَا أَمَّنَ
و منها في صفة خلق الإنسان أَمْ هَذَا اَلَّذِي أَنْشَأَهُ فِي ظُلُمَاتِ اَلْأَرْحَامِ
وَ شُغُفِ اَلْأَسْتَارِ
نُطْفَةً دِهَاقاً
وَ عَلَقَةً مِحَاقاً
وَ جَنِيناً وَ رَاضِعاً وَ وَلِيداً وَ يَافِعاً
ثُمَّ مَنَحَهُ قَلْباً حَافِظاً
وَ لِسَاناً لاَفِظاً
وَ بَصَراً لاَحِظاً
لِيَفْهَمَ مُعْتَبِراً
وَ يُقَصِّرَ مُزْدَجِراً
حَتَّى إِذَا قَامَ اِعْتِدَالُهُ
وَ اِسْتَوَى مِثَالُهُ
نَفَرَ مُسْتَكْبِراً
وَ خَبَطَ سَادِراً
مَاتِحاً فِي غَرْبِ هَوَاهُ
كَادِحاً سَعْياً لِدُنْيَاهُ فِي لَذَّاتِ طَرَبِهِ وَ بَدَوَاتِ أَرَبِهِ
ثُمَّ لاَ يَحْتَسِبُ رَزِيَّةً
وَ لاَ يَخْشَعُ تَقِيَّةً
فَمَاتَ فِي فِتْنَتِهِ غَرِيراً
وَ عَاشَ فِي هَفْوَتِهِ يَسِيراً
لَمْ يُفِدْ عِوَضاً
وَ لَمْ يَقْضِ مُفْتَرَضاً
دَهِمَتْهُ فَجَعَاتُ اَلْمَنِيَّةِ فِي غُبَّرِ جِمَاحِهِ
وَ سَنَنِ مِرَاحِهِ
فَظَلَّ سَادِراً
وَ بَاتَ سَاهِراً فِي غَمَرَاتِ اَلْآلاَمِ
وَ طَوَارِقِ اَلْأَوْجَاعِ وَ اَلْأَسْقَامِ
بَيْنَ أَخٍ شَقِيقٍ
وَ وَالِدٍ شَفِيقٍ
وَ دَاعِيَةٍ بِالْوَيْلِ جَزَعاً
وَ لاَدِمَةٍ لِلصَّدْرِ قَلَقاً
وَ اَلْمَرْءُ فِي سَكْرَةٍ مُلْهِثَةٍ وَ غَمْرَةٍ كَارِثَةٍ
وَ أَنَّةٍ مُوجِعَةٍ
وَ جَذْبَةٍ مُكْرِبَةٍ
وَ سَوْقَةٍ مُتْعِبَةٍ
ثُمَّ أُدْرِجَ فِي أَكْفَانِهِ مُبْلِساً
وَ جُذِبَ مُنْقَاداً سَلِساً
ثُمَّ أُلْقِيَ عَلَى اَلْأَعْوَادِ رَجِيعَ وَصَبٍ
وَ نِضْوَ سَقَمٍ
تَحْمِلُهُ حَفَدَةُ اَلْوِلْدَانِ
وَ حَشَدَةُ اَلْإِخْوَانِ إِلَى دَارِ غُرْبَتِهِ وَ مُنْقَطَعِ زَوْرَتِهِ وَ مُفْرَدِ وَحْشَتِهِ
حَتَّى إِذَا اِنْصَرَفَ اَلْمُشَيِّعُ
وَ رَجَعَ اَلْمُتَفَجِّعُ
أُقْعِدَ فِي حُفْرَتِهِ نَجِيّاً لِبَهْتَةِ اَلسُّؤَالِ
وَ عَثْرَةِ اَلاِمْتِحَانِ
وَ أَعْظَمُ مَا هُنَالِكَ بَلِيَّةً نُزُولُ اَلْحَمِيمِ
وَ تَصْلِيَةُ اَلْجَحِيمِ
وَ فَوْرَاتُ اَلسَّعِيرِ
وَ سَوْرَاتُ اَلزَّفِيرِ
لاَ فَتْرَةٌ مُرِيحَةٌ
وَ لاَ دَعَةٌ مُزِيحَةٌ
وَ لاَ قُوَّةٌ حَاجِزَةٌ
وَ لاَ مَوْتَةٌ نَاجِزَةٌ
وَ لاَ سِنَةٌ مُسَلِّيَةٌ
بَيْنَ أَطْوَارِ اَلْمَوْتَاتِ
وَ عَذَابِ اَلسَّاعَاتِ
إِنَّا بِاللَّهِ عَائِذُونَ
عِبَادَ اَللَّهِ أَيْنَ اَلَّذِينَ عُمِّرُوا فَنَعِمُوا
وَ عُلِّمُوا فَفَهِمُوا
وَ أُنْظِرُوا فَلَهَوْا
وَ سُلِّمُوا فَنَسُوا
أُمْهِلُوا طَوِيلاً
وَ مُنِحُوا جَمِيلاً
وَ حُذِّرُوا أَلِيماً
وَ وُعِدُوا جَسِيماً
اِحْذَرُوا اَلذُّنُوبَ اَلْمُوَرِّطَةَ
وَ اَلْعُيُوبَ اَلْمُسْخِطَةَ
أُولِي اَلْأَبْصَارِ وَ اَلْأَسْمَاعِ
وَ اَلْعَافِيَةِ وَ اَلْمَتَاعِ
هَلْ مِنْ مَنَاصٍ أَوْ خَلاَصٍ
أَوْ مَعَاذٍ أَوْ مَلاَذٍ
أَوْ فِرَارٍ أَوْ مَحَارٍ أَمْ لاَ
فَأَنّٰى تُؤْفَكُونَ
أَمْ أَيْنَ تُصْرَفُونَ
أَمْ بِمَا ذَا تَغْتَرُّونَ
وَ إِنَّمَا حَظُّ أَحَدِكُمْ مِنَ اَلْأَرْضِ ذَاتِ اَلطُّوْلِ وَ اَلْعَرْضِ قِيدُ قَدِّهِ
مُتَعَفِّراً عَلَى خَدِّهِ
اَلْآنَ عِبَادَ اَللَّهِ وَ اَلْخِنَاقُ مُهْمَلٌ
وَ اَلرُّوحُ مُرْسَلٌ فِي فَيْنَةِ اَلْإِرْشَادِ
وَ رَاحَةِ اَلْأَجْسَادِ
وَ بَاحَةِ اَلاِحْتِشَادِ
وَ مَهَلِ اَلْبَقِيَّةِ
وَ أُنُفِ اَلْمَشِيَّةِ
وَ إِنْظَارِ اَلتَّوْبَةِ
وَ اِنْفِسَاحِ اَلْحَوْبَةِ
قَبْلَ اَلضَّنْكِ وَ اَلْمَضِيقِ وَ اَلرَّوْعِ وَ اَلزُّهُوقِ
وَ قَبْلَ قُدُومِ اَلْغَائِبِ اَلْمُنْتَظَرِ
وَ إِخْذَةِ اَلْعَزِيزِ اَلْمُقْتَدِرِ
قال الشريف و في الخبر أنه عليه‌السلام لما خطب بهذه الخطبة اقشعرت لها الجلود
و بكت العيون و رجفت القلوب
و من الناس من يسمي هذه الخطبة الغراء
نهج البلاغه : خطبه ها
روانشناسى عمرو عاص
و من خطبة له عليه‌السلام في ذكر عمرو بن العاص
عَجَباً لاِبْنِ اَلنَّابِغَةِ
يَزْعُمُ لِأَهْلِ اَلشَّامِ أَنَّ فِيَّ دُعَابَةً
وَ أَنِّي اِمْرُؤٌ تِلْعَابَةٌ
أُعَافِسُ وَ أُمَارِسُ
لَقَدْ قَالَ بَاطِلاً
وَ نَطَقَ آثِماً
أَمَا وَ شَرُّ اَلْقَوْلِ اَلْكَذِبُ
إِنَّهُ لَيَقُولُ فَيَكْذِبُ
وَ يَعِدُ فَيُخْلِفُ
وَ يُسْأَلُ فَيَبْخَلُ
وَ يَسْأَلُ فَيُلْحِفُ
وَ يَخُونُ اَلْعَهْدَ
وَ يَقْطَعُ اَلْإِلَّ
فَإِذَا كَانَ عِنْدَ اَلْحَرْبِ فَأَيُّ زَاجِرٍ وَ آمِرٍ هُوَ مَا لَمْ تَأْخُذِ اَلسُّيُوفُ مَآخِذَهَا
فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَانَ أَكْبَرُ مَكِيدَتِهِ أَنْ يَمْنَحَ اَلْقِرْمَ سُبَّتَهُ
أَمَا وَ اَللَّهِ إِنِّي لَيَمْنَعُنِي مِنَ اَللَّعِبِ ذِكْرُ اَلْمَوْتِ
وَ إِنَّهُ لَيَمْنَعُهُ مِنْ قَوْلِ اَلْحَقِّ نِسْيَانُ اَلْآخِرَةِ
إِنَّهُ لَمْ يُبَايِعْ مُعَاوِيَةَ حَتَّى شَرَطَ أَنْ يُؤْتِيَهُ أَتِيَّةً
وَ يَرْضَخَ لَهُ عَلَى تَرْكِ اَلدِّينِ رَضِيخَةً
نهج البلاغه : خطبه ها
بیان صفات الهی
و من خطبة له عليه‌السلام و فيها بيان صفات الحق جل جلاله
ثم عظة الناس بالتقوى و المشورة
قَدْ عَلِمَ اَلسَّرَائِرَ
وَ خَبَرَ اَلضَّمَائِرَ
لَهُ اَلْإِحَاطَةُ بِكُلِّ شَيْءٍ
وَ اَلْغَلَبَةُ لِكُلِّ شَيْءٍ
وَ اَلْقُوَّةُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
عظة الناس
فَلْيَعْمَلِ اَلْعَامِلُ مِنْكُمْ فِي أَيَّامِ مَهَلِهِ
قَبْلَ إِرْهَاقِ أَجَلِهِ
وَ فِي فَرَاغِهِ قَبْلَ أَوَانِ شُغُلِهِ
وَ فِي مُتَنَفَّسِهِ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ بِكَظَمِهِ
وَ لْيُمَهِّدْ لِنَفْسِهِ وَ قَدَمِهِ
وَ لْيَتَزَوَّدْ مِنْ دَارِ ظَعْنِهِ لِدَارِ إِقَامَتِهِ
فَاللَّهَ اَللَّهَ أَيُّهَا اَلنَّاسُ فِيمَا اِسْتَحْفَظَكُمْ مِنْ كِتَابِهِ
وَ اِسْتَوْدَعَكُمْ مِنْ حُقُوقِهِ
فَإِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً
وَ لَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدًى
وَ لَمْ يَدَعْكُمْ فِي جَهَالَةٍ وَ لاَ عَمًى
قَدْ سَمَّى آثَارَكُمْ
وَ عَلِمَ أَعْمَالَكُمْ
وَ كَتَبَ آجَالَكُمْ
وَ أَنْزَلَ عَلَيْكُمُ اَلْكِتَابَ تِبْيٰاناً لِكُلِّ شَيْءٍ
وَ عَمَّرَ فِيكُمْ نَبِيَّهُ أَزْمَاناً
حَتَّى أَكْمَلَ لَهُ وَ لَكُمْ فِيمَا أَنْزَلَ مِنْ كِتَابِهِ دِينَهُ اَلَّذِي رَضِيَ لِنَفْسِهِ
وَ أَنْهَى إِلَيْكُمْ عَلَى لِسَانِهِ مَحَابَّهُ
مِنَ اَلْأَعْمَالِ وَ مَكَارِهَهُ
وَ نَوَاهِيَهُ وَ أَوَامِرَهُ
وَ أَلْقَى إِلَيْكُمُ اَلْمَعْذِرَةَ
وَ اِتَّخَذَ عَلَيْكُمُ اَلْحُجَّةَ
وَ قَدَّمَ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ
وَ أَنْذَرَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذٰابٍ شَدِيدٍ
فَاسْتَدْرِكُوا بَقِيَّةَ أَيَّامِكُمْ
وَ اِصْبِرُوا لَهَا أَنْفُسَكُمْ
فَإِنَّهَا قَلِيلٌ فِي كَثِيرِ اَلْأَيَّامِ
اَلَّتِي تَكُونُ مِنْكُمْ فِيهَا اَلْغَفْلَةُ
وَ اَلتَّشَاغُلُ عَنِ اَلْمَوْعِظَةِ
وَ لاَ تُرَخِّصُوا لِأَنْفُسِكُمْ
فَتَذْهَبَ بِكُمُ اَلرُّخَصُ مَذَاهِبَ اَلظَّلَمَةِ
وَ لاَ تُدَاهِنُوا
فَيَهْجُمَ بِكُمُ اَلْإِدْهَانُ عَلَى اَلْمَعْصِيَةِ
عِبَادَ اَللَّهِ
إِنَّ أَنْصَحَ اَلنَّاسِ لِنَفْسِهِ أَطْوَعُهُمْ لِرَبِّهِ
وَ إِنَّ أَغَشَّهُمْ لِنَفْسِهِ أَعْصَاهُمْ لِرَبِّهِ
وَ اَلْمَغْبُونُ مَنْ غَبَنَ نَفْسَهُ
وَ اَلْمَغْبُوطُ مَنْ سَلِمَ لَهُ دِينُهُ
وَ اَلسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ
وَ اَلشَّقِيُّ مَنِ اِنْخَدَعَ لِهَوَاهُ وَ غُرُورِهِ
وَ اِعْلَمُوا أَنَّ يَسِيرَ اَلرِّيَاءِ شِرْكٌ
وَ مُجَالَسَةَ أَهْلِ اَلْهَوَى مَنْسَاةٌ لِلْإِيمَانِ
وَ مَحْضَرَةٌ لِلشَّيْطَانِ
جَانِبُوا اَلْكَذِبَ فَإِنَّهُ مُجَانِبٌ لِلْإِيمَانِ
اَلصَّادِقُ عَلَى شَفَا مَنْجَاةٍ وَ كَرَامَةٍ
وَ اَلْكَاذِبُ عَلَى شَرَفِ مَهْوَاةٍ وَ مَهَانَةٍ
وَ لاَ تَحَاسَدُوا
فَإِنَّ اَلْحَسَدَ يَأْكُلُ اَلْإِيمَانَ
كَمَا تَأْكُلُ اَلنَّارُ اَلْحَطَبَ
وَ لاَ تَبَاغَضُوا فَإِنَّهَا اَلْحَالِقَةُ
وَ اِعْلَمُوا أَنَّ اَلْأَمَلَ يُسْهِي اَلْعَقْلَ
وَ يُنْسِي اَلذِّكْرَ
فَأَكْذِبُوا اَلْأَمَلَ فَإِنَّهُ غُرُورٌ
وَ صَاحِبُهُ مَغْرُورٌ
نهج البلاغه : خطبه ها
عوامل هلاكت انسانها
و من خطبة له عليه‌السلام و فيها بيان للأسباب التي تهلك الناس
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اَللَّهَ لَمْ يَقْصِمْ جَبَّارِي دَهْرٍ قَطُّ
إِلاَّ بَعْدَ تَمْهِيلٍ وَ رَخَاءٍ
وَ لَمْ يَجْبُرْ عَظْمَ أَحَدٍ مِنَ اَلْأُمَمِ إِلاَّ بَعْدَ أَزْلٍ وَ بَلاَءٍ
وَ فِي دُونِ مَا اِسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ عَتْبٍ
وَ مَا اِسْتَدْبَرْتُمْ مِنْ خَطْبٍ مُعْتَبَرٌ
وَ مَا كُلُّ ذِي قَلْبٍ بِلَبِيبٍ
وَ لاَ كُلُّ ذِي سَمْعٍ بِسَمِيعٍ
وَ لاَ كُلُّ نَاظِرٍ بِبَصِيرٍ
فَيَا عَجَباً
وَ مَا لِيَ لاَ أَعْجَبُ مِنْ خَطَإِ هَذِهِ اَلْفِرَقِ عَلَى اِخْتِلاَفِ حُجَجِهَا فِي دِينِهَا
لاَ يَقْتَصُّونَ أَثَرَ نَبِيٍّ
وَ لاَ يَقْتَدُونَ بِعَمَلِ وَصِيٍّ
وَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِغَيْبٍ
وَ لاَ يَعِفُّونَ عَنْ عَيْبٍ
يَعْمَلُونَ فِي اَلشُّبُهَاتِ
وَ يَسِيرُونَ فِي اَلشَّهَوَاتِ
اَلْمَعْرُوفُ فِيهِمْ مَا عَرَفُوا
وَ اَلْمُنْكَرُ عِنْدَهُمْ مَا أَنْكَرُوا
مَفْزَعُهُمْ فِي اَلْمُعْضِلاَتِ إِلَى أَنْفُسِهِمْ
وَ تَعْوِيلُهُمْ فِي اَلْمُهِمَّاتِ عَلَى آرَائِهِمْ
كَأَنَّ كُلَّ اِمْرِئٍ مِنْهُمْ إِمَامُ نَفْسِهِ
قَدْ أَخَذَ مِنْهَا فِيمَا يَرَى بِعُرًى ثِقَاتٍ
وَ أَسْبَابٍ مُحْكَمَاتٍ
نهج البلاغه : خطبه ها
توصیف بعثت
و من خطبة له عليه‌السلام في الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله و بلاغ الإمام عنه
أَرْسَلَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ اَلرُّسُلِ
وَ طُولِ هَجْعَةٍ مِنَ اَلْأُمَمِ
وَ اِعْتِزَامٍ مِنَ اَلْفِتَنِ
وَ اِنْتِشَارٍ مِنَ اَلْأُمُورِ
وَ تَلَظٍّ مِنَ اَلْحُرُوبِ
وَ اَلدُّنْيَا كَاسِفَةُ اَلنُّورِ
ظَاهِرَةُ اَلْغُرُورِ
عَلَى حِينِ اِصْفِرَارٍ مِنْ وَرَقِهَا
وَ إِيَاسٍ مِنْ ثَمَرِهَا
وَ اِغْوِرَارٍ مِنْ مَائِهَا
قَدْ دَرَسَتْ مَنَارُ اَلْهُدَى
وَ ظَهَرَتْ أَعْلاَمُ اَلرَّدَى
فَهِيَ مُتَجَهِّمَةٌ لِأَهْلِهَا
عَابِسَةٌ فِي وَجْهِ طَالِبِهَا
ثَمَرُهَا اَلْفِتْنَةُ
وَ طَعَامُهَا اَلْجِيفَةُ
وَ شِعَارُهَا اَلْخَوْفُ
وَ دِثَارُهَا اَلسَّيْفُ
فَاعْتَبِرُوا عِبَادَ اَللَّهِ
وَ اُذْكُرُوا تِيكَ اَلَّتِي آبَاؤُكُمْ وَ إِخْوَانُكُمْ بِهَا مُرْتَهَنُونَ
وَ عَلَيْهَا مُحَاسَبُونَ
وَ لَعَمْرِي مَا تَقَادَمَتْ بِكُمْ وَ لاَ بِهِمُ اَلْعُهُودُ
وَ لاَ خَلَتْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمُ اَلْأَحْقَابُ وَ اَلْقُرُونُ
وَ مَا أَنْتُمُ اَلْيَوْمَ مِنْ يَوْمَ كُنْتُمْ فِي أَصْلاَبِهِمْ بِبَعِيدٍ
وَ اَللَّهِ مَا أَسْمَعَكُمُ اَلرَّسُولُ شَيْئاً إِلاَّ وَ هَا أَنَا ذَا مُسْمِعُكُمُوهُ
وَ مَا أَسْمَاعُكُمُ اَلْيَوْمَ بِدُونِ أَسْمَاعِكُمْ بِالْأَمْسِ
وَ لاَ شُقَّتْ لَهُمُ اَلْأَبْصَارُ
وَ لاَ جُعِلَتْ لَهُمُ اَلْأَفْئِدَةُ فِي ذَلِكَ اَلزَّمَانِ
إِلاَّ وَ قَدْ أُعْطِيتُمْ مِثْلَهَا فِي هَذَا اَلزَّمَانِ
وَ وَ اَللَّهِ مَا بُصِّرْتُمْ بَعْدَهُمْ شَيْئاً جَهِلُوهُ
وَ لاَ أُصْفِيتُمْ بِهِ وَ حُرِمُوهُ
وَ لَقَدْ نَزَلَتْ بِكُمُ اَلْبَلِيَّةُ جَائِلاً خِطَامُهَا
رِخْواً بِطَانُهَا
فَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ مَا أَصْبَحَ فِيهِ أَهْلُ اَلْغُرُورِ
فَإِنَّمَا هُوَ ظِلٌّ مَمْدُودٌ إِلَى أَجَلٍ مَعْدُودٍ
نهج البلاغه : خطبه ها
خطبه اشباح
و من خطبة له عليه‌السلام تعرف بخطبة الأشباح
و هي من جلائل خطبه عليه‌السلام
رَوَى مَسْعَدَةُ بْنُ صَدَقَةَ عَنِ اَلصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عليهماالسلام أَنَّهُ قَالَ
خَطَبَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ بِهَذِهِ اَلْخُطْبَةِ عَلَى مِنْبَرِ اَلْكُوفَةِ
وَ ذَلِكَ أَنَّ رَجُلاً أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ صِفْ لَنَا رَبَّنَا مِثْلَ مَا نَرَاهُ عِيَاناً لِنَزْدَادَ لَهُ حُبّاً وَ بِهِ مَعْرِفَةً
فَغَضِبَ وَ نَادَى اَلصَّلاَةَ جَامِعَةً
فَاجْتَمَعَ اَلنَّاسُ حَتَّى غَصَّ اَلْمَسْجِدُ بِأَهْلِهِ
فَصَعِدَ اَلْمِنْبَرَ وَ هُوَ مُغْضَبٌ مُتَغَيِّرُ اَللَّوْنِ
فَحَمِدَ اَللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ
وَ صَلَّى عَلَى اَلنَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ثُمَّ قَالَ
وصف اللّه تعالى
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي لاَ يَفِرُهُ اَلْمَنْعُ وَ اَلْجُمُودُ
وَ لاَ يُكْدِيهِ اَلْإِعْطَاءُ وَ اَلْجُودُ
إِذْ كُلُّ مُعْطٍ مُنْتَقِصٌ سِوَاهُ
وَ كُلُّ مَانِعٍ مَذْمُومٌ مَا خَلاَهُ
وَ هُوَ اَلْمَنَّانُ بِفَوَائِدِ اَلنِّعَمِ
وَ عَوَائِدِ اَلْمَزِيدِ وَ اَلْقِسَمِ
عِيَالُهُ اَلْخَلاَئِقُ
ضَمِنَ أَرْزَاقَهُمْ
وَ قَدَّرَ أَقْوَاتَهُمْ
وَ نَهَجَ سَبِيلَ اَلرَّاغِبِينَ إِلَيْهِ
وَ اَلطَّالِبِينَ مَا لَدَيْهِ
وَ لَيْسَ بِمَا سُئِلَ بِأَجْوَدَ مِنْهُ بِمَا لَمْ يُسْأَلْ
اَلْأَوَّلُ اَلَّذِي لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْلٌ فَيَكُونَ شَيْءٌ قَبْلَهُ
وَ اَلْآخِرُ اَلَّذِي لَيْسَ لهُ بَعْدٌ فَيَكُونَ شَيْءٌ بَعْدَهُ
وَ اَلرَّادِعُ أَنَاسِيَّ اَلْأَبْصَارِ عَنْ أَنْ تَنَالَهُ أَوْ تُدْرِكَهُ
مَا اِخْتَلَفَ عَلَيْهِ دَهْرٌ فَيَخْتَلِفَ مِنْهُ اَلْحَالُ
وَ لاَ كَانَ فِي مَكَانٍ فَيَجُوزَ عَلَيْهِ اَلاِنْتِقَالُ
وَ لَوْ وَهَبَ مَا تَنَفَّسَتْ عَنْهُ مَعَادِنُ اَلْجِبَالِ
وَ ضَحِكَتْ عَنْهُ أَصْدَافُ اَلْبِحَارِ
مِنْ فِلِزِّ اَللُّجَيْنِ وَ اَلْعِقْيَانِ
وَ نُثَارَةِ اَلدُّرِّ
وَ حَصِيدِ اَلْمَرْجَانِ
مَا أَثَّرَ ذَلِكَ فِي جُودِهِ
وَ لاَ أَنْفَدَ سَعَةَ مَا عِنْدَهُ
وَ لَكَانَ عِنْدَهُ مِنْ ذَخَائِرِ اَلْأَنْعَامِ مَا لاَ تُنْفِدُهُ
مَطَالِبُ اَلْأَنَامِ
لِأَنَّهُ اَلْجَوَادُ اَلَّذِي لاَ يَغِيضُهُ سُؤَالُ اَلسَّائِلِينَ
وَ لاَ يُبْخِلُهُ إِلْحَاحُ اَلْمُلِحِّينَ
صفاته تعالى في القرآن
فَانْظُرْ أَيُّهَا اَلسَّائِلُ
فَمَا دَلَّكَ اَلْقُرْآنُ عَلَيْهِ مِنْ صِفَتِهِ فَائْتَمَّ بِهِ
وَ اِسْتَضِئْ بِنُورِ هِدَايَتِهِ
وَ مَا كَلَّفَكَ اَلشَّيْطَانُ عِلْمَهُ مِمَّا لَيْسَ فِي اَلْكِتَابِ عَلَيْكَ فَرْضُهُ
وَ لاَ فِي سُنَّةِ اَلنَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَ أَئِمَّةِ اَلْهُدَى أَثَرُهُ
فَكِلْ عِلْمَهُ إِلَى اَللَّهِ سُبْحَانَهُ
فَإِنَّ ذَلِكَ مُنْتَهَى حَقِّ اَللَّهِ عَلَيْكَ
وَ اِعْلَمْ أَنَّ اَلرَّاسِخِينَ فِي اَلْعِلْمِ
هُمُ اَلَّذِينَ أَغْنَاهُمْ عَنِ اِقْتِحَامِ اَلسُّدَدِ
اَلْمَضْرُوبَةِ دُونَ اَلْغُيُوبِ
اَلْإِقْرَارُ بِجُمْلَةِ مَا جَهِلُوا تَفْسِيرَهُ مِنَ اَلْغَيْبِ اَلْمَحْجُوبِ
فَمَدَحَ اَللَّهُ تَعَالَى اِعْتِرَافَهُمْ بِالْعَجْزِ عَنْ تَنَاوُلِ مَا لَمْ يُحِيطُوا بِهِ عِلْماً
وَ سَمَّى تَرْكَهُمُ اَلتَّعَمُّقَ فِيمَا لَمْ يُكَلِّفْهُمُ اَلْبَحْثَ عَنْ كُنْهِهِ رُسُوخاً
فَاقْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ
وَ لاَ تُقَدِّرْ عَظَمَةَ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ عَلَى قَدْرِ عَقْلِكَ
فَتَكُونَ مِنَ اَلْهَالِكِينَ
هُوَ اَلْقَادِرُ اَلَّذِي
إِذَا اِرْتَمَتِ اَلْأَوْهَامُ لِتُدْرِكَ مُنْقَطَعَ قُدْرَتِهِ
وَ حَاوَلَ اَلْفِكْرُ اَلْمُبَرَّأُ مِنْ خَطَرَاتِ اَلْوَسَاوِسِ
أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ فِي عَمِيقَاتِ غُيُوبِ مَلَكُوتِهِ
وَ تَوَلَّهَتِ اَلْقُلُوبُ إِلَيْهِ
لِتَجْرِيَ فِي كَيْفِيَّةِ صِفَاتِهِ
وَ غَمَضَتْ مَدَاخِلُ اَلْعُقُولِ فِي حَيْثُ لاَ تَبْلُغُهُ اَلصِّفَاتُ لِتَنَاوُلِ عِلْمِ ذَاتِهِ رَدَعَهَا
وَ هِيَ تَجُوبُ مَهَاوِيَ سُدَفِ اَلْغُيُوبِ
مُتَخَلِّصَةً إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ فَرَجَعَتْ إِذْ جُبِهَتْ
مُعْتَرِفَةً بِأَنَّهُ لاَ يُنَالُ بِجَوْرِ اَلاِعْتِسَافِ كُنْهُ مَعْرِفَتِهِ
وَ لاَ تَخْطُرُ بِبَالِ أُولِي اَلرَّوِيَّاتِ خَاطِرَةٌ مِنْ تَقْدِيرِ جَلاَلِ عِزَّتِه
اَلَّذِي اِبْتَدَعَ اَلْخَلْقَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ اِمْتَثَلَهُ
وَ لاَ مِقْدَارٍ اِحْتَذَى عَلَيْهِ مِنْ خَالِقٍ مَعْبُودٍ كَانَ قَبْلَهُ
وَ أَرَانَا مِنْ مَلَكُوتِ قُدْرَتِهِ
وَ عَجَائِبِ مَا نَطَقَتْ بِهِ آثَارُ حِكْمَتِهِ
وَ اِعْتِرَافِ اَلْحَاجَةِ مِنَ اَلْخَلْقِ إِلَى أَنْ يُقِيمَهَا بِمِسَاكِ قُوَّتِهِ
مَا دَلَّنَا بِاضْطِرَارِ قِيَامِ اَلْحُجَّةِ لَهُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ
فَظَهَرَتِ اَلْبَدَائِعُ اَلَّتِي أَحْدَثَتْهَا آثَارُ صَنْعَتِهِ
وَ أَعْلاَمُ حِكْمَتِهِ
فَصَارَ كُلُّ مَا خَلَقَ حُجَّةً لَهُ وَ دَلِيلاً عَلَيْهِ
وَ إِنْ كَانَ خَلْقاً صَامِتاً
فَحُجَّتُهُ بِالتَّدْبِيرِ نَاطِقَةٌ
وَ دَلاَلَتُهُ عَلَى اَلْمُبْدِعِ قَائِمَةٌ
فَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ شَبَّهَكَ بِتَبَايُنِ أَعْضَاءِ خَلْقِكَ
وَ تَلاَحُمِ حِقَاقِ مَفَاصِلِهِمُ اَلْمُحْتَجِبَةِ لِتَدْبِيرِ حِكْمَتِكَ
لَمْ يَعْقِدْ غَيْبَ ضَمِيرِهِ عَلَى مَعْرِفَتِكَ
وَ لَمْ يُبَاشِرْ قَلْبَهُ اَلْيَقِينُ بِأَنَّهُ لاَ نِدَّ لَكَ
وَ كَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ تَبَرُّؤَ اَلتَّابِعِينَ مِنَ اَلْمَتْبُوعِينَ
إِذْ يَقُولُونَ تَاللّٰهِ إِنْ كُنّٰا لَفِي ضَلاٰلٍ مُبِينٍ
إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ اَلْعٰالَمِينَ
كَذَبَ اَلْعَادِلُونَ بِكَ
إِذْ شَبَّهُوكَ بِأَصْنَامِهِمْ
وَ نَحَلُوكَ حِلْيَةَ اَلْمَخْلُوقِينَ بِأَوْهَامِهِمْ
وَ جَزَّءُوكَ تَجْزِئَةَ اَلْمُجَسَّمَاتِ بِخَوَاطِرِهِمْ
وَ قَدَّرُوكَ عَلَى اَلْخِلْقَةِ اَلْمُخْتَلِفَةِ اَلْقُوَى بِقَرَائِحِ عُقُولِهِمْ
وَ أَشْهَدُ أَنَّ مَنْ سَاوَاكَ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِكَ فَقَدْ عَدَلَ بِكَ
وَ اَلْعَادِلُ بِكَ كَافِرٌ بِمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ مُحْكَمَاتُ آيَاتِكَ
وَ نَطَقَتْ عَنْهُ شَوَاهِدُ حُجَجِ بَيِّنَاتِكَ
وَ إِنَّكَ أَنْتَ اَللَّهُ اَلَّذِي لَمْ تَتَنَاهَ فِي اَلْعُقُولِ
فَتَكُونَ فِي مَهَبِّ فِكْرِهَا مُكَيَّفاً
وَ لاَ فِي رَوِيَّاتِ خَوَاطِرِهَا فَتَكُونَ مَحْدُوداً مُصَرَّفاً
و منها قَدَّرَ مَا خَلَقَ فَأَحْكَمَ تَقْدِيرَهُ
وَ دَبَّرَهُ فَأَلْطَفَ تَدْبِيرَهُ
وَ وَجَّهَهُ لِوِجْهَتِهِ
فَلَمْ يَتَعَدَّ حُدُودَ مَنْزِلَتِهِ
وَ لَمْ يَقْصُرْ دُونَ اَلاِنْتِهَاءِ إِلَى غَايَتِهِ
وَ لَمْ يَسْتَصْعِبْ إِذْ أُمِرَ بِالْمُضِيِّ عَلَى إِرَادَتِهِ
فَكَيْفَ وَ إِنَّمَا صَدَرَتِ اَلْأُمُورُ عَنْ مَشِيئَتِهِ
اَلْمُنْشِئُ أَصْنَافَ اَلْأَشْيَاءِ بِلاَ رَوِيَّةِ فِكْرٍ آلَ إِلَيْهَا
وَ لاَ قَرِيحَةِ غَرِيزَةٍ أَضْمَرَ عَلَيْهَا
وَ لاَ تَجْرِبَةٍ أَفَادَهَا مِنْ حَوَادِثِ اَلدُّهُورِ
وَ لاَ شَرِيكٍ أَعَانَهُ عَلَى اِبْتِدَاعِ عَجَائِبِ اَلْأُمُورِ
فَتَمَّ خَلْقُهُ بِأَمْرِهِ
وَ أَذْعَنَ لِطَاعَتِهِ
وَ أَجَابَ إِلَى دَعْوَتِهِ
لَمْ يَعْتَرِضْ دُونَهُ رَيْثُ اَلْمُبْطِئِ
وَ لاَ أَنَاةُ اَلْمُتَلَكِّئِ
فَأَقَامَ مِنَ اَلْأَشْيَاءِ أَوَدَهَا
وَ نَهَجَ حُدُودَهَا
وَ لاَءَمَ بِقُدْرَتِهِ بَيْنَ مُتَضَادِّهَا
وَ وَصَلَ أَسْبَابَ قَرَائِنِهَا
وَ فَرَّقَهَا أَجْنَاساً مُخْتَلِفَاتٍ فِي اَلْحُدُودِ وَ اَلْأَقْدَارِ
وَ اَلْغَرَائِزِ وَ اَلْهَيْئَاتِ
بَدَايَا خَلاَئِقَ أَحْكَمَ صُنْعَهَا
وَ فَطَرَهَا عَلَى مَا أَرَادَ وَ ابْتَدَعَهَا
و منها في صفة السماء
وَ نَظَمَ بِلاَ تَعْلِيقٍ رَهَوَاتِ فُرَجِهَا
وَ لاَحَمَ صُدُوعَ اِنْفِرَاجِهَا
وَ وَشَّجَ بَيْنَهَا وَ بَيْنَ أَزْوَاجِهَا
وَ ذَلَّلَ لِلْهَابِطِينَ بِأَمْرِهِ
وَ اَلصَّاعِدِينَ بِأَعْمَالِ خَلْقِهِ حُزُونَةَ مِعْرَاجِهَا
وَ نَادَاهَا بَعْدَ إِذْ هِيَ دُخَانٌ
فَالْتَحَمَتْ عُرَى أَشْرَاجِهَا
وَ فَتَقَ بَعْدَ اَلاِرْتِتَاقِ صَوَامِتَ أَبْوَابِهَا
وَ أَقَامَ رَصَداً مِنَ اَلشُّهُبِ اَلثَّوَاقِبِ عَلَى نِقَابِهَا
وَ أَمْسَكَهَا مِنْ أَنْ تَمُورَ فِي خَرْقِ اَلْهَوَاءِ بِأَيْدِهِ
وَ أَمَرَهَا أَنْ تَقِفَ مُسْتَسْلِمَةً لِأَمْرِهِ
وَ جَعَلَ شَمْسَهَا آيَةً مُبْصِرَةً لِنَهَارِهَا
وَ قَمَرَهَا آيَةً مَمْحُوَّةً مِنْ لَيْلِهَا
وَ أَجْرَاهُمَا فِي مَنَاقِلِ مَجْرَاهُمَا
وَ قَدَّرَ سَيْرَهُمَا فِي مَدَارِجِ دَرَجِهِمَا
لِيُمَيِّزَ بَيْنَ اَللَّيْلِ وَ اَلنَّهَارِ بِهِمَا
وَ لِيُعْلَمَ عَدَدُ اَلسِّنِينَ وَ اَلْحِسَابُ بِمَقَادِيرِهِمَا
ثُمَّ عَلَّقَ فِي جَوِّهَا فَلَكَهَا
وَ نَاطَ بِهَا زِينَتَهَا مِنْ خَفِيَّاتِ دَرَارِيِّهَا
وَ مَصَابِيحِ كَوَاكِبِهَا
وَ رَمَى مُسْتَرِقِي اَلسَّمْعِ بِثَوَاقِبِ شُهُبِهَا
وَ أَجْرَاهَا عَلَى أَذْلاَلِ تَسْخِيرِهَا
مِنْ ثَبَاتِ ثَابِتِهَا
وَ مَسِيرِ سَائِرِهَا
وَ هُبُوطِهَا وَ صُعُودِهَا
وَ نُحُوسِهَا وَ سُعُودِهَا
و منها في صفة الملائكة
ثُمَّ خَلَقَ سُبْحَانَهُ لِإِسْكَانِ سَمَاوَاتِهِ
وَ عِمَارَةِ اَلصَّفِيحِ اَلْأَعْلَى مِنْ مَلَكُوتِهِ
خَلْقاً بَدِيعاً مِنْ مَلاَئِكَتِهِ
وَ مَلَأَ بِهِمْ فُرُوجَ فِجَاجِهَا
وَ حَشَا بِهِمْ فُتُوقَ أَجْوَائِهَا
وَ بَيْنَ فَجَوَاتِ تِلْكَ اَلْفُرُوجِ زَجَلُ اَلْمُسَبِّحِينَ مِنْهُمْ فِي حَظَائِرِ اَلْقُدُسِ
وَ سُتُرَاتِ اَلْحُجُبِ
وَ سُرَادِقَاتِ اَلْمَجْدِ وَ وَرَاءَ ذَلِكَ اَلرَّجِيجِ
اَلَّذِي تَسْتَكُّ مِنْهُ اَلْأَسْمَاعُ
سُبُحَاتُ نُورٍ تَرْدَعُ اَلْأَبْصَارَ عَنْ بُلُوغِهَا
فَتَقِفُ خَاسِئَةً عَلَى حُدُودِهَا
وَ أَنْشَأَهُمْ عَلَى صُوَرٍ مُخْتَلِفَاتٍ
وَ أَقْدَارٍ مُتَفَاوِتَاتٍ
أُولِي أَجْنِحَةٍ
تُسَبِّحُ جَلاَلَ عِزَّتِهِ
لاَ يَنْتَحِلُونَ مَا ظَهَرَ فِي اَلْخَلْقِ مِنْ صُنْعِهِ
وَ لاَ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَخْلُقُونَ شَيْئاً مَعَهُ مِمَّا اِنْفَرَدَ بِهِ
بَلْ عِبٰادٌ مُكْرَمُونَ
لاٰ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ
جَعَلَهُمْ اَللَّهُ فِيمَا هُنَالِكَ أَهْلَ اَلْأَمَانَةِ عَلَى وَحْيِهِ
وَ حَمَّلَهُمْ إِلَى اَلْمُرْسَلِينَ وَدَائِعَ أَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ
وَ عَصَمَهُمْ مِنْ رَيْبِ اَلشُّبُهَاتِ
فَمَا مِنْهُمْ زَائِغٌ عَنْ سَبِيلِ مَرْضَاتِهِ
وَ أَمَدَّهُمْ بِفَوَائِدِ اَلْمَعُونَةِ
وَ أَشْعَرَ قُلُوبَهُمْ تَوَاضُعَ إِخْبَاتِ اَلسَّكِينَةِ
وَ فَتَحَ لَهُمْ أَبْوَاباً ذُلُلاً إِلَى تَمَاجِيدِهِ
وَ نَصَبَ لَهُمْ مَنَاراً وَاضِحَةً عَلَى أَعْلاَمِ تَوْحِيدِهِ
لَمْ تُثْقِلْهُمْ مُوصِرَاتُ اَلْآثَامِ
وَ لَمْ تَرْتَحِلْهُمْ عُقَبُ اَللَّيَالِي وَ اَلْأَيَّامِ
وَ لَمْ تَرْمِ اَلشُّكُوكُ بِنَوَازِعِهَا عَزِيمَةَ إِيمَانِهِمْ
وَ لَمْ تَعْتَرِكِ اَلظُّنُونُ عَلَى مَعَاقِدِ يَقِينِهِمْ
وَ لاَ قَدَحَتْ قَادِحَةُ اَلْإِحَنِ فِيمَا بَيْنَهُمْ
وَ لاَ سَلَبَتْهُمُ اَلْحَيْرَةُ مَا لاَقَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِضَمَائِرِهِمْ
وَ مَا سَكَنَ مِنْ عَظَمَتِهِ وَ هَيْبَةِ جَلاَلَتِهِ فِي أَثْنَاءِ صُدُورِهِمْ
وَ لَمْ تَطْمَعْ فِيهِمُ اَلْوَسَاوِسُ فَتَقْتَرِعَ بِرَيْنِهَا عَلَى فِكْرِهِمْ
وَ مِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِي خَلْقِ اَلْغَمَامِ اَلدُّلَّحِ
وَ فِي عِظَمِ اَلْجِبَالِ اَلشُّمَّخِ
وَ فِي قَتْرَةِ اَلظَّلاَمِ اَلْأَيْهَمِ
وَ مِنْهُمْ مَنْ قَدْ خَرَقَتْ أَقْدَامُهُمْ تُخُومَ اَلْأَرْضِ اَلسُّفْلَى
فَهِيَ كَرَايَاتٍ بِيضٍ
قَدْ نَفَذَتْ فِي مَخَارِقِ اَلْهَوَاءِ
وَ تَحْتَهَا رِيحٌ هَفَّافَةٌ تَحْبِسُهَا عَلَى حَيْثُ اِنْتَهَتْ مِنَ اَلْحُدُودِ اَلْمُتَنَاهِيَةِ
قَدِ اِسْتَفْرَغَتْهُمْ أَشْغَالُ عِبَادَتِهِ
وَ وَصَلَتْ حَقَائِقُ اَلْإِيمَانِ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مَعْرِفَتِهِ
وَ قَطَعَهُمُ اَلْإِيقَانُ بِهِ إِلَى اَلْوَلَهِ إِلَيْهِ
وَ لَمْ تُجَاوِزْ رَغَبَاتُهُمْ مَا عِنْدَهُ إِلَى مَا عِنْدَ غَيْرِهِ
قَدْ ذَاقُوا حَلاَوَةَ مَعْرِفَتِهِ
وَ شَرِبُوا بِالْكَأْسِ اَلرَّوِيَّةِ مِنْ مَحَبَّتِهِ
وَ تَمَكَّنَتْ مِنْ سُوَيْدَاءِ
قُلُوبِهِمْ وَشِيجَةُ خِيفَتِهِ
فَحَنَوْا بِطُولِ اَلطَّاعَةِ اِعْتِدَالَ ظُهُورِهِمْ
وَ لَمْ يُنْفِدْ طُولُ اَلرَّغْبَةِ إِلَيْهِ مَادَّةَ تَضَرُّعِهِمْ
وَ لاَ أَطْلَقَ عَنْهُمْ عَظِيمُ اَلزُّلْفَةِ رِبَقَ خُشُوعِهِمْ
وَ لَمْ يَتَوَلَّهُمُ اَلْإِعْجَابُ فَيَسْتَكْثِرُوا مَا سَلَفَ مِنْهُمْ
وَ لاَ تَرَكَتْ لَهُمُ اِسْتِكَانَةُ اَلْإِجْلاَلِ نَصِيباً فِي تَعْظِيمِ حَسَنَاتِهِمْ
وَ لَمْ تَجْرِ اَلْفَتَرَاتُ فِيهِمْ عَلَى طُولِ دُءُوبِهِمْ
وَ لَمْ تَغِضْ رَغَبَاتُهُمْ فَيُخَالِفُوا عَنْ رَجَاءِ رَبِّهِمْ
وَ لَمْ تَجِفَّ لِطُولِ اَلْمُنَاجَاةِ أَسَلاَتُ أَلْسِنَتِهِمْ
وَ لاَ مَلَكَتْهُمُ اَلْأَشْغَالُ فَتَنْقَطِعَ بِهَمْسِ اَلْجُؤَارِ إِلَيْهِ أَصْوَاتُهُمْ
وَ لَمْ تَخْتَلِفْ فِي مَقَاوِمِ اَلطَّاعَةِ مَنَاكِبُهُمْ
وَ لَمْ يَثْنُوا إِلَى رَاحَةِ اَلتَّقْصِيرِ فِي أَمْرِهِ رِقَابَهُمْ
وَ لاَ تَعْدُو عَلَى عَزِيمَةِ جِدِّهِمْ بَلاَدَةُ اَلْغَفَلاَتِ
وَ لاَ تَنْتَضِلُ فِي هِمَمِهِمْ خَدَائِعُ اَلشَّهَوَاتِ
قَدِ اِتَّخَذُوا ذَا اَلْعَرْشِ ذَخِيرَةً لِيَوْمِ فَاقَتِهِمْ
وَ يَمَّمُوهُ عِنْدَ اِنْقِطَاعِ اَلْخَلْقِ إِلَى اَلْمَخْلُوقِينَ بِرَغْبَتِهِمْ
لاَ يَقْطَعُونَ أَمَدَ غَايَةِ عِبَادَتِهِ
وَ لاَ يَرْجِعُ بِهِمُ اَلاِسْتِهْتَارُ بِلُزُومِ طَاعَتِهِ
إِلاَّ إِلَى مَوَادَّ مِنْ قُلُوبِهِمْ غَيْرِ مُنْقَطِعَةٍ مِنْ رَجَائِهِ وَ مَخَافَتِهِ
لَمْ تَنْقَطِعْ أَسْبَابُ اَلشَّفَقَةِ مِنْهُمْ
فَيَنُوا فِي جِدِّهِمْ
وَ لَمْ تَأْسِرْهُمُ اَلْأَطْمَاعُ فَيُؤْثِرُوا وَشِيكَ اَلسَّعْيِ عَلَى اِجْتِهَادِهِمْ
لَمْ يَسْتَعْظِمُوا مَا مَضَى مِنْ أَعْمَالِهِمْ
وَ لَوِ اِسْتَعْظَمُوا ذَلِكَ لَنَسَخَ اَلرَّجَاءُ مِنْهُمْ شَفَقَاتِ وَجَلِهِمْ
وَ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي رَبِّهِمْ بِاسْتِحْوَاذِ اَلشَّيْطَانِ عَلَيْهِمْ
وَ لَمْ يُفَرِّقْهُمْ سُوءُ اَلتَّقَاطُعِ
وَ لاَ تَوَلاَّهُمْ غِلُّ اَلتَّحَاسُدِ
وَ لاَ تَشَعَّبَتْهُمْ مَصَارِفُ اَلرِّيَبِ
وَ لاَ اِقْتَسَمَتْهُمْ أَخْيَافُ اَلْهِمَمِ
فَهُمْ أُسَرَاءُ إِيمَانٍ
لَمْ يَفُكَّهُمْ مِنْ رِبْقَتِهِ زَيْغٌ وَ لاَ عُدُولٌ وَ لاَ وَنًى وَ لاَ فُتُورٌ
وَ لَيْسَ فِي أَطْبَاقِ اَلسَّمَاءِ مَوْضِعُ إِهَابٍ إِلاَّ وَ عَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ
أَوْ سَاعٍ حَافِدٌ
يَزْدَادُونَ عَلَى طُولِ اَلطَّاعَةِ بِرَبِّهِمْ عِلْماً
وَ تَزْدَادُ عِزَّةُ رَبِّهِمْ فِي قُلُوبِهِمْ عِظَماً
و منها في صفة الأرض و دحوها على الماء
كَبَسَ اَلْأَرْضَ عَلَى مَوْرِ أَمْوَاجٍ مُسْتَفْحِلَةٍ
وَ لُجَجِ بِحَارٍ زَاخِرَةٍ
تَلْتَطِمُ أَوَاذِيُّ أَمْوَاجِهَا
وَ تَصْطَفِقُ مُتَقَاذِفَاتُ أَثْبَاجِهَا
وَ تَرْغُو زَبَداً كَالْفُحُولِ عِنْدَ هِيَاجِهَا
فَخَضَعَ جِمَاحُ اَلْمَاءِ اَلْمُتَلاَطِمِ لِثِقَلِ حَمْلِهَا
وَ سَكَنَ هَيْجُ اِرْتِمَائِهِ إِذْ وَطِئَتْهُ بِكَلْكَلِهَا
وَ ذَلَّ مُسْتَخْذِياً
إِذْ تَمَعَّكَتْ عَلَيْهِ بِكَوَاهِلِهَا
فَأَصْبَحَ بَعْدَ اِصْطِخَابِ أَمْوَاجِهِ
سَاجِياً مَقْهُوراً
وَ فِي حَكَمَةِ اَلذُّلِّ مُنْقَاداً أَسِيراً
وَ سَكَنَتِ اَلْأَرْضُ مَدْحُوَّةً فِي لُجَّةِ تَيَّارِهِ
وَ رَدَّتْ مِنْ نَخْوَةِ بَأْوِهِ وَ اِعْتِلاَئِهِ
وَ شُمُوخِ أَنْفِهِ وَ سُمُوِّ غُلَوَائِهِ
وَ كَعَمَتْهُ عَلَى كِظَّةِ جَرْيَتِهِ
فَهَمَدَ بَعْدَ نَزَقَاتِهِ
وَ لَبَدَ بَعْدَ زَيَفَانِ وَثَبَاتِهِ
فَلَمَّا سَكَنَ هَيْجُ اَلْمَاءِ مِنْ تَحْتِ أَكْنَافِهَا
وَ حَمْلِ شَوَاهِقِ اَلْجِبَالِ اَلشُّمَّخِ اَلْبُذَّخِ عَلَى أَكْتَافِهَا
فَجَّرَ يَنَابِيعَ اَلْعُيُونِ مِنْ عَرَانِينِ أُنُوفِهَا
وَ فَرَّقَهَا فِي سُهُوبِ بِيدِهَا وَ أَخَادِيدِهَا
وَ عَدَّلَ حَرَكَاتِهَا بِالرَّاسِيَاتِ مِنْ جَلاَمِيدِهَا
وَ ذَوَاتِ اَلشَّنَاخِيبِ اَلشُّمِّ مِنْ صَيَاخِيدِهَا
فَسَكَنَتْ مِنَ اَلْمَيَدَانِ لِرُسُوبِ اَلْجِبَالِ فِي قِطَعِ أَدِيمِهَا وَ تَغَلْغُلِهَا
مُتَسَرِّبَةً فِي جَوْبَاتِ خَيَاشِيمِهَا
وَ رُكُوبِهَا أَعْنَاقَ سُهُولِ اَلْأَرَضِينَ وَ جَرَاثِيمِهَا
وَ فَسَحَ بَيْنَ اَلْجَوِّ وَ بَيْنَهَا
وَ أَعَدَّ اَلْهَوَاءَ مُتَنَسَّماً لِسَاكِنِهَا
وَ أَخْرَجَ إِلَيْهَا أَهْلَهَا عَلَى تَمَامِ مَرَافِقِهَا
ثُمَّ لَمْ يَدَعْ جُرُزَ اَلْأَرْضِ اَلَّتِي تَقْصُرُ مِيَاهُ اَلْعُيُونِ عَنْ رَوَابِيهَا
وَ لاَ تَجِدُ جَدَاوِلُ اَلْأَنْهَارِ ذَرِيعَةً إِلَى بُلُوغِهَا
حَتَّى أَنْشَأَ لَهَا نَاشِئَةَ سَحَابٍ تُحْيِي مَوَاتَهَا
وَ تَسْتَخْرِجُ نَبَاتَهَا
أَلَّفَ غَمَامَهَا بَعْدَ اِفْتِرَاقِ لُمَعِهِ
وَ تَبَايُنِ قَزَعِهِ
حَتَّى إِذَا تَمَخَّضَتْ لُجَّةُ اَلْمُزْنِ فِيهِ
وَ اِلْتَمَعَ بَرْقُهُ فِي كُفَفِهِ
وَ لَمْ يَنَمْ وَمِيضُهُ فِي كَنَهْوَرِ رَبَابِهِ
وَ مُتَرَاكِمِ سَحَابِهِ
أَرْسَلَهُ سَحّاً مُتَدَارِكاً
قَدْ أَسَفَّ هَيْدَبُهُ
تَمْرِيهِ اَلْجَنُوبُ دِرَرَ أَهَاضِيبِهِ
وَ دُفَعَ شَآبِيبِهِ
فَلَمَّا أَلْقَتِ اَلسَّحَابُ بَرْكَ بِوَانَيْهَا
وَ بَعَاعَ مَا اِسْتَقَلَّتْ بِهِ مِنَ اَلْعِبْءِ اَلْمَحْمُولِ عَلَيْهَا
أَخْرَجَ بِهِ مِنْ هَوَامِدِ اَلْأَرْضِ اَلنَّبَاتَ
وَ مِنْ زُعْرِ اَلْجِبَالِ اَلْأَعْشَابَ
فَهِيَ تَبْهَجُ بِزِينَةِ رِيَاضِهَا
وَ تَزْدَهِي بِمَا أُلْبِسَتْهُ مِنْ رَيْطِ أَزَاهِيرِهَا
وَ حِلْيَةِ مَا سُمِطَتْ بِهِ مِنْ نَاضِرِ أَنْوَارِهَا
وَ جَعَلَ ذَلِكَ بَلاَغاً لِلْأَنَامِ
وَ رِزْقاً لِلْأَنْعَامِ
وَ خَرَقَ اَلْفِجَاجَ فِي آفَاقِهَا
وَ أَقَامَ اَلْمَنَارَ لِلسَّالِكِينَ عَلَى جَوَادِّ طُرُقِهَا
فَلَمَّا مَهَدَ أَرْضَهُ
وَ أَنْفَذَ أَمْرَهُ
اِخْتَارَ آدَمَ عليه‌السلام خِيرَةً مِنْ خَلْقِهِ
وَ جَعَلَهُ أَوَّلَ جِبِلَّتِهِ
وَ أَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ
وَ أَرْغَدَ فِيهَا أُكُلَهُ
وَ أَوْعَزَ إِلَيْهِ فِيمَا نَهَاهُ عَنْهُ
وَ أَعْلَمَهُ أَنَّ فِي اَلْإِقْدَامِ عَلَيْهِ اَلتَّعَرُّضَ لِمَعْصِيَتِهِ
وَ اَلْمُخَاطَرَةَ بِمَنْزِلَتِهِ
فَأَقْدَمَ عَلَى مَا نَهَاهُ عَنْهُ
مُوَافَاةً لِسَابِقِ عِلْمِهِ
فَأَهْبَطَهُ بَعْدَ اَلتَّوْبَةِ لِيَعْمُرَ أَرْضَهُ بِنَسْلِهِ
وَ لِيُقِيمَ اَلْحُجَّةَ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ
وَ لَمْ يُخْلِهِمْ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ
مِمَّا يُؤَكِّدُ عَلَيْهِمْ حُجَّةَ رُبُوبِيَّتِهِ
وَ يَصِلُ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مَعْرِفَتِهِ
بَلْ تَعَاهَدَهُمْ بِالْحُجَجِ عَلَى أَلْسُنِ اَلْخِيَرَةِ مِنْ أَنْبِيَائِهِ
وَ مُتَحَمِّلِي وَدَائِعِ رِسَالاَتِهِ
قَرْناً فَقَرْناً
حَتَّى تَمَّتْ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وسلم حُجَّتُهُ
وَ بَلَغَ اَلْمَقْطَعَ عُذْرُهُ وَ نُذُرُهُ
وَ قَدَّرَ اَلْأَرْزَاقَ فَكَثَّرَهَا وَ قَلَّلَهَا
وَ قَسَّمَهَا عَلَى اَلضِّيقِ وَ اَلسَّعَةِ فَعَدَلَ فِيهَا
لِيَبْتَلِيَ مَنْ أَرَادَ بِمَيْسُورِهَا وَ مَعْسُورِهَا
وَ لِيَخْتَبِرَ بِذَلِكَ اَلشُّكْرَ وَ اَلصَّبْرَ مِنْ غَنِيِّهَا وَ فَقِيرِهَا
ثُمَّ قَرَنَ بِسَعَتِهَا عَقَابِيلَ فَاقَتِهَا
وَ بِسَلاَمَتِهَا طَوَارِقَ آفَاتِهَا
وَ بِفُرَجِ أَفْرَاحِهَا غُصَصَ أَتْرَاحِهَا
وَ خَلَقَ اَلْآجَالَ فَأَطَالَهَا وَ قَصَّرَهَا
وَ قَدَّمَهَا وَ أَخَّرَهَا
وَ وَصَلَ بِالْمَوْتِ أَسْبَابَهَا
وَ جَعَلَهُ خَالِجاً لِأَشْطَانِهَا
وَ قَاطِعاً لِمَرَائِرِ أَقْرَانِهَا
عَالِمُ اَلسِّرِّ مِنْ ضَمَائِرِ اَلْمُضْمِرِينَ
وَ نَجْوَى اَلْمُتَخَافِتِينَ
وَ خَوَاطِرِ رَجْمِ اَلظُّنُونِ
وَ عُقَدِ عَزِيمَاتِ اَلْيَقِينِ
وَ مَسَارِقِ إِيمَاضِ اَلْجُفُونِ
وَ مَا ضَمِنَتْهُ أَكْنَانُ اَلْقُلُوبِ
وَ غَيَابَاتُ اَلْغُيُوبِ
وَ مَا أَصْغَتْ لاِسْتِرَاقِهِ مَصَائِخُ اَلْأَسْمَاعِ
وَ مَصَائِفُ اَلذَّرِّ
وَ مَشَاتِي اَلْهَوَامِّ
وَ رَجْعِ اَلْحَنِينِ مِنَ اَلْمُولَهَاتِ
وَ هَمْسِ اَلْأَقْدَامِ
وَ مُنْفَسَحِ اَلثَّمَرَةِ مِنْ وَلاَئِجِ غُلُفِ اَلْأَكْمَامِ
وَ مُنْقَمَعِ اَلْوُحُوشِ مِنْ غِيرَانِ اَلْجِبَالِ وَ أَوْدِيَتِهَا
وَ مُخْتَبَإِ اَلْبَعُوضِ بَيْنَ سُوقِ اَلْأَشْجَارِ وَ أَلْحِيَتِهَا
وَ مَغْرِزِ اَلْأَوْرَاقِ مِنَ اَلْأَفْنَانِ
وَ مَحَطِّ اَلْأَمْشَاجِ مِنْ مَسَارِبِ اَلْأَصْلاَبِ
وَ نَاشِئَةِ اَلْغُيُومِ وَ مُتَلاَحِمِهَا
وَ دُرُورِ قَطْرِ اَلسَّحَابِ فِي مُتَرَاكِمِهَا
وَ مَا تَسْفِي اَلْأَعَاصِيرُ بِذُيُولِهَا
وَ تَعْفُو اَلْأَمْطَارُ بِسُيُولِهَا
وَ عَوْمِ بَنَاتِ اَلْأَرْضِ فِي كُثْبَانِ اَلرِّمَالِ
وَ مُسْتَقَرِّ ذَوَاتِ اَلْأَجْنِحَةِ بِذُرَا شَنَاخِيبِ اَلْجِبَالِ
وَ تَغْرِيدِ ذَوَاتِ اَلْمَنْطِقِ فِي دَيَاجِيرِ اَلْأَوْكَارِ
وَ مَا أَوْعَبَتْهُ اَلْأَصْدَافُ
وَ حَضَنَتْ عَلَيْهِ أَمْوَاجُ اَلْبِحَارِ
وَ مَا غَشِيَتْهُ سُدْفَةُ لَيْلٍ
أَوْ ذَرَّ عَلَيْهِ شَارِقُ نَهَارٍ
وَ مَا اِعْتَقَبَتْ عَلَيْهِ أَطْبَاقُ اَلدَّيَاجِيرِ
وَ سُبُحَاتُ اَلنُّورِ
وَ أَثَرِ كُلِّ خَطْوَةٍ
وَ حِسِّ كُلِّ حَرَكَةٍ
وَ رَجْعِ كُلِّ كَلِمَةٍ
وَ تَحْرِيكِ كُلِّ شَفَةٍ
وَ مُسْتَقَرِّ كُلِّ نَسَمَةٍ
وَ مِثْقَالِ كُلِّ ذَرَّةٍ وَ هَمَاهِمِ كُلِّ نَفْسٍ هَامَّةٍ
وَ مَا عَلَيْهَا مِنْ ثَمَرِ شَجَرَةٍ
أَوْ سَاقِطِ وَرَقَةٍ
أَوْ قَرَارَةِ نُطْفَةٍ
أَوْ نُقَاعَةِ دَمٍ وَ مُضْغَةٍ
أَوْ نَاشِئَةِ خَلْقٍ وَ سُلاَلَةٍ
لَمْ يَلْحَقْهُ فِي ذَلِكَ كُلْفَةٌ
وَ لاَ اِعْتَرَضَتْهُ فِي حِفْظِ مَا اِبْتَدَعَ مِنْ خَلْقِهِ عَارِضَةٌ
وَ لاَ اِعْتَوَرَتْهُ فِي تَنْفِيذِ اَلْأُمُورِ وَ تَدَابِيرِ اَلْمَخْلُوقِينَ مَلاَلَةٌ وَ لاَ فَتْرَةٌ
بَلْ نَفَذَهُمْ عِلْمُهُ
وَ أَحْصَاهُمْ عَدَدُهُ
وَ وَسِعَهُمْ عَدْلُهُ
وَ غَمَرَهُمْ فَضْلُهُ
مَعَ تَقْصِيرِهِمْ عَنْ كُنْهِ مَا هُوَ أَهْلُهُ
دعاء اَللَّهُمَّ أَنْتَ أَهْلُ اَلْوَصْفِ اَلْجَمِيلِ
وَ اَلتَّعْدَادِ اَلْكَثِيرِ
إِنْ تُؤَمَّلْ فَخَيْرُ مَأْمُولٍ
وَ إِنْ تُرْجَ فَخَيْرُ مَرْجُوٍّ
اَللَّهُمَّ وَ قَدْ بَسَطْتَ لِي فِيمَا لاَ أَمْدَحُ بِهِ غَيْرَكَ
وَ لاَ أُثْنِي بِهِ عَلَى أَحَدٍ سِوَاكَ
وَ لاَ أُوَجِّهُهُ إِلَى مَعَادِنِ اَلْخَيْبَةِ وَ مَوَاضِعِ اَلرِّيبَةِ
وَ عَدَلْتَ بِلِسَانِي عَنْ مَدَائِحِ اَلْآدَمِيِّينَ
وَ اَلثَّنَاءِ عَلَى اَلْمَرْبُوبِينَ اَلْمَخْلُوقِينَ
اَللَّهُمَّ وَ لِكُلِّ مُثْنٍ عَلَى مَنْ أَثْنَى عَلَيْهِ مَثُوبَةٌ مِنْ جَزَاءٍ
أَوْ عَارِفَةٌ مِنْ عَطَاءٍ
وَ قَدْ رَجَوْتُكَ دَلِيلاً عَلَى ذَخَائِرِ اَلرَّحْمَةِ وَ كُنُوزِ اَلْمَغْفِرَةِ
اَللَّهُمَّ وَ هَذَا مَقَامُ مَنْ أَفْرَدَكَ بِالتَّوْحِيدِ اَلَّذِي هُوَ لَكَ
وَ لَمْ يَرَ مُسْتَحِقّاً لِهَذِهِ اَلْمَحَامِدِ وَ اَلْمَمَادِحِ غَيْرَكَ
وَ بِي فَاقَةٌ إِلَيْكَ لاَ يَجْبُرُ مَسْكَنَتَهَا إِلاَّ فَضْلُكَ
وَ لاَ يَنْعَشُ مِنْ خَلَّتِهَا إِلاَّ مَنُّكَ وَ جُودُكَ
فَهَبْ لَنَا فِي هَذَا اَلْمَقَامِ رِضَاكَ
وَ أَغْنِنَا عَنْ مَدِّ اَلْأَيْدِي إِلَى سِوَاكَ
إِنَّكَ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ